2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حين نتمرد على التقنية ونمارس التأمل

حين نتمرد على التقنية ونمارس التأمل
جو 24 : قرارها بالتمرد على التقنية كان نتيجة شعورها الدائم بالانزعاج والقلق والتوتر، حاجتها الملحة للراحة والهدوء ألزمتها بأن تبحث عن مساحة أكثر تحررا للعيش، حرضتها على أن تتجاوز المألوف أو بالأحرى السائد لدى الأغلبية لتستطيع على الأقل ممارسة حياتها بشكل طبيعي يضمن لها حقها في تأمل الواقع من حولها والاحتفاظ بخصوصياتها بعيدا عن كل تلك الأعين الفضولية المترقبة التي تتعمد ملاحقة الآخر ومحاصرته.
هي ذات شخصية هادئة متزنة ومحللة أيضا، ترفض مطلقا أن ترضخ لعبثية التقنية وصخبها، تحاول قدر المستطاع أن تبقى بعيدة عن ذلك العالم الخاص الذي تغيب فيه انتماءات الأفراد وتزداد المنافسة داخله بدون أدنى مراعاة لحرية الآخر. كل ما تريده هو أن تنأى بنفسها عن أولئك الذين أدمنوا الأحكام المطلقة وانسجموا معها لاعتبارات لن تتوقف اختيارية وليست إجبارية.
يسيطر عليها إحساس يقنعها بأنها قادرة على أن تكون مختلفة عن غيرها، تملك هي حق تقرير مصيرها واختيار ما يناسبها في الحياة يضعها أمام منفذ حقيقي بإمكانه أن يشرع عبورها إلى تلك المساحة الممتدة لتظل على الأقل كما اعتادت تمتزج مع نظرتها الرومانسية تجاه الحياة وأيضا تتماهى مع تشخيصها الخاص لكل ما حولها. معتبرة أن أي نظرة أخرى خلاف نظرتها للحياة نظرة معطلة للتقدم ولا تستوعب حتى ذلك التحليل المنصف الذي يسوغ حقيقة الاستمتاع بالجانب الإيجابي من التقنية.
تشعر أن هناك تفاصيل مهمة ستغيب عنها في حال استسلمت لتسلط تلك المواقع الاجتماعية الوهمية من وجهة نظرها، والتي ستشغلها حتما عن حياة الأجدر بها أن تعيشها بعفوية، وأن ترصد تغيراتها بعين ناقدة متأملة تطمح من خلال ذلك الدور إلى إيجاد لغة مشتركة قادرة على أن تخلق تناغما داخل النسيج المجتمعي بأكمله.
هي من خلال تجاهلها لأهمية التقنية تعاود البحث عن حريتها التي تخشى أن تصادر، تقرر أن تتمرد على السلبية الملازمة لها تلك التي تصر على أن تسرقها من نفسها وتغتال لحظات صمتها واستكانتها، وأيضا تلغي خصوصيتها وحتى انسجامها مع كل ما يعنيها مع الأهل والصديقات، وحدها فقط هي من تستطيع أن تخرج من تلك العزلة الوهمية وتمارس التأمل بحرية تمكنها من التواصل مع محيطها، بدون أي حواجز قد تتسبب في استبعادها عن التجمعات العائلية التي تحاول من خلالها أن تضع حدا لذلك الاغتراب الذي يجتاح دواخل الأغلبية بسبب هوسهم بالتقنية وإصرارهم على أن يظلوا مقيدين بسطوتها، يميلون أكثر للقاءات الإلكترونية الصامتة المفتقدة حتما للحياة ولقيم كثيرة فضلوا أن يتخطوها ويعيشوا بمفردهم داخل جمود تلك الشاشات الحديثة المتطورة التي تحرمهم غالبا من التمتع بالتواصل الحقيقي القائم في أساسه على أطر اجتماعية واقعية تنتمي لكل ما هو طبيعي وبسيط.
التزامها بأن تعيش الحياة كما يجب يمنحها القوة لكي تقاوم كل المغريات التقنية، يستدعيها لكي تدير تفاصيل يومها بمعزل عن ضجيج الأجهزة الإلكترونية التي تسلبها هدوءها ورغبتها في أن تستقل أن تكون ذاتها تفرح وتحزن وتكتئب وتصرخ بعيدا عن حصار التقنية وقيودها المرهقة.
هي تعرف جيدا أنها لا تملك أبدا القدرة على أن تجاري غيرها وتتواءم مع أشخاص افتراضيين يدخلون حياتها بشروط غير معلنة، ترفض تماما ذلك النوع من التواصل لا تقبل حتى أن تشاركهم كتاباتهم وأفكارهم وتلك الأحاديث المتناثرة غير المسؤولة ربما لأنهم يتعمدون حجب الضوء عن الحقيقة يختارون أن يتجردوا أحيانا من مبادئهم وحتى من القدرة على التحكم بما يريدونه.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير