مارادونا في الجزء الثاني من مقابلته يسهب بالحديث عن ميسي ونيمار وبيليه (2/3)
الاثنين الماضي كنا قد نشرنا الحلقة الأولى من المقابلة الخاصة التي أجرتها صحيفة الرأي، وفيها أبدى مارادونا رغبته الحقيقية بزيارة الأردن تلبية لدعوة الرأي، وتحدث عن قمة طموحاته عندما بدأ مسيرته الاحترافيه والمتمثلة ببناء منزل جديد لوالديه، وتطرق بإسهاب الى تجربته مع برشلونة الاسباني وأسباب رحيله بعد عام واحد فقط وعزاه الى خلافه مع رئيس النادي انذاك نونيز، وعن انجازاته مع المنتخب ومع نابولي الايطالي .. واليوم، في الحلقة الثانية، يسلط الاسطورة الاضواء على عودته مجدداً الى الأرجنتين وأسباب اعتزاله اللعبة، وعن منظومة كرة القدم الأرجنتينية وخلافاته مع جروندونا وبيلاردو، ويسهب بحديثه عن ميسي ونيمار وبيليه.
أجرى الحوار: أمجد المجالي وهبه الصباغ..
الرأي : عدت من أوروبا الى الأرجنتين، وتحديداً الى عشقك بوكا جونيورز، وقدمت مباريات رائعة لكنك فجأة قررت الاعتزال رغم أنك كنت قادراً على المواصلة، فهل هناك أسباب دفعت لاتخاذ ذلك القرار الصعب في حينه؟
انطلاقتي نحو أوروبا، الاحتراف، كانت من الملاعب الأرجنتينية، وأتذكر أن أجواء كرة القدم في ذلك الوقت كانت مثالية فالكل يخدم اللعبة من أجل اللعبة، ولهذا وبعد أن قررت إنهاء مسيرتي في الملاعب الأوروبية عدت الى موطني، وتحديداً الى نادي بوكا جونيورز، بيتي وعشقي، وكنت متحمساً لتقديم الاضافة وبالطبع امتاع واسعاد الجماهير لكنني تفاجأت بأن الأجواء اختلفت.
بمعنى آخر، شعرت بأن منظومة اتحاد كرة القدم في الأرجنتين تمر بأسوأ لحظاتها عبر التاريخ، وهنا أعني تحديداً الطريقة التي يقود بها جروندونا، رئيس الاتحاد، اللعبة في الأرجنتين، فهو كان يعتقد بأنه قدم الكثير للعبة ونفس الاعتقاد كان موجوداً لدى كارلوس بيلاردو المدير الفني للاتحاد، مع أن كل جماهير اللعبة في الأرجنتين كانت تعرف الحقيقة وتعرف انهما لم يقدما شيئاً للعبة، بل على العكس تماماً هما جعلا الاجواء غير مثالية، وأصبحت منظومة اللعبة في الأرجنتين تعاني من سياسة جروندونا، ومصالحه وحساباته الشخصية، وعليه فإن تلك الأجواء دفعتني للتوقف عن اللعب واتخاذ قرار الاعتزال.
سأعطيكم مثالاً على منظومة اللعبة في الأرجنتين بقيادة جروندونا، فهو قام بتعيين ابنه في منصب المدير لمنتخب الشباب الأرجنتيني مع أنه لم يلمس يوماً كرة القدم، ما يؤكد بأن كرة القدم الأرجنتينية ليس لها أي مستقبل مع جروندونا.
الرأي : لا يزال مشهد الدموع التي ذرفتها خلال مراسم تتويج المنتخب الألماني بلقب كأس العالم في ايطاليا 1990-حيث حل المنتخب الأرجنتيني وصيفاً- حاضراً في ذاكرة الملايين من عشاقك، فهل ذلك المشهد جاء بسبب فقدان اللقب أم بسبب الشعور بالظلم؟
كلا السببين، فأنا كنت تواقاً لتكرار انجاز مونديال المكسيك ونجحنا بتجاوز كل العقبات وصولاً الى المباراة النهائية وتكرر المشهد مع المنتخب الألماني، وكانت الأجوء في المنتخب تشبه بكثير تلك الأجواء والروح العالية التي عشناها في المكسيك، لكن كان يبدو أن هناك شيء يدور في الخفاء.
بدا أن الاتحاد الدولي «فيفا» كان مصمماً على عدم خروج اللقب من اوروبا، وللأسف ذلك القرار جرى ترتيبه وتنسيقه مع جروندونا رئيس الاتحاد الأرجنتيني، لأجل مصالحه العديدة مع فيفا، ولهذا جاء القرار المثير للجدل بإحتساب ركلة جزاء للمنتخب الالماني في الدقائق الأخيرة للمباراة، مع أن عديد النقاد أعلنوا صراحة بأن القرار غير سليم، ومن خلال الركلة فاز المنتخب الألماني باللقب، ولهذا فإنني شعرت بمقدار الحزن ولم أستطع ايقاف دموعي خلال مراسم التتويج، فالشعور بالظلم أصعب احساس.
رئيس «فيفا» جوزيف بلاتر لا يهمه اللعبة بقدر ما تهمه مصالحه، وادارته للاتحاد الدولي تشوبها العديد من الشوائب والشكوك، وسمعنا كثيراً عن فساد منظومة فيفا، ولهذا السبب فإنني رفضت خلال السنوات الماضية العديد من الدعوات التي تلقيتها منه شخصياً للتعاون مع فيفا، فأنا لا أستطيع العمل في أجواء غير صحية، ولا أقبل على نفسي أن أشارك في أي عمل يضر سمعة اللعبة.
الرأي : عودة إلى تصريحات سابقة، فلقد أكدت في أكثر من مرة بأن اللعب في أوروبا يشكل المقياس الحقيقي والتحدي الجاد لنجومية اللاعب، وكان ذلك موجهاً إلى البرازيلي بيليه، فماذا تنصح النجم الصاعد نيمار؟
بيليه كان يملك فرصة اللعب في أوروبا لكنه لم يفعل بعدما اختار اللعب فقط في اميركا اللاتينية، وانا أعيد التأكيد بان المحك الحقيقي لأي لاعب يكمن بخوض التحدي في الملاعب الأوروبية، ولهذا فإن مسيرة بيليه في الملاعب افتقرت الى تلك الفرصة والتحدي الهام.
أما عن نيمار فهو يملك المقومات التي تؤهله للعب في اوروبا والتعبير عن مواهبه ومهاراته، ما يجعله يخوض التحدي دون صعوبات ودون مشاكل فهو يملك القدرات والموهبة، والفرصة امامه وهو صاحب القرار.
الرأي : العديد من النقاد يجمعون على أن كرة القدم في عقدي الثمانينات والتسعينيات كانت تقدم المتعة والجمال أفضل بكثير من الوقت الحالي، فما هو رأيك، ولماذا؟
نحن نعيش حاليا أسوأ أوقات كرة القدم، في السابق كان النجوم يلعبون من أجل المتعة ولاسعاد الجماهير حتى أن الأجواء كانت أفضل بكثير، واتذكر عندما كنت لاعباً بان عديد المنتخبات والأندية تقدم الاضافة والمتعة، ورقعة المنافسة واسعة، كما أن عدد النجوم الذين كانوا يسعدون الجماهير كبير جداً، لكن المشهد في الوقت الحالي اختلف كثيراً، وعلى سبيل المثال لو قمنا باستثناء بعض اللاعبين المميزين مثل ميسي ورونالدو وانيستا وتشافي وروني وديفيد سيلفا، فإننا سنلحظ غياب المتعة نهائياً عن اللعبة.
ما أريد ايصاله أن كرة القدم الحالية ومتعتها أصبحت مرتبطة بعدد محدود من اللاعبين، كما بغياب اللاعبين الذي ذكرتهم فإننا لن نشاهد لاعباً يمرر كرة لزميله من على بعد 20م مثلاً، ولن نشاهد مهارات وفنيات، ما يؤكد أن المتعة التي تقدمها كرة القدم أصبحت مقتصرة على عدد محدود من اللاعبين، وهذا هو الاختلاف عن السابق.
الرأي : لنتحدث عن ميسي تحديداً، ما هي نصيحتك له حتى يمضي بمزيد من الألق والإنجاز، وهل تنزعج من تكرار المقارنات بينكما؟
من له الحق بتوجيه النصيحة لميسي هو والده فقط، فالأباء هم من يقدمون بالعادة النصائح للأبناء، وأنا لا أملك ذلك الحق لكي أوجه نصيحة لميسي أو لأي لاعب آخر.
وعن المقارنة معه فهي بالطبع لا تزعجني بل على العكس تماماً تسعدني فهو أفضل لاعب حالياً على مستوى العالم ويقدم مستويات رائعة ويحقق العديد من الانجازات والأرقام، كما أن المقارنة معه أخرجت بيليه من المقارنات التي كانت تعقد معي لسنوات طويلة: من الأفضل مارادونا أم بيليه؟ .. الأن تغيرت الصورة : من أفضل مارادونا أم ميسي ؟ .. ليس هناك ذكر لبيليه، فهو خرج من منصة المقارنات، حتى عندما تكون المقارنة ثلاثية بإضافة رونالدو، فإن بيليه خارج المقارنة ايضاً.
ذلك التغيير دفع أصدقاء بيليه لاختراع أي فكرة تساعده على الاستمرار والبقاء ضمن دائرة المقارنات، وكثيراً ما كان يزج نفسه بتصريحات مثيرة وغير مناسبة، فهو يريد أن يبقى حاضراً على الشاشة .. وتلك مشكلته، فهو عندما يمشي حالياً في الشارع تعتقد بأنه رجل حمايه «بودي جارد».
(الرأي)