jo24_banner
jo24_banner

"المطبوعات والنشر" بين القلق من ملاحقة المواقع الالكترونية ومنع الوافدين على المهنة

المطبوعات والنشر بين القلق من ملاحقة المواقع الالكترونية ومنع الوافدين على المهنة
جو 24 :

كتب – جمعة الوحش
بين القلق من عواقب التعليق على موقع اليكتروني إخباري، والرغبة في منع "الابتذال" على أيدي "الوافدين" للمهنة، تأرجح الموقف من القانون المعدل للمطبوعات والنشر الأخير، الذي بسببه يواجه الاردن قريبا تقييما دوليا لحرية التعبير فيه.


إذ ينقسم ناشطون ومدونون وأصحاب مواقع الكترونية بين خائف من تراجع حرية التعبير والرأي، نتيجة نشر تعليقات ومقالات القراء أو بيانات وتصريحات سياسية لقوى حراكية معارضة، وبين معتبر ان القانون خطوة في الاتجاه الصحيح "لتنظيم" قطاع الصحافة الإلكترونية، وحمايتها من "الوافدين عليها" ، وهو ذاته موقف الحكومة.
.. لم يكن الاول
لم تكن هذه المرة الاولى التي يثير فيها قانون المطبوعات والنشر جدالا. قانون المطبوعات والنشر الذي أقر عام 1997 والذي جاء لينظم الصحف الاسبوعية آنذاك لاقى احتجاجا في الاوساط الاعلامية ، وافضى الى حجب الكثير من الصحف الأسبوعية كونها كانت الأكثر جرأة في تناول قضايا سياسية، وكشف ملفات فساد لم تتمكن الصحف اليومية من تناولها.
القانون المعدل الأخير الذي قدمته الحكومة والذي أقر عام 2012 هو ايضا يشهد جدالا، خصوصا وان بعض مواده نصّت على ايقاع العقوبة على المطبوعة وصاحب المطبوعة والمحرر وكاتب المقال ، ولا يعفي عقابهم صاحب التعليق من المسؤولية، اذ اعتبر القانون التعليق جزءاً من المادة الصحفية وألزم المطبوعة بالاحتفاظ بسجلات المعلقين لمدة ستة أشهر . لينتهي بعقوبة الحجب للموقع المخالف للقانون . كما فرض على المطبوعة أن يكون لها رئيس تحرير،عضواً في نقابة الصحفيين، لغيات الترخيص الذي امهلت المواقع لأجله 90 يوما (تنتهي منتصف الشهر المقبل).
بلغ عدد المواقع التي رخصت 22 موقعا، بحسب دائرة المطبوعات والنشر، فيما تصر مواقع الكترونية وهم اعضاء في( تنسيقية المواقع الالكترونية و جمعية الكتّاب الالكترونيين) على عدم الترخيص ، كما أن أربعة مواقع حجبت تعليقات القرّاء ، و غيرها لم يحجب، والبعض الآخر يقوم بنشر التعليقات بعد تحريرها وحذف المسيء منها بالاضافة الى خذف الآراء الجريئة كما صرح أصحابها.
لكن الاحتجاج على القانون كان متجسدا في خيمة اعتصام شارك فيها صحفيون وأصحاب المواقع الالكترونية ، شهدت تضامن العديد من مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب والحراكات الشعبية وشخصيات وطنية، أعلن خلالها قيام "التحالف المدني المناهض لقانون المعدل للمطبوعات والنشر".
لكن تطورات القانون تأتي متسارعة، إذ تشهد أروقة المحاكم أحدث قضية من قضايا حرية الرأي والتعبير وتاتي على خلفية تطبيق القانون الجديد، تتمثل بمقاضاة الكاتب الساخر والمعروف بنقده "اللاذع" لسياسات الحكومة أحمد حسن الزعبي الذي يمثل الان امام المدعي العام بسبب مقال له على موقعه (سواليف) في القضية التي رفعها ضده رئيس الوزراء الأسبق على ابو الراغب، ما قوبل باستهجان من قبل شريحة واسعة من الصحفيين والكتاب كونه يؤشر لـ"مناخات عامة معادية للحريات العامة وحرية الرأي خصوصا، ومحاولة إسكات أي صوت مخالف ومنحاز لقضايا الناس والوطن وحريص على مقدرات البلد المحدودة اصلا"، بحسب بيان لرابطة الكتاب الاردنيين.


مبرر حجب التعليقات والنشر
يؤكد ناشر صحيفة (جو 24) الالكترونية، التي حجبت تعليقات القرّاء، الصحفي باسل العكور أن حجب التعليقات "جاء بهدف حماية المعلقين من القانون، الذي ينتهك الحريات العامة، ويقيّدها وينتهك حرية الصحافة على الانترنت.
"والتزاما منّا بميثاق الشرف الصحفي ، وليس انسجاماً مع القانون الذي يلاحق كاتب التعليق ويفرض على المواقع ان تكشف عن مصادرها"، بحسب العكور.
وتنص المادة ( 7 ) من مباديء ميثاق الشرف الصحفي لنقابة الصحفيين على وجوب ان يلتزم( الصحفيون بحماية مصادر معلوماتهم ، ولا يفشي الصحفي عن مصادر أخباره السرية للناس أو لزملاء المهنة ، لأن ذلك قد يؤدي الى بعض الضرر لهذه المصادر ، أو يجعلها تحجم عن الكلام تدريجيا ، مما يضر بمستوى سريان المعلومات الى المجتمع).
أما حول أثر القانون على أصحاب المقالات، فقد شكت الناشطة السياسية والمدونة إيناس مسلم من "اعتذار أربعة مواقع الكترونية اخبارية عن النشر لها، في وقت كانت تنشر لها قبل صدور القانون".
ويؤكد المحامي والناشط في الحراك العشائري محمد أحمد المجالي اعتذار الكثير من المواقع الالكترونية الاخبارية بعد القانون عن النشر له خصوصا البيانات والتصريحات، "تفاديا وخوفا على مواقعهم من تضييق القانون كونها تحمل طابعا سياسيا ناقدة وتكشف الفساد وأماكن دوائره". لكنه يستدرك أن" عددا قليلا من المواقع ينشر لنا".

لماذا القانون؟
في مقابل ذلك تصرّ الحكومة على أن القانون جاء "لتنظيم الصحافة الالكترونية والتخلص من مشكلة القدح والتحقير والذم والابتزاز التي تنتهجها بعض المواقع الالكترونية مع الناس وتقسيم المجتمع"، بحسب مدير عام المطبوعات والنشر فايز الشوابكة الذي يشدد على أن الحاجة للقانون برزت بعد "مضي عشر سنوات دون احترام لمهنة الصحافة بسبب دخول الوافدين على المهنة والقادمين اليها من قطاعات لا علاقة للصحافة بها"
ويضيف: "اننا نريد أن نحمي المواطن من ثقافة الشائعات والاقاويل والاتهامات التي لا تجلب للبلد الا الويلات" .
كما ان الحكومة تؤكد انها ستطبق القانون"بأقصى درجات حسن النية" ، وهو ما اعتبره ناشر وكالة جراسا جمال المحتسب "لا يسلّم المواطن من الاجهزة الامنية ".
غير ان مواقع اليكترونية تقلل من أثر القانون، إذ يقول ناشر موقع (جفرا نيوز) نضال فراعنة انه "لم ير اختلافا "ما قبل ولا بعد القانون، ,لم ير تضييقا على حرية التعبير، ولم يتعرض لضغوطات".
" مافي احد قال لي لماذا تكتب هكذا"، يضيف فراعنة الذي أكد أنه "مع القانون والترخيص".، ويرفض التعليقات المسيئة.
"المطبوعات" في الميزان الدولي
بل إن الناشطة الحقوقية غادة الشيخ تشير إلى ان الحكومة "لم تلتزم عند اقرار هذا القانون باحترام الدستور الذي يكفل للمواطن حرية التعبير"، مستدركة كما انها لم تلتزم " بالمواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها الاردن وأصبحت بالمصادقة قانونا يحتج به".
ووصفت الشيخ المشهد الذي يسود أجواء المواقع الالكترونية " كأنه حالة من الاستنفار والترقب للحساب والعقاب" .
ومن المقرر أن يقدم الاردن في تشرين الاول 2013 تقريره الثاني عن حالة حقوق الانسان في المملكة فيما يسمى بالاستعراض الدوري الشامل الذي سبق وان قدم عام 2009 ، وهو الاول، اذ صدرت توصياته، وافق الاردن عليها حيث نصّ "البند 26 المقدم من دولة كندا " "أن يتخذ الاردن المزيد من التدابير لتشجيع وجود صحافة مفتوحة وحرة حيث يمكن للصحافيين تناول طائفة كاملة من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون خوف من العقاب".
و الاستعراض الدوري الشامل الاول 2009 ،وهو تقرير وطني عن حالة حقوق الانسان في الاردن، يقدم أمام مجلس حقوق الانسان في جنيف ،ويصف الممارسات والانتهاكات وبيان التقدم في التشريعات التي تتفق وحقوق الانسان ويقدم كل أربع سنوات ونصف السنة .
يعتبر الخبير في حقوق الانسان كمال المشرقي قانون المطبوعات والنشر " خرقا" لما التزم به الاردن بالمصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، بل إنه يتوقع ان يكون موقف الاردن" حرجاً أمام مجلس حقوق الانسان".
كما أن المشرقي اعتبر التوصية المقدمة من كندا ملزمة للاردن بالعدول عن قانون " أشبه ما يكون بقانون العقوبات ".
وفي هذا الصدد يؤكد الفقيه الدستوري الدكتور محمد الحموري، الذي يرفض القانون المعدل للمطبوعات 2012 ، عدم دستوريته ، ويخشى من أن" يطيح القانون بالمواقع الالكترونية كما تمت الاطاحة بالصحف الاسبوعية بقانون 1997".
وشدد الحموري على عدم جواز تقييد حريات الرأي والتعبير تحت ستار تنظيم مهنة الصحافة والمواقع الالكترونية"
اسقاط القانون أمميا
تظل الاحتجاجات على القانون متواصلة، فقد هدد صحفيون شاركوا في ورشة تدريبية في العقبة حول (مشروع آليات الحماية الدولية وأثرها على الدفاع عن حقوق الانسان في الاردن) بملاحقة القانون "لإسقاطه أمميا" عندما يقدم الاردن تقرير الاستعراض الدوري الشامل في تشرين الأول (اكتوبر) 2013 وذلك بتمرير المخالفات التشريعية ومنها القانون المعدل التي تضيّق على حرية الاعلام الى الدول التي ستناقش تقرير الاردن. وأعلن أخيراً عن تشكيل فريق أردني لإعداد التقرير الذي يضم تحالف مؤسسات المجتمع المدني واعلاميين ، فهل ينجحون في مهمتهم الاممية؟.


تابعو الأردن 24 على google news