مركز تمكين يصدر ورقة تقدير موقف بمناسبة اليوم العالمي للعمال
جو 24 :
بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يُصادف الأول من أيار كل عام، ارتأى مركز تمكين للدعم والمساندة إصدار ورقة تقدير يسلط فيها الضوء على ظروف العمال المهاجرين في الأردن.
وتتناول ورقة تقدير الموقف ظروف وبيئة عمل العمال المهاجرين، على اختلاف جنسياتهم وقطاعات عملهم، والجهود التي بذلها الأردن في تعديل تشريعاته لحمايتهم والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم، والإيفاء بإلتزاماته أمام المجتمع الدولي من خلال مصادقته على الاتفاقيات الدولية.
ونُشير ابتداءً أن ظروف العمال المهاجرين في الأردن، لا تزال تُبارح مكانها منذ أعوام، رغم وجود خطوات واسعة وملموسة لحماية هذه الفئات تشريعياً، إلا أن بعض الممارسات وبعض الثغرات تُعيق وتُعثر هذه الخطوات.
وعليه تُلخص الورقة أهم قضايا العمال المهاجرين في الأردن بما يلي:
الإطار القانوني لحماية العمال المهاجرين
-إن الأردن ملزم بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضم إليها بحماية حقوق العمال المهاجرين المقيمين داخل إقليمه، حيث تشمل أحكام هذه الاتفاقيات جميع الأفراد ضمن إقليم الدولة المعنية والخاضعين لولايتها دون تمييز من أي نوع, سواء كان ذلك بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو صفة الولادة أو غيرها.
-انضم الأردن للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي نشرت في الجريدة الرسمية وأصبحت جزءا من القانون الأردني، منها: العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللذان أكدا على ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما انضم الأردن إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إضافة إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة عبر الوطنية لسنة 2000 والبروتوكولات الملحقة بها، منها البروتوكول المتعلق بمنع وحظر الاتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال.
-يلتزم الأردن بعدد من اتفاقيات العمل الدولية أهمها: حرية تكوين الجمعيات، والاعتراف الفعلي بحق المفاوضة الجماعية، والقضاء على السخرة أو العمل القسري، وإلغاء عمل الأطفال، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهن.
- الأردن ملزم بإعلان المبادئ باعتباره من الأعضاء في منظمة العمل الدولية، كما أنه وقّع على 24 اتفاقية عمل دولية نشر منها في الجريدة الرسمية 14 اتفاقية فقط.
-جرى انضواء العاملين في المنازل وعمال الزراعة إلى قانون العمل في عام 2008، إلا أن ذات القانون أحالهم إلى نظام، وقد صدر نظام العاملين في المنازل، ولم يصدر نظام العمال الزراعيين مما جعل هذا الانضواء منقوصاً.
-يلتزم صاحب العمل الأردني بإصدار إذن الإقامة وتصريح العمل، إلا أنه إذا أهمل بهذا الخصوص أو امتنع عن القيام بهذه الالتزامات فإن العامل المهاجر هو من تترتب عليه الغرامات، وهو من تقع عليه العقوبة ويكون معرضاً للتوقيف بسبب مخالفته لأحكام قانون الإقامة وشئون الأجانب.
الإطار العام للعمال المهاجرين في الأردن
-يبلغ عدد العمال المهاجرين في الأردن ما يقارب المليون و200000، الموثقين منهم ما يقارب 300,798.
-لوزارة العمل الدور الرئيسي في التعامل مع العمال المهاجرين من حيث تنظيم عملهم وآلية الاستقدام ومنح تصاريح العمل، ثم وزارة الداخلية المسؤولة عن منح أذون الإقامات واصدار التأشيرات، كذلك مديرية الأمن العام بأقسامها المختلفة من حيث تنفيذ القوانين والأنظمة والأوامر الرسمية، ومعاونة السلطات العامة بتأدية وظائفها.
-يتعرض العمال المهاجرون في الأردن لانتهاكات عدة أهمها: حرمانهم من الأجور أو تأخيرها، وحجز الحرية، وحرمانهم من الرعاية الصحية، وعدم تجديد تصريح الاقامة والعمل وأحيانا عدم استصدارهما، وحجز جواز السفر، وحرمانهم من غالبية حقوقهم العمالية التي نص عليها قانون العمل.
حرية العامل في اختيار طبيعة عمله وصاحب العمل
-حثت التشريعات الدولية والوطنية على صون حق العامل في اختيار عمله وعدم إجباره على العمل.
-نظام الكفالة يربط العمال المهاجرين بأصحاب العمل، دون القدرة على تغيير صاحب العمل، ودون تمكينه بشكل كاف من اللجوء للقضاء، بالتالي وضع السلطة في يد صاحب العمل، وتقييد حرية العامل في اختيار طبيعة عمله، وصاحب العمل.
-تضمنت تعليمات شروط واجراءات استخدام واستقدام العاملين غير الأردنيين عدداً من النصوص التي تقيد انتقال العمال الأجانب من رب عمل إلى آخر، والنصوص المذكورة تأثير سلبي، على أوضاع العمال المهاجرين ومراكزهم القانونية في الأردن، خاصة وأن من شأنها إعاقة حق العامل في اختيار عمله، الأمر الذي يدفعه للهرب بغية تغيير عمله أو صاحب العمل؛ فيصبح بالنتيجة عاملاً مهاجراً غير نظامي.
-المنظومة القانونية التي تتناول انتقال العامل من صاحب عمل إلى أخر تفضي إلى انتقال العمال، خاصة العاملين في المنازل والعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، من صاحب عمل إلى آخر انتقالاً فعلياً "ممارس على أرض الواقع" لا قانونياً ، ويجري ذلك غالباً خلال هروب العمال.
انتهاكات حقوق عاملات المنازل
-رغم عدم وجود أي نص يلزم العاملة صراحة بالبقاء ليلا نهارا في المنزل، إلا أن معظم عاملات المنازل يعانين من الاحتجاز القسري في مكان العمل، مما يعد حرمانا من الحرية ويصعب معه الابلاغ عن أي انتهاك تتعرض له عاملة المنزل.
-ويأتي العنف المعنوي في أولى درجات الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل حيث يعانين من المعاملة السيئة ويتعرضن لشتى أنواع الترهيب والعنف والأهانة والتحقير والشتائم والصراخ والظروف المعيشية السيئة وغير اللائقة والتي أشبه بالعبودية ، كما تتعرض العديد من العاملات إلى الإساءات الجسدية وتتعرض بعضهن إلى التحرش الجنسي وأحيانا الاغتصاب، ومع احتجاز العاملات خلف الأيواب المغلقة، يصعب إثبات هذه الانتهاكات.
-تعاني العديد من عاملات المنازل من الحرمان من الرعاية الصحية حيث قد تعرض عدد من العاملات إلى السقوط من الشرفات العالية أثناء تنظيفها، بدون توفر أية وسائل للأمان، مما يؤدي إلى سقوطهن ووفاة العديد منهن أو إصابتهن بكسور خطيرة ، قد تسبب لهن عطلا مدى حياتهن.
-وتعاني بعض العاملات من الحرمان من الطعام سواء من حيث الكمية أو النوعية، وكذلك الحق في الخصوصية، حيث لا تتوافر للكثيرات منهن غرف خاصة بأبواب مغلقة.
- تعاني العديد من العاملات من ضغط العمل سواء من حيث طول ساعات العمل أو حجم العمل المراد انجازه، ذلك رغم أن نظام العاملين في المنازل قد حدد ساعات العمل ب 8 ساعات مرنة، ورغم ان النظام قد نص على على حق العاملة بيوم راحة أسبوعية وإجازة سنوية وإجازة مرضية، إلا أن معظم العاملات تحرمن من هذا الحق.
العمال في المناطق الصناعية المؤهلة
-يبلغ عدد العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة 50135 عاملا منهم 38789 من العمال المهاجرين يتوزعون 11499 ذكور، و 27290 من الإناث، و11346 عاملا أردنياً يتوزعون 4301 ذكور، و7944 من الإناث.
-يتعرض العديد من العاملين في المناطق الصناعية المؤهلى لعدد من الانتهاكات جرى رصدها من قبل مركز تمكين للدعم والمساندة، ذلك من خلال الشكاوى التي وردت إلى المركز، ومن خلال الزيارات الميدانية التي قام بها فريق العمل لبعض المناطق الصناعية ومن خلال مقابلة العديد من العمال، أهمها عدم دفع الأجور وبدل العمل الإضافي، وطول ساعات العمل والحرمان من الإجازات، والتعديل القسري لعقد العمل، والإيذاء والتحرش الجنسي.
العمال السوريون
- يخضع اللاجئون السورييون في عملهم في الأردن إلى قانون العمل الأردني عدا عن الأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة عن وزارة العمل الأردنية، فعمل اللاجئ السوري مرتبط بالمادة (12) من قانون العمل المعدل رقم (26) لعام 2010، التي تنص على اتباع وتنفيذ آليات وشروط استقدام العمال المهاجرين ضمن تعليمات تصدرها وزارة العمل وتغريم من يخالف هذه التعليمات بمبلغ لا يقل عن 200 دينارا ولا يزيد عن 500 دينارا.
-الاتفاقيات الدولية التي تحكم عمل اللاجئين في الأردن، تتمثل بالعهود والمواثيق الدولية وبخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يتعلق باللاجئين تحديداً، إلا أنه من غير الموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وبروتوكول 1967 الخاصين بوضع اللاجئين، وتربطه فقط اتفاقية بين الحكومة ومفوضية شؤون اللاجئين.
-وفقاً لقرار وزارة العمل الصادر بداية العام 2016، تقرر إغلاق عدة مهن أمام العمال المهاجرين وهو ما يسري أيضاً على العمال السوريين، مع عدم السماح بإشغالها إلا من قبل العمال الأردنيين.
-يتعرض العمال السوريون في الأردن لانتهاكات عدة أهمها تدني الأجور، وحرمانهم من عمل البدل الإضافي، وعدم شمولهم في مظلة الضمان الاجتماعي.
الصحة والسلامة المهنية
-تعتبر الحوادث والأمراض المهنية الأسباب الرئيسية لإصابات والوفيات بين العمال، وسجّلت بيانات الضمان الاجتماعي وقوع حادثة عمل كل 33 دقيقة في الأردن، ووقوع وفاة ناجمة عن حادث عمل كل 5 أيام، ووصلت أعداد إصابات العمل المسجلة منذ نشأة المؤسسة إلى ما يزيد على 430 ألف إصابة، وبمعدل سنوي 14 ألف إصابة
-ورد في شكاوى إلى المركز أن العديد من العاملين يتعرضون لإصابات عمل جراء تعاملهم مع الآلات، كذلك تتعرض عاملات المنازل لإصابات عمل إما نتيجة تعاملهم مع المواد الكيماوية دون استخدام الأدوات الخاصة بذلك بسبب عدم توفيرها من قبل صاحب العمل، أو سقوطها أثناء تنظيف النوافد.
-قال العديد من الأطباء والممرضين لمركز تمكين أن هنالك عمال يتعرضون لأمراض في الجهاز التنفسي بسبب عدم وجود تهوية جيدة في أماكن العمل والسكن، ومنهم من يعاني أمراضا في العين بسبب سوء الإضاءة.
-تبين أن تكلفة علاج إصابات العمل غالبيتها يتكفل بها العاملين إلى جانب خصم أيام غيابهم من أجرتهم الشهرية
الحماية الاجتماعية
-تغيب الحماية الاجتماعية عن العمال المهاجرين بشكل عام، وعاملات المنازل بشكل خاص، وفيما يتعلق بمدى مواءمة منظومات الحماية الاجتماعية في الأردن، في ضوء معايير الحماية الاجتماعية الواردة في توصية منظمة العمل الدولية 202 المتعلقة بأرضيات الحمايةالاجتماعية، نجد أن منظومة الحماية الاجتماعية لا تشمل جميع المواطنين ولا تقدم التغطيات كافةً.
- نسبة كبيرة من العمال المهاجرين تعمل دون أي حماية اجتماعية باستثناء تعويضات حوادث العمل ما يترك شريحة كبيرة من العمال من دون أي حد أدنى من الحماية الاجتماعية والصحية.
وعليه يوصي المركز بإجراء عدد من التعديلات التشريعية التي تكفل حق العامل المهاجر اختيار عمله بحرية، والانتقال من عمل إلى آخر بشكل طوعي وغير مشروط بموافقة صاحب العمل، وعدم استثناء العمال المهاجرين من الحد الأدنى للأجور ومساواتهم بالعمال الأردنيين، إلى جانب تفعيل دور وكفاءة نظام التفتيش من خلال زيادة أعداد المفتشيين وتأهيلهم وتزويدهم بالمعارف والأدوات التكنولوجية الحديثة، ورفع الوعي القانوني بين العمال المهاجرين بحقوقهم والتزاماتهم، والقوانين المتعلقة بهم
إضافة إلى ذلك تفعيل دور سلطة الأجور، وايجاد آليه للبت في قضايا العمال المهاجرين، وضرورة احتفاظ وزارة العمل بالمعلومات التفصيلية عن صاحب العمل مثل عنوان السكن والعمل وأرقام الهواتف، والقيام بحملات توعية بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية المحلية في كافة محافظات المملكة.