jo24_banner
jo24_banner

فاخوري : كلفة اللجوء السوري على الأردن 10.6 مليار دولار

فاخوري : كلفة اللجوء السوري على الأردن 10.6 مليار دولار
جو 24 :

افتتح وزير التخطيط والتعاون الدولي المهندس عماد نجيب الفاخوري مندوبا عن دولة رئيس الوزراء اليوم المؤتمر الدولي الثاني (اللاجئون في الشرق الاوسط والامن الانساني- التزامات المجتمع الدولي ودور المجتمعات المضيفة)، والذي ينظمه مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في جامعة اليرموك، خلال الفترة خلال الفترة 3-4 ايار الجاري.

وفيما يلي الكلمة المعتمدة لوزير التخطيط والتعاون الدولي:

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الدولة والمعالي، والسعادة

السيدات والسادة ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

إنه لمن دواعي سروري اليوم أن ألتقي بكم اليوم على هامش مؤتمر "اللآجئون في الشرق الأوسط والأمن الإنساني: التزامات المجتمع الدولي ودور المجتمعات المضيفة"، والذي تترابط محاوره الثلاثة بدرجة كبيرة، حيث ينعكس لجوء أعداد كبيرة سلباً على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدول المستضيفة ويهدد المكتسبات التنموية والوطنية التي تم إنجازها خلال العقود السابقة الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود العالمية لنصل بتعاوننا إلى مستوى التحدي، واسمحوا لي ان اتقدم بالشكر الكبير لجامعة اليرموك ومركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في الجامعة.

السيدات والسادة،،،

إن الأردن كان ومازال ملاذا للمستجيرين به، فلم يتوان الأردن يوماً عن قيامه بواجبه القومي والديني والانساني، الامر الذي يعمل على يدل على حكمة قيادتنا الهاشمية ووعي مواطننا العظيم، وذلك انطلاقاً من حقيقة إسهامه في حفظ السلام العالمي بكل وسائله السياسية والدبلوماسية والإنسانية ابتداءً من القضية الفلسطينية مرورا بكافة مراحلها، إلى موجات اللجوء العراقي التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي وموجات اللجوء السوري مؤخراً التي جاءت بشكل حاد، حيث نجم عنها ضغوطات كبيرة على كافة مناحي الحياة خاصة قطاع المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والخدمات البلدية وقطاعات التجارة والصناعة والعمل، بالإضافة إلى الأعباء على الخزينة، وكذلك ظهور مشاكل اجتماعية لم تكن معروفة لدى المجتمع الأردني في السابق في ظل عدم كفاية الدعم المقدم من المجتمع الدولي والذي حدَ من قدرة الحكومة الأردنية والمجتمعات المستضيفة على استيعاب هذه الموجة من اللاجئين التي بدأت منذ ستة أعوام وما زالت مستمرة. وللأسف الشديد فإنه لا يلوح في الأفق أي حل قريب لها، حيث بات من الواضح أن تداعياتها الداخلية وعلى دول الجوار ستأخذ وقتاً أطول مما توقعه الكثيرون، وهو الامر الذي حذر الاردن منه مراراً، مدركين أنه حتى مع التوصل إلى حل للأزمة فإن قدرة سوريا على إعادة الإعمار وعودة اللاجئين إليها ستأخذ وقتاً.

الحضور الكرام،،،

إن أهداف التنمية المستدامة هي أهداف عالمية، إلا أن التحديات أمام تحقيقها هي خاصة في كل بلد. فقد نمت منعة الأردن بالاعتماد على نهج في الإصلاح معتمداً على عملية تطورية شاملة ومستدامة ونابعة من الداخل، تقوم على الاعتدال والانفتاح وتعزيز المواطنة الفاعلة، مع تمكين مواطنينا واستحداث فرص جديدة لرفع مستوى المعيشة في جميع أنحاء المملكة. وبفضل القيادة الهاشمية الحكيمة في الأردن، والتوعية والاستثمار في مواطنينا، والالتزام بالإصلاح الشامل وتطوير البلد ومستقبل شعبه، فقد تمكن الأردن من أن يبقى ملاذا آمنا فريداً في منطقة مضطربة، وأن يظل منيعاً وقوياً وأن يحول التحديات إلى فرص.

وبالرغم من استمرار التحديات القائمة والاستثنائية التي يواجهها الأردن حالياً بما فيها تبعات استضافة اللاجئين السوريين فإننا نعمل على مواصلة مسارات الإصلاح الشامل وتحقيق الازدهار للمواطنين وتعزيز منعة الأردن وتحويل التحديات إلى فرص من خلال الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والمالي وبالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، ووضع وتنفيذ برنامج النمو الاقتصادي الأردني والمستند إلى وثيقة الأردن 2025 والذي يتضمن أهم الإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، ومتابعة أهم مخرجات استراتيجيات تنمية الموارد البشرية والتشغيل والبنية التحتية (المياه والطاقة والنقل وغيرها) ومكافحة الفقر والحماية الاجتماعية والتحول الرقمي والحكومة الإلكترونية وبرنامج الإنفاق الرأسمالي والذي سيتم تعظيم تنفيذه من خلال أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPPs)، إضافة الى مخرجات تطوير القضاء استناداً للجنة الملكية لتطوير القضاء، واستمرار مسار الإصلاح السياسي، حيث سيتم إجراء الانتخابات البلدية واللامركزية (مجالس المحافظات) في شهر آب المقبل، وكذلك تنفيذ خطة الاستجابة الأردنية للتعامل مع الأزمة السورية لتعزيز منعة الأردن، إضافة إلى الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف وحوار الأديان والحضارات.

الحضور الكرام،،

لقد بلغ إجمالي عدد سكان المملكة 9,5 مليون نسمة بحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، حيث بينت النتائج بأن حوالي 6,613 منهم أردنيون أي ما نسبته 69.4%، فيما يشكل غير الأردنيين حوالي 30.6% من إجمالي عدد السكان، نصفهم تقريباً من السوريين، حيث بلغ عددهم حوالي 1.266 مليون سوري. في حين وصل عددهم لغاية نيسان 2017 (1.377) مليون. وتجدر الإشارة إلى أن أعداد سكان المملكة تضاعفت أكثر من عشرة مرات خلال ال 55 عاماً الماضية، وكانت الزيادة الأكبر خلال العقد الماضي وخاصة منذ العام 2011 وذلك بسبب الهجرات بما فيها الهجرات القسرية واللجوء السوري إلى المملكة.

اسمحوا لي أن أسلط الضوء على بعض التحديات التي تواجه منطقتنا. لقد ولّدت الاضطرابات في المنطقة عدداً من الأزمات الإنسانية، وفاقمت إلى حد كبير المعاناة والضعف الإنساني. ومثل هذه الأزمات يستغرق وقتا طويلا للحل، وسوف تواصل تداعياتها السلبية بالتأثير على أجندة التنمية المستدامة في منطقتنا على مدى العقد المقبل على الأقل. ولا يمكن حل مثل هذه الأزمات إلا من خلال حلول سياسية مقرونة بالتزامات دولية حازمة لتخفيف ومعالجة آثارها. وقد نتج عن الأزمة السورية، خمسة ملايين لاجئ سوري في الدول المجاورة، بالإضافة إلى أكثر من ثمانية ملايين نازح داخليا. إن هذه الأزمة غير مسبوقة وهي ليست قضية لاجئين فحسب، بل هي أيضا مسألة خطيرة للمنعة الوطنية، خاصة بالنسبة للبلدان المجاورة التي احتضنت اللاجئين السوريين، فضلا عن امتدادات الأزمة التي جلبت الدمار على المنطقة برمتها، وتحدت مؤخرا القارة الأوروبية على الرغم من حجم وثروة هذه القارة. أما في الأردن فقد بلغ حجم الأعباء حداً تجاوز مرحلة الإشباع.

السادة الحضور،،،

نجتمع اليوم بروح العطاء الانساني وتقاسم المهام والتشاركية العادلة من قبل المجتمع الدولي في تحمل الاعباء المشتركة في التعامل مع اصعب الازمات الانسانية في عصرنا واثرها على الدول المستضيفة، مؤكدا ان الشراكة مع المجتمع الدولي والدول المانحة في تحمل اثار الازمة السورية على الاردن ساعدنا في تعزيز منعتنا في ظل وضع اقليمي صعب وغير مسبوق وذلك انطلاقا من التزام الاردن وتضحيته المعروفة للعالم اجمع.

إن الأردن وعلى مدى عقود، وبرغم شح الموارد فقد قام باحتضان الباحثين عن اللجوء الإنساني على أراضيه. وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين المسجلين في الأردن 8ر2 مليون لاجئ، مما يجعله أكبر دولة مستضيفة للاجئين في العالم من حيث القيم المطلقة والنسبية، وقد أثر هذا بشكل كبير على الوضع المالي، حيث يقدر الأثر المالي الشامل للأزمة، بما في ذلك التكاليف المباشرة منذ عام 2012 وحتى نهاية العام 2016، بحوالي 10,6 مليار دولار أمريكي (وتشمل تكلفة التعليم والصحة ودعم الكهرباء، والمياه والصرف الصحي، واستهلاك البنية التحتية، والخدمات البلدية، والمواد والسلع المدعومة، وخسائر النقل، والعمالة غير الرسمية، والتكلفة الأمنية)، في حين قدرت التكلفة غير المباشرة السنوية بناء على دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحوالي 3,1- 3,5 مليار دولار سنوياً.

الأردن يحذر من ان ترك الدول المجاورة المضيفة للاجئين بدون الدعم المطلوب، سيسهم في ان تمتد الازمة بعيدا وسيكون لها ثمن باهظ يزيد من المعاناة الانسانية للعالم مؤكدا ضرورة قيام المجتمع الدولي باستدامة زخم المساعدات وزيادة الدعم للأردن وسد الفجوة التمويلية حتى يتمكن من الاستمرار في تقديم الدعم للاجئين كما فعل عبر تاريخه.

وإدراكا منا لهذا، فقد تبنت الحكومة نهجاً قائماً على الاستجابة للمنعة، والتي تجمع بين الجهود الإنسانية والإنمائية في إطار وطني واحد، يخدم مصالح اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، ويتمثل ذلك في خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، والتي تم تطويرها بالتعاون مع المجتمع الدولي ومنظومة الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني.، حيث تم تقدير الكلفة المالية لتغطية احتياجات اللاجئين السوريين وتعزيز المنعة ضمن الخطة بحوالي (7.6) مليار دولار أمريكي، وقد تضمنت الخطة عدد من التدخلات والبرامج والمشاريع بقيمة 2.181 مليار دولار لدعم اللاجئين وتلبية احتياجاتهم، وحوالي 2.498 مليار دولار لتمكين المجتمعات المستضيفة وتحسين الخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى ما يقارب 2.961 مليار دولار لدعم الموازنة لتغطية تكلفة المواد المدعومة وخسائر النقل والاحتياجات الأمنية. حيث تقوم اللجنة التنسيقية لشؤون المساعدات الإنسانية والتي تضم في عضويتها أصحاب العطوفة الأمناء العامون في الوزارات المعنية، بمراجعة المشاريع المقدمة من المنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة، والنظر في مدى انسجام هذه المشاريع مع الأولويات الوطنية وبما يحقق أهداف الخطة بالوجه الأمثل. وترفع اللجنة بتوصياتها إلى مجلس الوزراء الموقر لاتخاذ القرار النهائي. وقد تم تحقيق زيادة في الدعم لخطة الاستجابة الاردنية لمساعدة المجتمعات المستضيفة واللاجئين في عام 2016 على حد سواء بنسبة 62 % مقارنة بـ 30% للسنوات السابقة.

السيدات والسادة،

إن الأزمة السورية واستمرارها وأثرها على الاردن قد تطلب مسارا جديدا ومن خلال النهج الشمولي/العقد مع الأردن الذي تم تبنيه في مؤتمر لندن العام الماضي يستند الى تحويل أزمة اللاجئين السوريين الى فرصة تنموية تنعكس إيجابا على المجتمعات المستضيفة واللاجئين، وحشد موارد مالية إضافية وكافية من خلال المنح لدعم خطة الاستجابة الأردنية ولدعم الفجوة التمويلية للموازنة من خلال المنح والتمويل الميسر ولقطاع التعليم والحفاظ على استدامة استقرار الاقتصاد على المستوى الكلي من خلال توفير التمويل لتغطية الاحتياجات التمويلية. والأردن أكد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار عند تحديد المساعدات قدرة التحمل للبلد المستضيف وموجات اللجوء السابقة وحجم الاقتصاد ونسبة اللاجئين لعدد السكان والموارد الطبيعية والمالية ومعدل دخل الفرد حيث ان الأردن يواجه اكبر الاعباء ويحتاج للدعم الأكبر قياسا بهذه المعايير.

ونؤكد ان الاولوية للمنح ويتم ايضا بعد استنفاد تعظيم المنح توفير التمويل الميسر لدعم الموازنة العامة والمشاريع التنموية الهامة كبديل عن الاقتراض من السوق المحلي او الدولي الأمر الذي يساعد على تغطية الفجوة التمويلية التي يتم تغطيتها من خلال الافتراض ووفق الموازنة المقرة من مجلس الأمة وحسب التنسيق مع وزارة المالية وموافقات اللجنة الوزارية العليا لإدارة الدين العام حيث ان التمويل الميسر يخفف الفوائد ويزيد فترات السماح ويمدد فترات السداد مما يساهم في إعادة هيكلة المديونية ووفق البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والمالي والترتيبات مع صندوق النقد الدولي.

المجتمع الدولي تعهد بالاستمرار بتنفيذ التزاماته في العقد مع الأردن وفِي دعم الأردن وأن أولوية التركيز ضمن العقد مع الأردن على منعة الأردن وخاصة أجندة زيادة النمو الاقتصادي والتشغيل للأردنيين، وسيستمر الاردن بالضغط المستمر لتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته.

كما أكد المجتمع الدولي في الوثيقة التي نجمت عن مؤتمر بروكسل الأخير على أهمية توفير تدفق مستدام للمنح المقدمة إلى خطة الاستجابة الأردنية التي تغطي الحاجات الانسانية وتعزيز المنعة مع زيادة الدعم لمشاريع الانفاق الرأسمالي ذات الأولوية والتي تستهدف المجتمعات المستضيفة، وتوفير مستوى مستدام من المنح والقروض الميسرة منها منح وقروض ميسرة لدعم للموازنة بحيث تكون متوفرة لعدة سنوات لمساعدة الأردن في تحقيق جهود التنمية وتعزيز المنعة، ووفق "العقد مع الأردن" ودعوات صندوق النقد الدولي لمساعدة الأردن في سد الفجوة التمويلية السنوية.

وأكد المجتمع الدولي انه يتفهم ان نجاح هذا النهج سيعتمد على الوفاء بشكل كلي ومتبادل بالالتزامات المنصوص عليها في العقد مع الأردن. والمجتمع الدولي يدرك أن الصدمات الخارجية المعاكسة يمكن أن تؤثر على وتيرة تحقيق الحكومة الأردنية للالتزامات. كما التزمت الدول المنظمة بأن مؤتمر بروكسل سيكون هو الأول في سلسلة من الفعاليات التي تجرى عام 2017 وتستخدم لتشكيل النهج المعتمد للأردن – الاجتماعات الربيعية والسنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنتدى الاقتصاد العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومجموعة الدول ومجموعة السبعة (G7)، ومجموعة العشرين (G20) والجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما ان المجتمع الدولي التزم بتقديم الدعم الفني من الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين لدعم استفادة الأردن من قواعد المنشأ المبسطة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، وجذب المزيد من الاستثمارات، والسعي لتوفير المزيد من الدعم المالي والتقني لدعم النمو الاقتصادي )برنامج النمو الاقتصادي الأردني) وجذب الاستثمارات وزيادة الصادرات وزيادة التشغيل للشباب والمرأة، والدعم لتنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية الأردنية، وتوسيع استخدام القدرات الوطنية لتنفيذ مشاريع الدعم، وتعظيم زيادة المساعدات النقدية وشراء السلع والخدمات الوطنية بهدف تحقيق القيمة المضافة للاقتصاد الأردني، والحفاظ في عام 2017 على مستويات الدعم التي قدمت لخطة الاستجابة والعقد مع الأردن عام 2016 على أقل تقدير وضرورة التركيز على أولويات الحكومة الأردنية ومن ضمنها مشاريع الإنفاق الرأسمالي لدعم المجتمعات المستضيفة.

واكد المجتمع الدولي على أهمية دور الأردن للاستفادة من والمساهمة في جهود إعادة الإعمار في سوريا، واهمية التركيز على محور دعم الإنفاق الرأسمالي في قطاع التعليم. وأشار ان الجانبين أكدا على أهمية العمل على تهيئة الظروف التي تسمح للاجئين السوريين بالعودة إلى بلدهم وفقا لقواعد القانون الدولي السارية.

إن النتائج السلبية وتداعيات عدم توفير التمويل الكافي قد بدأت بالظهور ليس على اللاجئين فحسب ولكن بدرجة لا تقل حدة على المجتمعات المستضيفة، الأمر الذي يحتم إعادة النظر في آليات دعم الدول المانحة للدول المستضيفة، وضرورة مأسسة وتوفير الدعم الكامل للخطط الوطنية للإستجابة للأزمة السورية.

لقد شكل مؤتمر لندن والإطار الشمولي للتعامل مع أزمة اللجوء السوري، انطلاقة اقتصادية جديدة ولتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته، بحيث يتم التركيز على تشجيع التنمية الاقتصادية والفرص في الأردن لمنفعة الأردنيين والمجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين أولا، بالإضافة إلى اللاجئين السوريين وتخفيف اعباء استضافتهم، من خلال ثلاثة محاور رئيسة هي تحويل أزمة اللاجئين السوريين إلى فرصة تنموية تجذب استثمارات جديدة، ودعم المجتمعات المستضيفة الأردنية عبر توفير تمويل كاف من خلال تقديم المنح لخطة الاستجابة الأردنية، وتأمين منح كافية وتمويل ميسر لتلبية احتياجات التمويل في الأردن وذلك للحدّ من الآثار السلبية للجوء وتحويل التحديات إلى فرص من خلال التطوير والتنمية وتحسين البيئة الاستثمارية وتخفيف نسبة الفقر والبطالة. وقد قامت الحكومة بإعداد خطة عمل لمتابعة المحاور الواردة في وثيقة الأردن (Jordan Compact) بهدف:

1) تسهيل وصول المنتجات الأردنية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي من خلال تبسيط قواعد المنشأ.

2) إعادة تنظيم سوق العمل الأردني والسماح للسوريين بالعمل في القطاعات التي يسمح للعمالة الوافدة بالعمل بها، وذلك ضمن نسب العمالة الوافدة المسموح بها في تلك القطاعات (علماً بأن ذلك يعتمد على قيام الجهات المانحة بتقديم خطة تنفيذية للتعهدات الملتزم بها من قبلهم بالإضافة الى المشاورات مع القطاع الخاص).

3) تحسين بيئة الأعمال وتطوير آليات عمل المناطق التنموية من خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال.

4) تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي والمالي، استكمالاً للإصلاحات المالية العامة والاصلاحات الهيكلية.

5) تأمين المنح الكافية لدعم خطة الاستجابة الأردنية، حيث يتم حصر التمويل، وإعداد تقارير دورية بذلك.

6) دعم قطاع التعليم، ايمانا من فلسفة الاردن بعدم ظهور جيل ضائع من السوريين وذلك من خلال إعداد وثائق مفصلة للمشاريع المراد تنفيذها ضمن خطة قطاع التعليم وترتيبها حسب الأولوية وجاهزيتها للتنفيذ، حيث ستكون في معظمها مشاريع لبناء مدارس جديدة وصيانة المدارس الحالية، وحسب ارقام الامم المتحدة قام الاردن بتغطية ما نسبته 90% من الطلاب والطالبات السوريين من خلال التعليم الرسمي وغير الرسمي.

7) إعداد آليات التنسيق والتنفيذ، حيث تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من أصحاب المعالي وزير التخطيط والتعاون الدولي، ووزير الداخلية ووزير العمل ووزير المالية ووزير الصناعة والتجارة والتموين ووزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، بالإضافة إلى عطوفه رئيس هيئة الاستثمار الأردنية، للعمل كلجنة إشرافيه. وأيضاً تشكيل لجنة فنية تضم في عضويتها الأمناء العامون للوزرات المعنية، بالإضافة إلى تأسيس وحدة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي لإدارة وتنفيذ وثيقة الأردن.

وعليه، فإن تنفيذ العقد مع الأردن إنما يتطلب وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته خاصة المتعلقة باستقطاب المزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة.

السيدات والسادة،

شارك الأردن مؤخرا في مؤتمر بروكسل، والذي جاء اصرارا من الاردن لمتابعة مخرجات مؤتمر لندن،حيث جدد المجتمع الدولي خلال المؤتمر دعمه السياسي والمالي للأردن وذلك من خلال إصدار وثيقة الأردن Jordan Output Document .

وتضمنت الوثيقة محاور تعرض ما تم تحقيقه منذ مؤتمر لندن وسير العمل بالعقد مع الأردن والالتزام بالمضي بتنفيذ ما ورد في وثيقة العقد، إضافة إلى التزام المجتمع الدولي بإدامة الدعم والأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية التي يمر بها الأردن واستمرار الظروف المحيطة، حيث من شأن كل ذلك تمكين الأردن من الاستمرار ومواصلة تحمل مسؤولياته تجاه تلبية متطلبات اللاجئين والمجتمعات المستضيفة وبما يعزز من منعة الأردن.

كما دعا الأردن المجتمع الدولي والمنظمات المختلفة خلال المؤتمر إلى التوسع في استخدام النقد كوسيلة فاعلة وفعالة لتقديم الخدمات من أجل تحقيق فائدة أكبر للاقتصاد الأردني والمستفيدين، إضافة إلى التوسع في استخدام القدرات الوطنية لتنفيذ مشاريع الإعانة ومواصلة تعظيم المساعدات النقدية وشراء السلع والخدمات الوطنية بهدف إحداث قيمة مضافة للاقتصاد الأردني.

وبهدف تمكين الأردن من الاستفادة من تبسيط قواعد المنشأ وإظهار قصص نجاح في العام 2017، فقد تم خلال مؤتمر بروكسل أيضاً إطلاع الجانب الأوروبي على نظام مشاريع المكاسب السريعة التي حددت الإمكانية في التصدير لدى 80 مصنعاً، ويتم حاليا استهداف ستة مصانع من أصل 21 مصنع كمرحلة أولى لتمكين منتجاتها في المناطق المشمولة بقرار تبسيط قواعد المنشأ من الوصول إلى السوق الاوروبي. كما تم بحث خطة تقديم الدعم الفني لكل هذه المصانع من قبل برامج المساعدات الموجهة من الاتحاد الاوروبي للأردن، مؤكدين على أهمية مواصلة دعم الأردن لإنجاح المبادرة وتعظيم الاستفادة منها لمنفعة الصناعيين الأردنيين وفي جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل والتشغيل. ولقد التزم الاتحاد الأوروبي بتوفير مساعدات فنية لدعم الشركات الأردنية الراغبة بالاستفادة من مبادرة تبسيط قواعد المنشأ بهدف التصدير إلى السوق الأوروبي.

السيدات والسادة،

بالرغم من أن الدول المستضيفة للاجئين هي فعلياً أكبر الدول المانحة في ضوء الأعباء التي تتحملها وحجم ما تقدمه للاجئين، فإن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط في الوقت الحاضر، والذي أدى إلى عدد من الأزمات الإنسانية المتعاقبة والتراكمية، قد زاد من المعاناة والهشاشة الإنسانية إلى حد كبير، وهذه الأزمات سوف تستغرق وقتا طويلا لحلها، كما أن تداعياتها السلبية سوف تستمر في التأثير على برامج التنمية المستدامة في المنطقة خلال العقد المقبل على الأقل. ومع ذلك، سوف يستمر الأردن وكما عهده العالم بالقيام بمسؤولياته ومساهماته المحورية للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه الأردن لتمكينه من الاستمرار بهذا الدور الريادي، وضرورة الاستمرار في الاستثمار ودعم النموذج الاردني.

كما أود أن أؤكد في ختام كلمتي على أن الأردن يؤمن بضرورة وضع حد لهذه الأزمة من خلال حل سياسي وليس حلا عسكريا، حيث يعمل الأردن بلا كلل مع جميع الشركاء للتوصل إلى حل سلمي يرتقي إلى طموح السوريين، ويحفظ وحدة أراضي سوريا وسيادتها السياسية. كما أن الأردن يدعم الحل من خلال مؤتمر جنيف المنصة الوحيدة للتوصل الى حل سياسي على اساس مؤتمر جنيف 1 وقرار مجلس الامن رقم 2254. كما أن الاردن يدعم محادثات استانة كجهد ضروري وجاد لتثبيت وقف اطلاق النار في جميع انحاء سوريا بالتزامن مع الجهود المبذولة للتوصل الى تسوية سياسية مشددين على ضرورة بذل كل الجهود لإنهاء القتل والدمار محذرين من ان تخييب آمال اللاجئين والدول المستضيفة سيولد المزيد من الغضب واليأس، ويجب ان لا ننسى ان الفكر الارهابي والاصولي ينمو من خلال اليأس وفقدان الامل. وومن المهم ان نعمل أيضاً مع المجتمع الدولي لتأمين عودة جميع اللاجئين لوطنهم حالما تسمح الظروف وبموجب القانون الدولي ومصالح الدول المضيفة.

وتتطلع الحكومة الى مخرجات هذا المؤتمر المهم للاستفادة منها بشكل كبير، وشكراً.

والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته

و يهدف المؤتمر الى تسليط الضوء على حركات اللجوء والنزوح في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في فترة ما يسمى بالربيع العربي وتوضيح واقع ومستقبل الأمن الإنساني في اقليم مضطرب، إلى جانب توضيح التبعات الأمنية المترتبة على حركات اللجوء سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى العالم، كما يهدف ايضا إلى استعراض المبادرات الدولية لمعالجة قضايا اللاجئين وآخر التوجهات العلمية والأكاديمية في تناول موضوع اللاجئين وفرص وامكانيات تأهيل اللاجئين وبخاصة توفير فرص التعليم لهم، وتوضيح دور مؤتمر لندن في الإيفاء بالالتزامات الدولية للدول المضيفة للاجئين.

وسيتناول المؤتمر عدة محاور رئيسة، هي : حركات اللجوء في الشرق الأوسط، دور المجتمع الدولي في تمويل جهود المجتمعات المضيفة للاجئين، المجتمع الدولي والتزامه الأخلاقي للتدخل الإنساني، التشريعات المحلية والدولية الناظمة لتحقيق الأمن الإنساني ومؤتمر لندن كسبيل لدعم الدول المضيفة وتمكين اللاجئين.

وتأتي أهمية المؤتمر في ظل تزايد ارقام اللجوء واعبائه والأوضاع الانسانية الصعبة التي يعيشونها فضلاً عن المشاكل والأزمات التي تعانيها الدول المستضيفة بسبب ملف اللاجئين وسط تراخ من المجتمع الدولي عن الوفاء بالالتزامات والتعهدات بدعم الدول المستضيفة.


 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير