بورتريه.. محمد ابو حمور.. ناتج تفاعل الدماثة وطيب المعشر
جو 24 :
كتب أحمد العكور -
هو من هناك، وله في حيّها ذكريات. ولد كما يولد الاردنيون في العادة. بيده حفنة أمل وحقيبة من طموح. وكالاردنيين أيضا، له نافذة تُطِلُّ على حديقة الدنيا، يطيب له ان يقف أمامها، سارحا بتلك العينين الهادئتين. لا يقول شيئا، ولا يلتفت. هو بين بين. كأنه يرى ما لا يُرى.
هو محمد ابو حمور أصغر وزير مالية في العالم يعهد إليه بالمنصب.
إن كنت حقا تريد أن ترى ما يرى، وهو يقف امام نافذته، وأي خيول الأفكار يراقبها وهي تلهو في حديقته، فعليك اولاً ان تعود بعربة الزمان بعيدا، حيث العام 1961، وفيه وُلِد.
على الضفة الجبلية للنهر وُلِد. روحٌ تطلّ من أجل فجر تختبئ شمسه خلف جبال السلط حياء، فتطل مرة وتختفي مرة، هكذا كأن الصباح، ساخن مثل رغيف خبز يغمّس شمسه في كأس الودي.
حينها، سترى والده الحاج سالم محمد ابو حمور ووالدته الحاجة تمام العطيات، يعتنيان بالضيف الجديد للعائلة السلطية، ويهدهدان أحلامه، حلم تلو حلم، حتى إذا ما سمعا جرس المدرسة حَمَلَاه وصعدا به أدراجا سلطية، درجة درجة. بينما هو مشغول بحضن دفتره، يطير به شوقا الى معلّمه. معلّم سيخجل منه محمد اذا مدح، وسيخجل منه اذا عاتب. وفي الحالين سيشبّ ابو حمور برمش العين.
يتكئ الشاب محمد - الذي سيحصل على جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد اكثر من عقدين - على سند تاريخي يتصل حتى قبيل حمير التي ينقل عبد عبد الروضان في كتابه "موسوعة القبائل العربية" عن القائد الروماني إيليوس جالوس الذي جرَّد حملة عسكرية على جنوبي بلاد العرب في عام 25 قبل الميلاد قوله إنَّ قبيلة حِمْيَر هم أوفر القبائل عددا في جنوب الجزيرة العربية.
وفق الروضان، فإنَّ الحِمْيَريين كانوا يحكمون الجزءَ الأكبرَ من جنوبي بلاد العرب من البحر الأحمر "بحر القلزم" والمحيط الهندي إلى حضرموت إلى جانبٍ من الساحل الإفريقي الشرقي , وكانت مدينة ظِفار "عُمان" عاصمة الدولة الحميرية، ومن أشهر ملوك حِمْيَر سيف بن ذي يزن الحِمْيَري الذي حارب الأحباشَ وطردهم من اليمن.
قليلا من الصبر، وشيئا من الدنيا، سيصعد الشاب السلّم، سلّم درجاته كثيرة الحياء والهدوء والعلم. وكما كان متوقعا ينهى ابو حمور ثانويته من مدرسة السلط، وما أدراك ما مدرسة السلط.
لم يكن يلعب محمد في إربد فهذا كان متوقعا ان يتخرج من جامعتها الوحيدة آنذاك في شهادة البكالوريوس عام 1984م، بمرتبة الشرف. هذا جيد. لكنه لن يكتفي به، سيحمل حقيبته مجددا، ويرحل الى أم الجامعات "الأردنية"، وفيها سيكمل مشوار الماجستير عام 1989م، ثم يطير الى بريطانيا حيث جامعة surrey سنة 1997 التي تخرج منها حاصلا على الدكتوراه في الاقتصاد والمالية العامة.
الشاب، ومنذ أن كان مستشارا لوزير المالية، ورئيسا لوحدة الرقابة المالية ونائبا لرئيس لجنة تقييم الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي من 1998 لغاية 2000، ظهر للعمل العام، سيحمل حقيبته ويمضي نحو سهول حوران حيث جامعة اليرموك ليدرس الاقتصاد.
لهذا كان من المفهوم ان يحمل حقائب، وزارة الصناعة والتجارة في حكومة علي ابو الراغب الثالثة عام 2003، ثم المالية في حكومة فيصل الفايز التي خلفتها من 2003-2005، ورئيس للهيئة التنفيذية للتخاصية من 2005 لغاية 2007، فرئيس مجلس إدارة شركة البوتاس العربية سنة 2007، ثم يعود وزيرا للمالية عام 2009 في حكومة سمير الرفاعي، ثم في حكومة معروف البخيت التي اعقبتها.
إِذاً، هو مَنْ هو. له كما للأردنيين، من النهر شرقه، ومن الزيتون غربه، ومن الخيل سماؤه، فماذا يريد أكثر. في الحقيقة يريد أكثر.
تابعو الأردن 24 على 
