الأردن.. "إصلاحات قانونية" أم "تضييق على الحريات"؟
جو 24 :
أحال مجلس الوزراء الأردني إلى مجلس النواب، الثلاثاء، مشروع قانون معدل لقانون العقوبات الأردني.
وتطال التعديلات 170 مادة من القانون، وتأتي بعدما شكل العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني في تشرين الأول/أكتوبر 2016 لجنة ملكية لتطوير القضاء؛ أوصت بتعديل جملة من القوانين، وعلى رأسها قانون العقوبات.
لكن ناشطين عماليين ونوابا يرون في هذا "التطوير"؛ "ردة عن الإصلاح، ومخالفة للدستور الأردني والمعاهدات الدولية"، فالقانون المعدل يجرم الإضرابات والاعتصامات العمالية، و"يصادر حقوق العمال في التجمع السملي".
إذ تنص المادة 183 من مشروع قانون العقوبات المعدل؛ على أن "كل موظف أو مستخدم، عاما كان أم خاصا، امتنع عن العمل بهدف الضغط لتحقيق مطلب معين أو حرض على ذلك في المؤسسات التي تقدم خدمات عامة أو أساسية للجمهور، يعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بالغرامة من 50 إلى 200 دينار"؛ وهو تعديل اعتبره النائب صالح العرموطي (نقيب المحامين الأسبق)، "حجرا على العقل والفكر، من خلال فرض وتغليظ العقوبة وخاصة على الموظفين، وتوسع في الجباية"، على حد وصفه.
ويقول العرموطي : "مشروع القانون اعتداء صارخ على الدستور والقوانين والمعاهدات الدولية، وعلى حقوق المواطن الأردني، وجاء لجباية الأموال بعد أن رفع الغرامات المالية"، مطالبا مجلس النواب برفض التعديلات.
"محاولة لضرب أي حراك مستقبلي"
وتأتي محاولة الحكومة الأردنية لتجريم المضربين والمعتصمين؛ بعد أن أظهرت مؤشرات لمراكز دراسات عمالية ارتفاع أعداد الاعتصامات المطلبية، وبعد أن تمكنت الحركة العمالية في الأردن من تحصيل حقوق العمال من خلال الإضرابات في قطاعات عديدة خلال السنوات الماضية من أبرزها: إضراب شركة عمال الكهرباء، وإضراب شركة الموانئ، وإضراب شركة الفوسفات، وإضرابات المعلمين.
وبيّن التقرير السنوي السابع حول الاحتجاجات العمالية، للمرصد العمالي لعام 2016، أن "الاحتجاجات العمالية التي جرت في الأردن خلال عام 2016؛ ازدادت بمقدار 22 في المئة عما كانت عليه في عام 2015، حيث بلغ عددها 288 احتجاجا عماليا، مقارنة مع 236 احتجاجا في عام 2015".
ويصف رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، عزام الصمادي، مشروع القانون بـ "بردة إلى الوراء للحريات العامة، وتضييقا للخناق على كل من يطالب بحقه".
ورأى أن المشروع "مناقض لقانون العمل الأردني الذي يتحدث عن حق الإضراب وحق الاعتصام، ومناقض تماما لكل الاتفاقيات الدولية التي التزم فيها الأردن من بينها اتفاقية منظمة العمل الدولية"، معتبرا أن مشروع القانون جاء "محاولة لضرب أي حراك مستقبلي أو مطلبي للعمال أو للموظفين في القطاعين العام والخاص"، وفق تقديره.
أما الحكومة الأردنية فقد ردت على منتقدي التعديلات، على لسان وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء ممدوح العبادي، خلال مناقشة أولية للمشروع تحت قبة البرلمان الثلاثاء. وقال العبادي إن أعضاء اللجنة الملكية "ليسوا هواة في التشريع"، مؤكدا أن "الحكومة مستعدة لمناقشة القانون مع اللجنة القانونية النيابية لتعديل ما تجده مناسبا"، كما قال.
تشريعات تضيق على طلبة المدارس
ويتزامن طرح مشروع قانون العقوبات الجديد؛ مع إقرار الحكومة الأردنية الاثنين الماضي؛ تعليمات الانضباط الطلابي في المدارس، والتي تضمنت عقوبة الفصل من التعليم في حال "الإساءة لأصحاب المقامات العليا والراية الأردنية أو الرموز الأردنية".
لكن مصدرا في وزارة التربية والتعليم الأردنية قال لـ"عربي21"؛ إن الوزارة "ستعيد النظر في هذه التعليمات"، مضيفا: "التعليمات التي نشرت في الجريدة الرسمية مقرة منذ عام 2007، ولم تعدل الوزارة سوى بندين يتعلقان بقضية التدخين في المدرسة والاعتداء بالضرب على الطلاب والمعلمين"، وفق المصدر.
بدوره، يربط منسق حملة "ذبحتونا" الطلابية، فاخر دعاس، بين إقرار تعليمات الانضباط الطلابي، وبين توجهات حكومية لإقرار جملة من التشريعات "المقيدة للحريات"، مثل قانون العقوبات، وأنظمة التأديب في الجامعات، وتشريعات الإعلام.
وأضاف دعاس ، أن "العقلية الأمنية هي التي تصوغ هذه التشريعات"، معبرا عن استغرابه من أن "يفصل طالب مدرسة لم يكتمل إدراكه أو في حالة غضب؛ أساء للمقامات العليا أو رموز الدولة، عوضا عن تقييم سلوكه بأسلوب تربوي"، وفق تعبيره.
الحريات الإعلامية.. تشريعات مقيدة
أما على صعيد الحريات الإعلامية، فقد بيّن تقرير لمركز حماية وحرية الصحفيين حول مؤشرات الحريات الإعلامية في الأردن، نشر الاثنين الماضي، أنها "لم تشهد تقدما لافتا، وفي الوقت ذاتهلم تشهد انتكاسات، وسادت حالة الإحباط والتشاؤم عند الصحفيين"، بحسب ما جاء في التقرير.
ويقول الرئيس التنفيذي للمركز، نضال منصور، لـ"عربي21"، إن "التشريعات والقوانين تحولت لأداة تقييد لحرية التعبير والإعلام ولا تتواءم مع الدستور والمعايير الدولية لحرية الإعلام وحقوق الإنسان".
وأوضح تقرير حالة الحريات الإعلامية الذي حمل عنوان "مُنع من النشر"؛ أن الانتهاكات والتجاوزات التي وقعت بحق الصحفيين توزعت على 24 شكلا ونوعا، وكان أبرزها المنع من التغطية والنشر والمعاملة المهينة والتهديد بالإيذاء، بالإضافة إلى الاعتقال وحجز الحرية التعسفي.عربي 21
وتطال التعديلات 170 مادة من القانون، وتأتي بعدما شكل العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني في تشرين الأول/أكتوبر 2016 لجنة ملكية لتطوير القضاء؛ أوصت بتعديل جملة من القوانين، وعلى رأسها قانون العقوبات.
لكن ناشطين عماليين ونوابا يرون في هذا "التطوير"؛ "ردة عن الإصلاح، ومخالفة للدستور الأردني والمعاهدات الدولية"، فالقانون المعدل يجرم الإضرابات والاعتصامات العمالية، و"يصادر حقوق العمال في التجمع السملي".
إذ تنص المادة 183 من مشروع قانون العقوبات المعدل؛ على أن "كل موظف أو مستخدم، عاما كان أم خاصا، امتنع عن العمل بهدف الضغط لتحقيق مطلب معين أو حرض على ذلك في المؤسسات التي تقدم خدمات عامة أو أساسية للجمهور، يعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بالغرامة من 50 إلى 200 دينار"؛ وهو تعديل اعتبره النائب صالح العرموطي (نقيب المحامين الأسبق)، "حجرا على العقل والفكر، من خلال فرض وتغليظ العقوبة وخاصة على الموظفين، وتوسع في الجباية"، على حد وصفه.
ويقول العرموطي : "مشروع القانون اعتداء صارخ على الدستور والقوانين والمعاهدات الدولية، وعلى حقوق المواطن الأردني، وجاء لجباية الأموال بعد أن رفع الغرامات المالية"، مطالبا مجلس النواب برفض التعديلات.
"محاولة لضرب أي حراك مستقبلي"
وتأتي محاولة الحكومة الأردنية لتجريم المضربين والمعتصمين؛ بعد أن أظهرت مؤشرات لمراكز دراسات عمالية ارتفاع أعداد الاعتصامات المطلبية، وبعد أن تمكنت الحركة العمالية في الأردن من تحصيل حقوق العمال من خلال الإضرابات في قطاعات عديدة خلال السنوات الماضية من أبرزها: إضراب شركة عمال الكهرباء، وإضراب شركة الموانئ، وإضراب شركة الفوسفات، وإضرابات المعلمين.
وبيّن التقرير السنوي السابع حول الاحتجاجات العمالية، للمرصد العمالي لعام 2016، أن "الاحتجاجات العمالية التي جرت في الأردن خلال عام 2016؛ ازدادت بمقدار 22 في المئة عما كانت عليه في عام 2015، حيث بلغ عددها 288 احتجاجا عماليا، مقارنة مع 236 احتجاجا في عام 2015".
ويصف رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، عزام الصمادي، مشروع القانون بـ "بردة إلى الوراء للحريات العامة، وتضييقا للخناق على كل من يطالب بحقه".
ورأى أن المشروع "مناقض لقانون العمل الأردني الذي يتحدث عن حق الإضراب وحق الاعتصام، ومناقض تماما لكل الاتفاقيات الدولية التي التزم فيها الأردن من بينها اتفاقية منظمة العمل الدولية"، معتبرا أن مشروع القانون جاء "محاولة لضرب أي حراك مستقبلي أو مطلبي للعمال أو للموظفين في القطاعين العام والخاص"، وفق تقديره.
أما الحكومة الأردنية فقد ردت على منتقدي التعديلات، على لسان وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء ممدوح العبادي، خلال مناقشة أولية للمشروع تحت قبة البرلمان الثلاثاء. وقال العبادي إن أعضاء اللجنة الملكية "ليسوا هواة في التشريع"، مؤكدا أن "الحكومة مستعدة لمناقشة القانون مع اللجنة القانونية النيابية لتعديل ما تجده مناسبا"، كما قال.
تشريعات تضيق على طلبة المدارس
ويتزامن طرح مشروع قانون العقوبات الجديد؛ مع إقرار الحكومة الأردنية الاثنين الماضي؛ تعليمات الانضباط الطلابي في المدارس، والتي تضمنت عقوبة الفصل من التعليم في حال "الإساءة لأصحاب المقامات العليا والراية الأردنية أو الرموز الأردنية".
لكن مصدرا في وزارة التربية والتعليم الأردنية قال لـ"عربي21"؛ إن الوزارة "ستعيد النظر في هذه التعليمات"، مضيفا: "التعليمات التي نشرت في الجريدة الرسمية مقرة منذ عام 2007، ولم تعدل الوزارة سوى بندين يتعلقان بقضية التدخين في المدرسة والاعتداء بالضرب على الطلاب والمعلمين"، وفق المصدر.
بدوره، يربط منسق حملة "ذبحتونا" الطلابية، فاخر دعاس، بين إقرار تعليمات الانضباط الطلابي، وبين توجهات حكومية لإقرار جملة من التشريعات "المقيدة للحريات"، مثل قانون العقوبات، وأنظمة التأديب في الجامعات، وتشريعات الإعلام.
وأضاف دعاس ، أن "العقلية الأمنية هي التي تصوغ هذه التشريعات"، معبرا عن استغرابه من أن "يفصل طالب مدرسة لم يكتمل إدراكه أو في حالة غضب؛ أساء للمقامات العليا أو رموز الدولة، عوضا عن تقييم سلوكه بأسلوب تربوي"، وفق تعبيره.
الحريات الإعلامية.. تشريعات مقيدة
أما على صعيد الحريات الإعلامية، فقد بيّن تقرير لمركز حماية وحرية الصحفيين حول مؤشرات الحريات الإعلامية في الأردن، نشر الاثنين الماضي، أنها "لم تشهد تقدما لافتا، وفي الوقت ذاتهلم تشهد انتكاسات، وسادت حالة الإحباط والتشاؤم عند الصحفيين"، بحسب ما جاء في التقرير.
ويقول الرئيس التنفيذي للمركز، نضال منصور، لـ"عربي21"، إن "التشريعات والقوانين تحولت لأداة تقييد لحرية التعبير والإعلام ولا تتواءم مع الدستور والمعايير الدولية لحرية الإعلام وحقوق الإنسان".
وأوضح تقرير حالة الحريات الإعلامية الذي حمل عنوان "مُنع من النشر"؛ أن الانتهاكات والتجاوزات التي وقعت بحق الصحفيين توزعت على 24 شكلا ونوعا، وكان أبرزها المنع من التغطية والنشر والمعاملة المهينة والتهديد بالإيذاء، بالإضافة إلى الاعتقال وحجز الحرية التعسفي.عربي 21