سر ماغدلينا.. الغموض يكتنف انتحار سائحة بولندية في مصر: مرض نفسي أم اغتصاب جماعي؟
تجولت "العربية.نت" أمس واليوم الثلاثاء، بين ترجمات خبر لا يزال بارزاً منذ 3 أيام في وسائل إعلام متنوعة ببولندا، ويتعلق بانتحار فتاة من مواطنيها، كانت تمضي عطلة في مدينة "مرسى علم" البعيدة بمنتجع سياحي بناه مستثمرون كويتيون في "محافظة البحر الأحمر" بالجنوب الشرقي المصري، أكثر من 660 كيلومتراً عن القاهرة. إلا أن حادث الانتحار الطبيعي تحول إلى هجوم على مصر بعد أن تحول إعلامياً إلى جريمة قتل تلت اغتصابها جماعياً.
ماغدالينا جوك، عمرها 27 سنة وانتحرت بالقاء نفسها من نافذة مستشفى بالغردقة
البولندية البالغ عمرها 27 سنة، هي Magdalena Żuk التي ورد في الإعلام البولندي أنها قضت في "ظروف غامضة" مضت المخيلة معها إلى اعتبار أنها "قتلت بعد تعرضها لاعتداء جنسي جماعي في مصر" وفق تلخيص ما تداولته بعض المواقع الإخبارية. إلا أن صحيفة Gazeta Wyborcza البولندية، نشرت أن ماغدالينا جوك، لا "زوك" كما يبدو من اسمها، اتفقت مع حبيبها على السفر معاً في 25 إبريل الماضي من مطار مدينة Katowice بجنوب بولندا إلى "مرسى علم" لكنه اكتشف أن صلاحية جوازه منتهية، فأخبرها أنه لن يسافر معها، لذلك مضت وحدها بالرحلة المشتركة مع سياح آخرين كي لا تخسر المبلغ الذي دفعته.
نظراً لسلوكها الغريب
ذكرت الصحيفة أيضاً، أن المتحدث باسم المرشدين السياحيين في بولندا، رادومير شفيديرسكي، استنتج من أقوال شهود أنها كانت تعاني من انفعالات عاطفية عندما كانت في مطار كافيتسي "وتبكي طوال الوقت بسبب فراقها للشريك" وهو ما نقله أيضاً موقع "بولندا بالعربي" الإعلامي، مضيفاً أن موظفي الخدمة في الفندق الذي كانت نزيلة فيه بمرسى علم "كانوا يولونها اهتماماً خاصاً، نظراً لسلوكها الغريب" وفق ترجمته "غوغليا" لسلسلة أخبار نشرتها وسائل إعلام بولندية، احتارت في حل اللغز المحيط بوفاتها، مع أن كل الدلائل تشير إلى انتحارها.
ووجدوها مرة وقد استلقت على باب الفندق، من شدة اكتئابها وتوترها العقلي والعصبي
وممن شارك بنظرية المؤامرة، موقع إذاعي يبث وينشر بـ 18 لغة، اسمه Stormfront النازي الطراز، والكاره لمن ليسوا من البيض، بحسب ما يتضح من سيرته التي اطلعت عليها "العربية.نت" في الإنترنت، فقد كان ظالماً وحاقداً أكثر من سواه، بنشر أن ماغدالينا "تعرضت بعد ساعات قليلة من وصولها إلى الفندق بمرسى علم، لاعتداء جنسي قام به عامل بخدمة الغرف، وآخر مصري أيضاً يعمل بشركة "رينبو تورز" البولندية للسياحة" وأنها تعرضت للتخدير والاغتصاب "قبل أن تجدها عاملات أوكرانيات بالفندق ملقاة على الأرض فاقدة وعيها" وبعدها اتصل عاملو الفندق بالشرطة، وأبلغوها بالحادث "ثم تم نقلها إلى مستشفى، رفض أن يعالجها، لأنهم لا يقبلون حالات الانتهاكات الجسدية" طبقاً لما ذكر، من دون أي مصدر يؤكد أي عبارة نشرها.
"لن أتمكن من العودة.. أنا آسفة. أرجوك ساعدني على الخروج"
قال "ستورم فرونت" أيضاً، إن أسرة ماغدالينا قررت إعادتها إلى البلاد حين تم إبلاغها بما حدث "لكن العاملين بمطار مرسى علم رفضوا سفرها، وقالوا إنها ستتطلب عناية شديدة هم لا يستطيعون توفيرها، فنقلتها الشرطة إلى فندق آخر، ومنه اتصلت بحبيبها (إنترنيتياً على ما يبدو) لا بالهاتف الثابت أو الجوال، لكنها لم تتمكن من شرح موقفها له، وكل ما قالته: "لا أستطيع التكلم.. لن أتمكن من العودة.. أنا آسفة. أرجوك ساعدني على الخروج" وهو ما نجد عنه فيديو تعرضه "العربية.نت" أدناه، نقلاً عن موقع قناة Bogatynia24.TV التلفزيونية البولندية، وفيه نراها تبكي وتتحدث بتوتر وارتباك، وفي آخره يظهر شاب أسمر اللون، ملامحه شرق أوسطية.
بعد هذا الاتصال تم نقلها إلى مستشفى في الغردقة وتم الاعتناء بها لفترة، إلا أن العاملين فيه فوجئوا بها تقفز من نافذة الغرفة، مما أدى إلى وفاتها، "أي ماتت منتحرة" والكلام لا يزال للموقع البريطاني، الباني سيناريو ما نشر على الخيال، لا على مصادر موثوقة. أما المصادر الموثوقة فنقلت عن العامل المصري بشركة "راينبو تورز" البولندية السياحية المشرفة على الرحلة، أن السائحة "جوك" كانت تعاني من اضطرابات نفسية وذهنية، وهو ما أكدته أيضاً الشرطة المصرية وممثلو الفندق الذي أقامت فيه، فيما لم تتخذ السفارة البولندية بالقاهرة أي موقف، ولم تدل بأي تصريح بعد معرفتها بما حدث.
ودافع المستشفى الذي كانت فيه عن نفسه، عبر فيديو بحوزته صورت لقطاته كاميرا مراقبة، مثبتة في إحدى ردهاته، تظهر فيه ماغدالينا وهي تحاول القفز من الشرفة، حيث هرعت ممرضة ومعها آخرون، وحاولوا منعها من القفز، وفق فيديو آخر تعرضه "العربية.نت" أدناه أيضاً، فيما ذكر أحد أطباء المستشفى لموقع "سوبر إكسبريس" الإخباري البولندي، وهو الدكتور أحمد شوقي، ما يؤكد براءة المستشفى وأي عامل في الفندق من تهمة الاغتصاب والاعتداء.
قال الدكتور شوقي إنها "رفضت الاستجابة للعناية الطبية، ما أدى إلى استياء حالتها، وفي 28 ابريل استلقت عند مدخل الفندق ولم تستجب لمحاولات مساعدتها، فقام مرشدون سياحيون بإبلاغ سفارة بولندا في القاهرة، كما وعائلتها، بما تسببه من مشاكل، ثم تمكن موظفون فيما بعد من نقلها بسيارة إسعاف إلى مستشفى محلي، لكنها رفضت الخروج من السيارة حين وصولها، فعادوا بها إلى الفندق، ثم جاؤوا بها مجدداً إلى المستشفى في 30 ابريل الماضي، وكانت حالتها سيئة جداً" على حد تعبيره.
أعتقد أنها كانت تحاول الهرب
يمضي بروايته، فيقول: "تمكنا من وضعها في الجناح بصعوبة، مع أننا قلنا بداية إنه لا يجب علينا استقبال من يعانون من مشاكل عقلية، لأننا لا نملك ما نعالجهم به، لذلك وافقنا على بقائها على أن تأتي صديقة لها بولندية أيضاً، لاصطحابها في اليوم التالي (..) ثم باغتت ممرضة معها في الغرفة وقفزت ليلاً من نافذة المستشفى وسقطت على أرض خرسانية، وتم نقلها فوراً إلى غرفة العناية المركزة، وبعد ساعتين قررنا نقلها إلى مستشفى مجهز بشكل أفضل لتلقي العلاج، وفيه توفيت هناك" وفقاً لما قرأت "العربية.نت" مما ترجمه موقع "بولندا بالعربي" والمضيف أن الدكتور يعتقد أن سبب الوفاة هو نزيف داخلي، ويرى: "وفقاً لكلام الممرضة، أنها لم تكن تحاول الانتحار، لأن الطريقة التي قفزت بها من النافذة تدل على أنها كانت تحاول الهرب، ولم تكن تعلم أن المكان مرتفع جداً، وهذا يبقى مجرد نظرية" وفق ظنه.
الدكتور شوقي، وغرفتها في المستشفى بمرسى علم، قبل نقلها لآخر في الغردقة، وصورة للفندق الذي كانت فيه
وللآن لم ينل خبر ماغدالينا الاهتمام الكبير من الإعلام المصري، مع أن صحيفة "المصري اليوم" نقلت عن مصادر حكومية أن العقيد أبوالحجاج بكري، رئيس مباحث السياحة بالغردقة، تلقى من أحد المستشفيات الخاصة فيها، إخطاراً بقيام سائحة بالانتحار، عبر إلقاء نفسها من شرفة غرفتها بالمستشفى، حيث كانت تتلقى العلاج لمرورها بحالة اكتئاب حادة" وأن تحريات الرائد وليد عبدالرحيم، معاون مباحث السياحة بالغردقة، أكدت أن عمرها 28 عاماً، وتم حجزها بالمستشفى بعد إصابتها باكتئاب، وأقدمت على الانتحار، ولا توجد شبهة جنائية في الحادث الذي تم إبلاغ سفارة بولندا به "فيما قرر المستشار إيهاب مهنا، رئيس نيابة الغردقة، التصريح بدفن الجثة" لكن الصحيفة لم تذكر شيئاً عن مكان الدفن، هل في مصر أم في بولندا، والثانية هي الأرجح.