الغاء (ناجح - راسب).. الوزير الرزاز قفز إلى الأمام وبدأ من حيث النهاية!
جو 24 :
* جسر الهوة بين المدارس ومستوى الخدمة فيها أولا..
أحمد الحراسيس - قراران مهمان ومفصليان اتخذهما وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز خلال أسبوع واحد فيما يتعلق بشهادة الثانوية العامة وتعديل أسس الحصول عليها، الأول بمنح الطلبة فرصا غير محدودة دون أن يستنفد حقّه ويعيد دراسة جميع المواد التي تقدّم بها، والثاني هو الغاء الرسوب والنجاح واعتماد المجموع العام لعلامات الطلبة في امتحان التوجيهي من (1400) مع تحديد ترتيب الطالب في كلّ مادة على مستوى المملكة، وذلك في خطوة تشبه "الغاء التوجيهي" وهو الامتحان والمقياس الأكثر دقة لمستوى التعليم.
الرزاز وهو الاداري والاقتصادي الناجح للغاية يروّج ويسوّق قراراته تلك بأنها التزام بما ورد في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي صادق مجلس الوزراء عليها. وبالتأكيد لا أحد يعترض على مساعي تطوير التعليم، ولكن هنالك ملاحظات بوجود مزاجية في تطبيق توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية..
الاستراتيجية -التي نتحفظ على بعض توصياتها- تحدثت عن بنود كثيرة في مساعي تطوير التعليم العام؛ تبدأ بنشر وتعميم فكرة رياض الأطفال في المحافظات والقرى النائية، وافتتاح مدارس جديدة وفق خطط مدروسة، وتحليل ضعف أداء المدارس الصغيرة، وتحسين البيئة المدرسية، ثمّ انشاء مركز مستقل للمناهج، وتطوير المناهج الدراسية، وأخيرا احداث تغيير على امتحان التوجيهي وتعميم الاصلاحات على مستوى منظومة التعليم بشكل كامل بما فيها قطاع التعليم العالي.. لكن الملاحظ أن الرزاز اختار القفز إلى الأمام والبدء من نهاية خطة اصلاح التعليم وبما سيتسبب بنتائج عكسية ستُفشل وتنسف كلّ مساعي اصلاح العملية التربوية بكلّ تأكيد.
حاولنا خلال الأيام الماضية فهم المنطق الذي عمل الرزاز على أساسه، فالأصل بالوزير هو العمل على جسر الفجوة الواسعة بين مستوى المدارس في مختلف أنحاء المملكة "الحكومية منها والخاصة" سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية المتهالكة في الأطراف والمحافظات أو بنوعية المعلمين المؤهلين هنا وهناك، وهذا ما لم يقترب الرزاز منه أبدا؛ ربما بسبب عدم اعتبار رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أن ذلك الأمر ذا أولوية!
في الواقع إن الوزير الرزاز ذهب لتطبيق وانفاذ توصيات اصلاح التعليم التي لا تكلّف الحكومة الأموال، متجاوزا في ذلك باقي التوصيات الأساسية والضرورية، وهذا خطأ كبير سيلحق الضرر بشبابنا وابنائنا وبخاصة الفقراء منهم؛ فالنوايا الآن تتجه نحو اجراء تغييرات على نظام التوجيهي وتعديل آلية القبول في الجامعات والغاء الاستثناءات وتخفيض المنح الجامعية لصالح تحويلها إلى قروض، وهذا تضييق على الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وإلّا لكانت الأولوية للاهتمام بمستوى التعليم في المدارس ذات الظروف الخاصة المنتشرة في أنحاء المملكة.
الظلم سيقع على الفقراء وأبناء المحافظات لا محالة إن بقيت الحكومة تبحث عن توفير الأموال بعدم التوسع في افتتاح المدارس وتحسين البنية التحتية في المناطق الأقل حظا، وعدم التوسع بافتتاح رياض الأطفال واختيار كفاءات مؤهلة على أعلى درجة للعمل فيها، وإن لم تجد وزارة التربية حلّا للمدارس ذات الظروف الخاصة، وإن لم تقم الوزارة بتدريب وتأهيل المعلمين بشكل حقيقي، ولم تجعل الحكومة مهنة التعليم جاذبة لأصحاب الكفاءات قبل تطوير المناهج واجراء تعديلات على نظام التوجيهي.. وهذا الظلم لن يقبل به أحد أبدا..