الجميد.. ذهب الأردن الأبيض
مع اواخر فصل الشتاء وحلول فصل الربيع يبدأ صانعو الجميد والسمن بالتجهيز لهذا الحدث السنوي والذي يعد الأهم بالنسبة لكثير من الأسر والتي يعد الجميد وبيعه مصدراً مهما لدخلها.
ويعد الجميد جزءا رئيسيا من «مونة» بيوت الاردنيين التي يحرصون على تخزينها باساليب متنوعة تحافظ على القيمة الغذائية لهذا المنتج الوطني و الذي يعتبر المكون الرئيس للطبق الشعبي الاشهر في الاردن الا وهو «المنسف».
ومنذ زمن بعيد فرضت الحياة البدوية وعدم توافر اجهزة التبريد الكهربائية هذه الصناعة فقد لجأ البدو إلى تجفيف اللبن مع الملح بما يمكّنهم من حفظه لفترات طويلة، وهو ما عرف لاحقاً باسم الجميد والذي تستخدم بصورة واسعة بسبب سهولة حفظه لفترات زمنية طويلة، بإعتباره جزءا أساسيا من مأكولات عديدة ابرزها على الاطلاق «المنسف».
مراحل إنتاج الجميد
تحدثنا «أم زيد الذنيبات» والتي ورثت هذه المهنة عن والدتها عن مراحل صنع الجميد والتي تخفى على كثير منا، فبعد الحصول على حليب الغنم وبكميات كبيرة نضعه في وعاء مناسب للكميه ونقوم بترويبه وذلك بوضع كميه من لبن الرائب ونضعه على النار الى ان يفتر ثم نغطيه ونتركه لليوم الثاني، وفي اليوم الثاني نضعه في أوعية أخرى وتسمى هذه العمليه عملية التبريد تجهيزا لعملية الخض حيث نضع عليه الثلج لكي يبرد.
عملية الخض
وتتم بوضع الحليب في الخضاضه بحيث تكون الكميه ثلثي الخضاضه ثم نقوم بالتشغيل لمدة ربع ساعه ومن ثم استراحه لمدة عشر دقائق وبعدها ربع ساعه الان نقوم بوضع الثلج الناعم وبعد الاستراحه نقوم بالتشغيل....الآن تبدأ الزبدة بالظهور بعد المره الثالثه نضع الثلج لكي تتماسك الزبدة ونقوم بانتشالها ووضعها في ماء بارد وعندما تتماسك نقوم بعصرها جيدا للتخلص من اللبن لانه يتلفها....ثم نقوم بتسخين اللبن الى ان يظهر لون اصفر على اللبن عندها نفرغه في قماش على شكل كيس كبير ونبدا بقطف الماء الذي يظهر على وجه الكيس الذي وضع في وعاء كبير .وعندما تبدا كمية الماء بالتناقص نضعه في سله ونضع عليه ثقل إلى ان ينقطع الماء نهائيا، وبعدها نقوم بتفريغه ووضع الملح عليه وعجنه جيدا ونشكل منه اللبن الذي نسميه «ضرس» وبعد ذلك يوضع في الشمس لمدة أيام حتى يجف تماما .
ومن الزبدة يصنع السمن البلدي
بعد فصل الزبدة عن الحليب تغلى مع الاعشاب مثل» عشبة الخوخ والحندقوق وعشبة السمنة «، وهي مجموعة اعشاب يتم تلقيطها مباشرة من الارض لاستعمالها في ذلك، مع اضافة كمية من الكركم ثم تفرغ في إناء آخر، ويتم وضع مقدار معين من القمح» الجريشة « بالإضافة للماء، ويتم وضع الجريشة لأنها تمتص ما علق بالزبدة من اللبن إلى أن تغلي، ثم يتم تفقد اللون بإضافة الكركم إذا لم تعط اللون الاصفر المطلوب . وفصل السمنة وتفريغها في أوانٍ أخرى.
ما يميز الجميد الكركي
قد نلاحظ أن الجميد الكركي قد يأخذ شهرة متغلباً على الجميد المصنع في المناطق الأخرى من المملكة، وتعزي أم زيد ذلك قائلة « يتوافر في الأراضي والمراعي في الكرك عدة أنواع من الاعشاب والتي تضفي على الجميد مذاقا مميزا مثل الحندقوق والبابونج وغيرها، كما أن وقت صنع الجميد يلعب دوراً مهما في جودة ومذاقه الطيب، حيث أن عمليات التصنيع تتم خلال فترة الربيع حيث الحليب الطازج المزوج بنكهة هذه الاعشاب.
وتضيف أم زيد « ان اختيار نوعية الحليب تؤثر في طعم ومذاق هذه المنتجات من لبن وزبدة وسمناً حيث أن حليب الغنم يعد الافضل والاشهى من حليب الماعز.
اختيار النوع الممتاز غير المغشوش
هناك أنواع تجارية من الجميد يعمد أصحابها إلى اضافة حليب البودرة بدلا من الحليب الطازج ، أو اضافة مادة الطحين أو السميد لتكسب رأس الجميد وزناً اضافيا، مع اضافة كميات اخرى من الملح، ولكن وبعد الطبخ يتبين النوعية الجيدة من الرديئة.
النظافة من معايير جودة المنتج
وتؤكد « أم زيد « على شرط النظافة في صنع اللبن ومشتقاته، فنظافة الأواني والمكان والاقمشة المستخدمة تعد أمراً مهما وينعكس على جودته ومذاقه.
مرس أم خلط بالآلة
الطريقة الاصيلة في طهي الجميد للمنسف وغيره من الأكلات الشعبية كانت تعتمد على ما يسمى «بالمرس» وهو نقع اللبن الجميد بالماء لعدة ساعات ثم القيام بتفتيته بواسطة اليد، إلا أن هذه العملية أضحت متعبة للنساء حيث استعضن عنها بخلطه على الخلاط الكهربائي، وإن كانت بعض العائلات تفضل لغاية الآن الطريقة القديمة في ذلك.
الجميد ...قيمة غذائية جيدة
وبحسب اسشارية التغذية لورا فرح وهاب فإن الجميد يحتوي على عناصر غذائية قيمة وهامة حيث يحوي على البروتين و الكالسيوم والفسفور والتي تساهم في بناء العظام وتقلل مرض الهشاشة، كما ان نسبة الصوديوم فيه تعتبر عالية بالإضافة لاحتوائه على مجموعة فيتامينات « ب» الضرورية للجسم.الراي
