"أوف" الفلسطينيّة على "شمالي جرش".. حكايات البيادر ومواويل العاشقين
تحضر الفرق الفلسطينيّة كلّ عام في مهرجان جرش للثقافة والفنون كجزء من التعبير الفنّي عن الذاكرة الفلسطينيّة وتعزيزاً للمكان الفلسطيني في نفوس الشباب، وتأكيداً للروابط المتينة الثقافية والتراثيّة تحديداً بين الأردن وفلسطين.
ويستضيف المهرجان هذا العام في دورته الثانية والثلاثين فرقة "أوف الاستعراضيّة" لتقدّم أرقى اللوحات الفلسطينيّة النابضة بالمكان المقدسيّ في توليفة مدروسة بين عبق الماضي والتجديد المعاصر، حيث أثبتت هذه الفرقة حضورها الفاعل في فلسطين في ألوان الدبكة والعتابا والمواويل وغيرها من الفنون التي تتغنى بالشجر والحجر والساحل والقدّس والأحياء العتيقة، لتنطلق الأوف حاملةً كلّ هذا الحنين والشجن في تفاصيل وجوه شباب رضعوا حبّ فلسطين فترددت على شفاههم مواويل وحكايات وترانيم مرّةً حزينةً وأخرى مستبشرةً بهويّة الأرض والإنسان وعروبة القدس وأرض فلسطين.
وتنقل الفرقة حواريات وقصصاً شائقة في قصص الحب العفيف واستذكار الحبيب والغائبين والوقوف على الأطلال في لوحات صارخة بالحريّة وطيوف الكنعانيين والجذور المتوغّلة في عمق التاريخ.
يقول الموّال الفلسطيني: "عالأوف مشعل.. أوف مشعلاني!.. ماني تبلّيته، هوّ اللي تبلاني!.. سلّم عَ التين وسلّم عَ الدّوالي، سلّم عَ الأرض عليّا زعلانة!..ياما كعدنا عَ النبعة خلواني..!".. وهذا الموّال عيّنة على مواويل تكتنز بقيم التمسك بالأرض والوفاء لها ومعانقة أشجارها، ولذلك فإنّ التراث الفلسطيني بكلّ أطيافه في الشمال والوسط والجنوب الفلسطيني هو تراث واحد تسكنه روح واحدة وإن تنوّعت الخصائص هنا أو هناك، وهذا هو سرّ حضور الفرق الفلسطينيّة في المهرجانات المحليّة وخارج فلسطين عربياً وعلى مستوى العالم.
وتحرص الفرقة على تقديم صورة متكاملة للتراث الفلسطيني في أعمال راقصة تنهل من أهازيج وأغانٍ قديمة وألوان لا تنتهي في ربوع فلسطين، ما يؤكّد أنّ فلسطين تظلّ دوماً ولاّدة بالإبداع ومحطات العذاب الإنساني في المنفى والهجرة والابتعاد عن الأرض والدار والشجر والنبع، وكلّ ذلك أبدع الفن الفلسطيني في توظيفه ليحمل كلّ هذه الهموم، مثلما أبدعت الرواية والشعر كذلك في التعبير عن هذا الإحساس من قبل.
وتستند الفرقة إلى معتقدات وإرث وعادات قديمة تنقل "ظريف الطول"، و"دلعنة"، وترفدنا بمعتقدات آلهة الحب والخصب والحرب عند الأجداد الكنعانيين، وكذلك التغني والفرح بمواسم الخير والبيادر والعطاء نحو الحرية والانطلاق والتحليق في فضاءات الجمال، حيث الحب والخير والعطاء والحلم والأصالة والتراث، عبر عشر سنوات لشباب وصبايا قادمين من أحياء القدس وأزقتها العتيقة يواصلون الطريق في صياغة الحلم الفلسطيني عبر هذا المشوار الطويل.