حقيقة استهداف مسلمي شرق لندن بالحمض.. لن تصدق عدداً من هذه الهجمات
جو 24 :
أثارت موجة من الهجمات باستخدام الحمض الذعر في نفوس بعض مسلمي شرق لندن لدرجة جعلتهم لا يغادرون منازلهم.
وكان صامويل إدوين، المتحدث باسم الحكومة البريطانية، قد أدان الهجمات التي استهدفت المسلمين في لندن، مطالباً بضرورة التكاتف من أجل مواجهة الإرهاب.
وكتب إدوين عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر": "أفضل رد فعل أمام الهجمات التي تستمر فى استهداف الأبرياء هو أن نتكاتف معاً في وجه الإرهابيين وأن لا نسمح لهم بترعيبنا".
وتابع: "هجوم لندن الوحشي والجبان ضد المسلمين يتنافى والقيم البريطانية التي تقوم على الانفتاح والاندماج والمعارضة للتطرف والكراهية مهما كان مصدرهما".
وقد ازدادت المخاوف بعد أن عانت الباكستانية رشام خان، 21 عاماً، وابن عمها جميل مختار، 37 عاماً، من إصابات بالغة نتيجة إلقاء أحد المهاجمين الحمض عليهما عبر نافذة سيارتهما في حي نيوهام بلندن يوم الأربعاء، 21 يونيو/حزيران 2017، وفقاً لما جاء في تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية.
وقالت الشرطة مبدئياً إنَّه لم تكن هناك دلائل على أنَّ الحادث له دوافع دينية أو عرقية.
وبالرغم من ذلك، أعادت الشرطة تصنيف الحادث على أنَّه جريمة كراهية بعد أن أصرَّ مختار أنَّ الإسلاموفوبيا كانت عنصراً في الجريمة، وبعد مزاعم العثور على منشورات متعاطفة مع اليمين المتطرف في صفحة فيسبوك الخاصة بـ"جون توملين"، 24 عاماً، الذي يجري استجوابه لمعرفة علاقته بالحادث.
ذعر بالشبكات الاجتماعية
وبمجرد انتشار أخبار الهجوم، بدأ مستخدمو الشبكات الاجتماعية في الإبلاغ عن هجماتٍ أخرى بالحمض، مع بعض التكهنات باستهداف المسلمين أو ذوي الملامح الآسيوية.
وتضمنت الحوادث رجلاً من أصولٍ آسيوية أُلقيت عليه مادة ضارة أثناء قيادته لسيارته في الشارع التجاري بحي تاور هامليتس شرقي لندن، الخميس الماضي، 29 يونيو/حزيران 2017، ثم سُرِقت سيارته من قبل المهاجمين بعد أن نزل منها لطلب النجدة.
وظهرت تقارير أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بحدوث هجومين آخرين في حي إيست هام يوم الجمعة الماضية، 30 يونيو/حزيران. أحدهما لامرأةٍ تعرَّضت للحرق جزئياً عند باب منزلها بواسطة شخص ادَّعى أنَّه عامل التوصيل. والآخر لامرأةٍ استُهدِفت بواسطة مهاجمين بالحمض يستقلّون دراجةً نارية في منطقة بلاشيت غروف.
ونشر مقداد فيرسي، عضو المجلس الإسلامي البريطاني، في تغريدةٍ له عبر موقع تويتر الجمعة صورةً تتضمَّن خبر هجوم بالحمض، وعلَّق عليها قائلاً: "نُشرت منذ ساعتين. هجوم آخر بالحمض في نيوهام. ابقوا آمنين رجاءً".
ودفع الخوف سكان شرق لندن لعمل اجتماعٍ طارئ مساء الأحد الماضي، 2 يوليو/تموز 2017، حضره جون بيغز عمدة حي تاور هامليتس.
واستمع بيغز للساكن الذي ترأس الاجتماع وهو يقول: "هذه الهجمات تحدث عند أبواب منازلنا. رجالنا ونساؤنا وشبابنا لا يشعرون بالأمان. إنَّهم يخشون الخروج من منازلهم".
وكرَّر إمامٌ محلي تلك المخاوف، والذي أكَّد أنَّ بعض هجمات الحمض كانت جرائم سرقة، وليست جرائم كراهية، ولكنَّه أقرَّ أيضاً قائلاً: "حتى زوجتي كانت تقول بالأمس إنَّها تخشى مغادرة المنزل كي لا تتعرض للهجوم بالحمض".
وفي الوقت نفسه، ظهرت تحذيراتٌ عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمَّنت: "احذروا من فضلكم. خاصةً إن كنتم من ذوي البشرة البُنية. يبدو أنَّ هذه الهجمات تستهدف ذوي الملامح الآسيوية أو المسلمة".
وغرَّد حسابٌ يحمل اسم Bad Bhai الخميس 29 قائلاً: "هذه الهجمات تستهدف الآسيوين أو ذوي الملامح المسلمة. أغلقوا نوافذ سياراتكم طوال النهار".
هل الهجمات تستهدف المسلمين فقط؟
وبالرغم من ذلك، وعدا عن الحادث الذي تعرَّضت له رشام خان وجميل مختار، لم تصنف الشرطة حتى الآن تلك الحوادث باعتبارها جرائم كراهية، وفقاً لما ذكره تحقيق الإندبندنت.
وتقول الصحيفة "يبدو أنَّ الكثير من الحوادث الأخرى تحمل بصمات هجمات السرقة الشرسة أكثر من كونها جرائم كراهية".
وفي إحدى الحوادث، في حي لايمهاوس شرقي لندن، كان الضحية رجلاً أبيض. وأكَّد رواد الشبكات الاجتماعية، الذين نشروا الفيديو الذي ظهر فيه ذلك الرجل وهو يُرش بالماء من قِبل المسعفين، أنَّه كان حادث سطو.
ونشر حساب يحمل اسم Repon Miah الفيديو عبر موقع تويتر يوم السبت، 1 يوليو/تموز 2017، وقال: "هجوم بالحمض الليلة الماضية في منطقة بوبلار بحي لايمهاوس خارج متجر "أولسيزونس - Allseasons ."
ثُمَّ رد بعد ذلك الأحد، 2 يوليو/تموز، في تعليقٍ على حسابٍ يتساءل عن دوافع الهجوم، فقال: "حادث سطو".
ولم يتضح على الفور إن كانت كل الحوادث المنشورة على الشبكات الاجتماعية قد أُبلغ عنها، لكنَّ شرطة سكوتلانديارد قالت لصحيفة الإندبندنت البريطانية إنَّها قد تعاملت مع الهجوم الذي وقع للرجل الذي سُرِقت سيارته في الشارع التجاري باعتباره حادث سرقة.
وأضاف متحدث رسمي أنَّه لم يتم الربط بينه وبين الهجوم الذي وقع لرشام خان وجميل مختار في حيٍ مجاورٍ لحي نيوهام.
وفي حادثٍ آخر أُشير إليه على الشبكات الاجتماعية، خارج مستشفى ويبس كروس الجامعي في منطقة ليتونستون شرقي لندن الخميس، 8 يونيو/حزيران، قال الضحية، الطبيب سيد نديم، 44 عاماً، أنَّه تعرَّض للهجوم من جانب 4 ملثمين يستقلون دراجة نارية، وصرخوا فيه قائلين: "أعطنا أموالك وإلا سنقطع رقبتك". ورشَّ الملثمون الحمض على نديم، الذي أصيب بحروقٍ في وجهه وذراعيه.
وصرح نديم أنَّ فريق هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا قد أرسل تحذيراتٍ عبر تطبيق واتساب بعد أن عالج أطباء الطوارئ ثلاث ضحايا آخرين عانوا من حروق الأحماض في غضون ساعةٍ واحدة. وقال: "تلقينا رسائل نصية تقول إنَّ أشخاصاً يطرقون زجاج سيارتك، وبمجرد أن تفتح لهم يلقون الحمض داخل السيارة".
وتبدو الهجمات التي ذكرتها التحذيرات وما تعرض له نديم مشابهة تماماً لما حدث للسيدة التي تعرضت للهجوم في بلاشيت غروف.
وقد وُصِف هذا الحادث بأنَّه هجومٌ نفَّذه "أربعة رجالٍ يستقلون دراجة نارية". وقد هربت الضحية المستهدفة دون أن تتعرض للأذى، لأنَّ أبواب السيارة كانت موصدة وكان الزجاج مغلقاً.
أعداد هائلة من الهجمات بالأحماض
ويأتي كلٌ من نيوهام وتاور هامليتس أيضاً بين أحياء لندن الأكثر تعرُّضاً لتلك الهجمات، حسب الإندبندنت.
فقد أشار طلب كشف معلوماتٍ لشرطة العاصمة في مارس/آذار الماضي استناداً لقانون حرية المعلومات، إلى نيوهام باعتباره أكثر أحياء لندن تسجيلاً لحوادث هجوم بالأحماض، بواقع 398 حادثاً في الفترة من 2011 وحتى 2016.
وسجَّل حي تاور هامليتس ثالث أكبر رقم في حوادث الهجوم بالأحماض، بواقع 84 حادثاً في الفترة من 2011 وحتى 2016.
وأظهرت الأرقام أيضاً ارتفاعاً حاداً في عدد الهجمات بالأحماض عبر لندن كلها، بواقع 431 حادثاً في 2016 مقارنة بـ261 حادثاً في 2015.
وعلى مستوى العالم، تقع نحو 80% من حوادث الهجوم بالأحماض بواسطة رجالٍ ضد النساء، وكثيراً ما تكون بدافع الانتقام بسبب رفض طلبات ممارسة الجنس أو عروض الزواج.
لكن في المملكة المتحدة، تعتقد الجمعيات الخيرية التي يتعلَّق نشاطها بهجمات الحمض أنَّ نسبة مرتفعة من الهجمات هي من رجالٍ ضد رجال، وذلك في ظل استخدام أفراد العصابات للأحماض بشكلٍ متزايد لكونه سلاحاً يسهل الحصول عليه.
وأدى الهجوم على رشام خان وجميل مختار إلى توقيع أكثر من 255 ألف شخص على عريضة يدعون فيها إلى تشديد القيود على بيع الأحماض التآكلية.
وتنظم جمعية "تصدوا للعنصرية - Stand Up to Racism" أيضاً وقفة احتجاجية تضامناً مع خان ومختار مساء غد الأربعاء، 5 يوليو/تموز، في محطة ستراتفورد شرقي لندن.