السطحية والتغييب.. خطيئة المناهج "شاهد الفيديو"
كثيرون ينتقدون الجيل الحالي المتهم بانسلاخه عن ثقافة أمته، وعن القراءة، والحقيقة أن الظروف التي نشأ فيها هذا الجيل أسهمت في إبعاده عن مصادر المعرفة الأصيلة، كما لعبت المناهج التعليمية دورا مهما في ذلك.
وفي هذا الصدد يقول التربوي ونائب الامين العام في الحزب الشيوعي فرج الطميزي إنه لم يجد في المناهج المدرسية أرضية تساعد على منح الطالب آلية تفكير، كونها مناهج تلقينية غير صالحة لأن تكون مدخلات لعملية التعليم الجامعي.
ويعتقد أن السبب خلف تراجع المناهج يعود إلى أنه يتم وضعها كبنية تحتية تنفيذية لسياسة النظام، لذا تم الغاء منهج القضية الفلسطينية قبيل توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل، لذا كان يتم استبعاد أدباء الاردن من المناهج لأنهم ببساطة كانوا في تيار المعارضة. ليتم إنشاء منهاج غير قادر على الاجابة على أسئلة كثيرة حول ما يحيط بنا، ويسأل الناس بعد ذلك عن سبب "سطحية الجيل الحالي" !
ويعود الطميزي إلى بدايات وضع المناهج التربوية في المملكة، مشيرا إلى أن فلسفة التربية والتعليم في الخمسينات وللأسف وضعتها عقول جامدة لا تؤمن بمبدأ التفكير، وفق الطميزي الذي يضيف قائلا "لهذا السبب أصبح من الضروري إحداث تغيير في المناهج.. وبناء على ذلك عقِد في العام 1986 مؤتمر لتطوير المناهج، واعتقدنا أنه سيصل بنا إلى مناهج تواكب المتغيرات، لكن للأسف فإن تغيير المناهج الذي شهدناه كان خطوة للخلف".
ونعود إلى حلقة التيه في تطوير كل شيء في مجتمعنا، فالمناهج القديمة التي كان يتوق التربويون لتغييرها، أصبحت محل حنين، اذ يقول الطميزي " وإن المناهج القديمة كان فيها شيء أفضل مما هو موجود حاليا".
ويبين الطميزي سبب أفضلية مخرجات التربية والتعليم في الستينيات، رغم ان المدارس الحالية أكثر بناء وتطورا من المدارس في السابق، ورغم أن مستويات المعلمين العلمية اليوم تفوق ما بلغه المعلمون في الستينيات، إلا أن ذلك كله لا ينعكس ايجابا عل مخرجات التعليم الجامعي اليوم، مؤكدا أن مخرجات التعليم اليوم متأخرة ومتخلفة عن مخرجات التعليم في الستينيات والسبعينيات.
وفي سياق متصل وأثناء تجول كاميرا عرمرم بين طلبة المدارس، تبين جهل غالبيتهم لشعراء الاردن، مقابل معرفتهم بشعراء مصر والعصر العباسي، وأحيانا الاموي، بل إن الحديث معهم حول الشعر كان يثير لديهم السخرية والضحك.
ولمن لا يدرك قيمة الادب والشعر في صياغة مستقبل الامم فقد شكل الشعر والأدب على مر العصور، درب الخلاص للأمم، كونه وسيلة لاقناع الجماهير بقيم الحرية والتغيير، ففي أمم غيرنا توحد الأدباء مع الساسة وشاركوا برسم خارطة التغيير السياسي، لذا نجد هذه المكانة العليا للأدب في الدول الديمقراطية.
إلى جانب ما سبق فإن الأدب وأسس التعليم القادرة على خلق جيل منتج للمعرفة، تسهم بشكل أو بآخر في بتعميق مفهوم الهوية الوطنية وترسيخها.
لكن السؤال، كيف يسلك الأدب طريقه للناس؟ يرى مراقبون وتربويون أن الحاضنة الأولى للتعريف بأدباء البلد هي التعليم، يليها الإعلام، ومن هنا يبدأ البحث؛ إلى أي مدى تقدم المناهج التعليمية غذاء فكريا ثقافيا سليما يبني الاجيال القادمة، ويعرفها بالأدباء الذين شكلوا ذاكرة وهوية البلد؟
يبين الطميزي أنه وبعد تغيير المناهج تم شطب العديد من الاشعار الوطنية، كقصائد سليمان العيسى وأبو القاسم الشابي التي تبقي الطالب متواصلا مع شعبه ووطنه ومع همومه ومشكلاته.