هذا ما يُقدّم من برامج في الشهر الفضيل.. إرهاب وخيانة
من سخرية الصدف أن تُعرض في شهر رمضان الكريم، وهو شهر الفضائل والصوم والتقرّب من الخالق والإكثار من أعمال الرحمة، مسلسلات درامية على مختلف القنوات لا تمّت إلى ما يرمز إليه هذا الشهر بصلة، لا من قريب ولا من بعيد.
ليس خطأ أن تتضمن بعض هذه المسلسلات ما يسمح بالترويح عن النفس عبر بعض المشاهد الخفيفة، والتي لا تتطلب جهدًا في المتابعة، من خلال حبك متقن لترابط الأحداث فيها، وطرح بعض المواضيع التي لا تحتاج إلى الكثير من التركيز.
ولكن أن يصل الأمر ببعض كتاب السيناريوهات إلى ترويج بعض الأفكار، التي يعتبرونه تحررية، كتعويد الناس على فكرة الخيانة مثلًا، فنرى الولد ينغرم بزوجة أبيه في مسلسل "وين كنتي"، والموظفة بمديرها في المكتب في "لآخر نفس"، وكأن لا همّ للذين يقفون وراء هذه المسلسلات سوى الترويج لما هو مخالف لطبيعة العلاقات، فلا نرى مثلًا زوجًا يحب زوجته، والعكس صحيح أيضًا.
ما نشاهده في برامج رمضان، بما لهذه التسمية من تشويهات وإستعارت في غير محلها، هو تسويق للإجرام، وتشريع للدعارة، وتسهيل للخيانة، وتعليم الأولاد على الكذب والتحشيش، وذلك لما في هذه المسلسلات من إيحاءات جاهزة للتطبيق على أرض الواقع، بعد أن يكون التصوير الإفتراضي لواقع مزيف ومشوه قد أخذ مداه في تسهيل التطبيق، بفعل كثرة المشاهد المبتذلة التي تترسخ في العقل الباطني للناشئة وفي لاوعيهم اللارادي.
قد يؤخذ على هذا النوع من الكلام رجعيته وتخلفه، بين مزدوجين، وعدم مجاراته للتطور وعدم مواكبته لما في عالمنا المعاصر من أفكار ثورية، ولكن ما فات بعض "المتنورين" وأصحاب الرؤى والتجليات، أنهم بمسلسلاتهم التافهة هذه، وفي شهر رمضان بالذات، إنما يسهمون في تدمير ما تبقى من قيم وفي الترويج لأفكار تبدو غير منسجمة مع بعض التقاليد، التي لا تزال غالبية الأسر اللبنانية تصرّ على الحفاظ عليها.