الاندبندنت: ترقب شعبي أردني لقرار ينقذ ضحايا الاغتصاب من حياة الجحيم
جو 24 :
تتنظر النساءُ في الأردن بفارِغِ الصبرِ على أملِ أن يلغي الملك عبد الله الثاني قانوناً يسمح للمُغتصِبين بالإفلاتِ من العقوبة طالما يتزوَّجون الناجياتِ (اللائي نجون نفسياً بعد تعرضهن للاغتصاب أو يحاولن النجاة).
وأوصَت لجنةٌ قضائيةٌ ملكية مؤخراً بأن تُلغى المادة 308 من قانون العقوبات الأردني من قِبَلِ الملك، والتي تحمي الجناة في جرائم الاغتصاب واغتصاب القاصرات، والاختطاف، من الملاحقة القضائية إذا تزوَّجوا ضحاياهم، والذي يترأس السلطة القضائية والبرلمان الأردنيَّين.
وفقاً لما جاء في صحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن القرار قد يصدر في أي وقت.
وينص القضاء الأردني حالياً على أن جريمة الاغتصاب تُعاقَب بالحبس 7 سنوات أو الإعدام إذا كانت سِن الضحية 15 عاماً أو أقل. إلا أن هذا التشريع يتضمَّن ثغرةً من شأنها أن تُعلِّق أية ملاحقة جنائية إذا تزوَّج الطرفان مدة لا تقل عن 3 سنوات.
ووفقاً لإحصاءات وزارة العدل الأردنية، أفلت 159 مُغتصِباً من العقوبة بعد الزواج بضحاياهم، في الفترةِ من 2010 إلى 2013، كما رُصِدَ 300 مُغتصِب في المتوسط سنوياً خلال الفترة نفسها، رغم أن نشطاء يشيرون إلى أن الرقم من المُرجَّح أن يكون منقوصاً بصورةٍ حادة عما هو صحيح في بلدٍ تُحظَر فيه العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.
وفي الحالات المُتطرِّفة، يمكن أن تُقتَل النساء اللاتي يُبلِّغن عن الاغتصاب فيما يُسمَّى "جرائم الشرف".
وقالت سعاد أبو دية، مستشارة حملة منظمة "المساواة الآن" النسوية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عبر الهاتف من عمَّان: "إنَّنا في عام 2017! كيف يُسمَح لمُغتَصِب بأن يسير حراً، وفي الوقت نفسه تُحال حياة الفتاة أو المرأة إلى جحيم؟!".
ضحايا للقانون
وعملت منظمة "المساواة الآن" مع نور، وهو اسمٌ مستعار، والتي أصبحت حاملاً في سن الـ20 عاماً بعد تخديرها واغتصابها من جانب ربّ عملها، وهو رجلٌ في العقد الخامس.
وقالت: "لم أستطع أن أخبر عائلتي بما حدث. بكيتُ وبكيتُ لأنّي لم أعرف ماذا أفعل... لقد حاول أن يُهدِّأني قائلاً: سأتزوَّجك، ووعد بالذهاب إلى أسرتي وأن يطلب يدي. وحتى يجعلني أكثر ثقةً، أحضر ورقةً ووقَّع كلانا عليها لتكون بمثابة عقد زواج".
ولم تكن نور راغبةً في الزواج بمُغتصِبها، إلّا أنَّها شعرت بأن لا مفرَّ أمامها بعدما اكتشفت أنَّها أصبحت حاملاً.
وقالت: "على الرغم من كل الكراهية التي كانت في قلبي، أرغمتني عائلتي على الزواج به من أجل إنقاذ شرف العائلة".
وأضافت: "تزوَّجتُه وانتقلتُ للعيش معه بكل الذكريات السيئة للاغتصاب والخداع. اعتقدتُ أنَّ حياتي مع طفلي ربما تجعلني سعيدة، غير أنَّي كنتُ مخطئةً؛ إذ تدهورت حالتي. لقد كان كل أملي في الزواج به هو أن أجعل طفلي آمناً".
وبعد ذلك، أقامت نور، بمساعدة مستشارٍ قانوني، دعوى للطلاق من مُغتصِبها، لكنَّها تواجه معركةً في المحكمة؛ حتى تضمن أن يُقِرَّ الرجل ويقبل حضانتها للطفل بصورةٍ قانونية.
وقالت سُعاد أبو دية: "حينما يُسمَح لرجل بأن يتزوَّج ضحيته، فإنَّ دائرة الانتهاكات قد تستمر مع مزيدٍ من الصدمات العاطفية، والاعتداءات، والتجاهل".
وأضافت: "ستتعرَّض لمزيدٍ من العنف الأسري والاعتداءات الجنسية، ومن المُرجَّح أن تُقيَّد حركتها وألّا يكون لها دورٌ في اتَّخاذ القرارات داخل الأسرة".
وأردفت: "وفي الوقت نفسه، يُكافأ الرجل بدلاً من معاقبته على ما أقدم عليه".
وتُوجَد بنود زواجٍ شبيهة في القانون المُتعلِّق بالقبول الجنسي (أي موافقة المرأة على الممارسة الجنسية) في الكثير من الدول الإسلامية الحديثة. وعادةً ما تكون من بقايا تفسيراتٍ للشريعة.
وخلال السنوات الأخيرة، خضعت تلك الثغرات لتدقيقٍ مُكثَّف، في ظل احتجاجاتٍ تهدف إلى تغيير القانون في العديد من الدول بالشرق الأوسط، وذلك على الرغم من أنَّ تركيا تخلَّت العام الماضي، عن محاولاتٍ لتمرير قانونٍ من شأنه أن يسمح بالعفو عن الرجال الذين مارسوا الجنس مع الأطفال ما دون السن في حال تزوَّجوا بضحاياهم، وذلك بعدما أثار التشريع المُقترَح الغضب داخل البلاد وخارجها.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنَّ ما يقارب مليون فتاة وسيدة يتعرَّضن للاغتصاب والاعتداء الجنسي على مدار حياتهن.
وقالت سعاد أبو دية إنَّ منظمة "المساواة الآن" تأمل أن يكون إلغاء القانون في الأردن "مثالاً جيداً" آخر على حقوق المرأة في المنطقة.
وخلال السنوات الأخيرة، أغلق المغرب، ومصر، وإثيوبيا ثغراتٍ تشريعية مماثلة، كما يُنتَظَر أن تطرأ تغييراتٍ على القانون في كلٍ من لبنان والبحرين.