قضية فرح قصّاب... الرأي العام يريد أجوبة
في قناعة الدكتور نادر صعب "أنّ على الدولة اللبنانية التشدد في مراقبة مراكز التجميل وإقفالها في حال عدم حيازتها الشروط المطلوبة والضروريّة، أو حصول نتائج سلبيّة تؤثر في سمعة الجراحة التجميليّة في لبنان". الأرجح ان صعب عند إدلائه بالتصريح المذكور لم يكن يعرف أن "النتائج السلبية" ستلاحقه ويُتهم بوفاة سيدة أردنية، ويتحوّل معها الملف إلى قضية رأي عام وحديث الشارع لأيام وأسابيع آتية حول سبب الوفاة وطريقة معاملة الضحية بعد العملية.
لاشك ان قضية وفاة فرح قصاب بعد إجرائها عمليات تجميلية في مستشفى نادر صعب فتحت ملف مراكز التجميل في لبنان، بعدما تحول البلد الصغير إلى قبلة الخليج والعرب لإجراء أدق العمليات التجميلية. لكن الصيت الذي امتاز به لبنان كاد يتحوّل جحيماً، بعد البلبلة الحاصلة في ملف فرح وتدخل وزارة الصحة ووزارة العدل في الملف ومنع صعب مغادرة لبنان.
سلسلة اجراءات اتخذها وزير الصحة غسان حاصباني، بوقف إجراء العمليات الجراحية التي تستوجب تخديراً عاماً في مستشفى الدكتور نادر صعب المتخصص بالجراحة التجميلية. كذلك تضمن القرار منع إجراء عمليات جراحية تستوجب تخديراً عاماً في مستشفيات نهارية أو مراكز جراحة تجميلية أخرى.
بالإضافة إلى توجيه كتاب إلى النيابة العامة التمييزية للتحقيق في حادثة وفاة المرحومة فرح قصاب، وتوجيه كتاب إلى نقابة أطباء لبنان في بيروت لإجراء التحقيقات اللازمة في حادثة وفاتها، وإعطاء النقابة مهلة أسبوعين لتوضيح بعض النقاط الطبّية الفنية والإجابة عن أسئلة موجهة من وزير الصحة العامة بشأن حادثة الوفاة.
لفلفة القضية؟
الأمر لم يتوقف عند وزير الصحة، حيث نفى وزير العدل سليم جريصاتي ما يحكى عن إمكان "لفلفة" القضية بأنه "عندما يرسل وزير العدل بمقتضى المادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية إلى المدعي العام التمييزي طلب إجراء تعقبات، وعندما يضع القاضي سمير حمود النائب العام التمييزي يده على الملف، وعندما يكون هناك ملاحقة قد بدأت على صعيد النيابة العامة في جبل لبنان، وقرار منع سفر وقرار بالتشريح، عندها لن يتم الاكتفاء بالتشريح.
أهل الضحية الذين ادعوا على الطبيب صعب بجرم التسبب بالوفاة، يتابعون الملف وينتظرون تقرير نقابة الأطباء، إلا أنهم يطرحون العديد من الأسئلة عن سبب نقل فرح بسيارة خصوصية إلى مستشفى بعيد، وكيف لعملية تجميل أن تسبب الوفاة.
أسئلة العائلة يتداولها الشارع اللبناني عن كيفية قيام طبيب بعمليات بهذه الدقة ويطلق على مركز التجميل اسم "مستشفى"، من دون أن يكون منسوباً لنقابة المستشفيات أو أن يخضع للشروط اللازمة، خصوصاً في حال حدوث أي عوارض طارئة أثناء العملية وبعدها كما حصل مع الضحية فرح. الأسئلة الكثيرة تشمل أيضاً سبب الامتناع عن نقل الضحية من مستشفى صعب إلى مستشفى سرحال الذي يبعد دقائق قليلة عن مركز التجميل، أو أبو جودة أو حتى مستشفى هارون، لتستدعي تلك الحادثة العديد من الاستفسارات عن سبب نقل الضحية في زحمة السير إلى مستشفى بعيد وبسيارة خاصة. بينما التساؤل الأكبر هو ما عدد الضحايا الذين سقطوا في أي مركز تجميل مرخّص أو لا في لبنان ولم يعلن عن سبب وفاتهم، وتمت لفلفة الملف؟
رفض نقيب الأطباء ريمون الصايغ التحدث راهناً عن هذه التساؤلات، معلناً أن النقابة ستصدر غداً إيضاحات حول اللغط الحاصل في الملف وما إذا تم فعلاً شطب اسم صعب من النقابة سابقاً، وأكد في الوقت نفسه أن التحقيق الطبي سيستغرق بعض الوقت.
"غير منسوب لنقابة المستشفيات"
في المقابل، أكد نقيب المستشفيات في لبنان سليمان هارون لـ"النهار" أن مستشفى صعب "غير منسوب إلى نقابة المستشفيات، لأنه لا يملك غرفة إنعاش ولا طبيب إنعاش في حال حدوث أي عارض. والتقنيات في مستشفى صعب لا تسعف المريض في حال حدوث مضاعفات"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه "جرى الاتصال بمستشفى سرحال القريب من صعب في بادئ الأمر لنقل الضحية، لكن عند سؤال مستشفى سرحال عن وضع فرح لم تعطَ الإجابة الكافية. كذلك لم يجرِ نقلها إلى مستشفى هارون ولا أبو جودة، فلم يجرِ الاتصال بهما من الأصل ما يطرح بعض الأسئلة عن سبب نقلها إلى مستشفى بعيد كسيدة لبنان في جونية"، مؤكداً أن فرح وصلت متوفاة. ولكن لم يتم التأكد مما إذا كانت حالة الوفاة حصلت في مستشفى نادر صعب أو على الطريق، نافياً في الوقت نفسه أن يكون هناك اتفاق بين مستشفى سيدة لبنان ومستشفى صعب لتحمل المسؤولية عن الوفاة "فهو أمر غير منطقي أن يتحمل طرف سبب الوفاة فقط للتستر على صعب".
اذن بمزاولة المهنة
نقيب الأطباء السابق أنطوان بستاني أكد أن الطبيب نادر صعب حاصل على شهادة بمزاولة المهنة، إلا أنه سبق أن تم توقيفه عن العمل ثلاث مرات، لكن الطبيب يقوم بالاستئناف أمام القضاء وتأخذ القضية سنوات، ويمكنه الاعتماد على الاستئناف للعودة للمهنة. ونظراً للضغوط السياسية قد "تنام" العديد من القضايا، حيث ما زال أحد الأطباء في المهنة رغم صدور قرار من النقابة بتوقيفه عن العمل منذ أكثر من 10 سنوات، مؤكداً أن المشكلة تكمن في القانون لا في النقابة التي تصدر أحكامها بحق الأطباء.
القضية تحوّلت إلى حديث الشارع الأول، خصوصاً أن لأهل الضحية صداقات عديدة في لبنان كان أولهم الفنان راغب علامة، وقد اتهم علامة بالدخول في واسطة مع عائلة الضحية، لكنّ مدير أعماله خضر علامة نفى في اتصال مع "النهار" دخول شقيقه راغب في واسطة مع عائلة الضحية فرح قصاب، مؤكداً في الوقت نفسه أن لراغب علاقة صداقة متينة مع عائلة فرح لكن تلك العلاقة القوية لم تدفع بشقيقه للدخول بالقضية، متمنياً على الوسائل الإعلامية توخي الدقة والحذر في نقل الأخبار.
وقد أصدرت عائلة فرح بياناً قالت فيه بأنها تثق بالقضاء اللبناني وهي متمسكة بحقوقها القانونية كاملة. وأضافت في بيان أن "الجهة المخوّلة فقط التحدث بهذا الموضوع في لبنان مكتب المحامي فادي البرشا وفي الأردن مكتب المحامي فيصل البطاينة".
وكان صعب قد أوقف موقتاً عن العمل بانتظار التحقيقات مع الموظفين في مستشفى صعب ومستشفى سيدة لبنان، ويُنتظر أيضاً صدور تقرير نقابة الأطباء والطبيب الشرعي. فهل تحمل الأيام الآتية خبر براءة صعب أو اتهامه بالتسبب بالقتل؟