كشف مسؤولون أمنيون في إسرائيل أنها معنية بإقامة مناطق آمنة على طول الحدود مع سوريا والأردن أيضا، لكنها تعارض أن يشرف الجيش الروسي على هذه المناطق، وأن هدفها إبعاد «حزب الله» وإيران عن خط التماس. واعترضت إسرائيل على أن تأخذ تركيا وإيران دورا في تحديد الأماكن التي ستقام فيها المنطقة الآمنة، كذلك أعلنت أنها لا تريد أن تأخذ دورا فاعلا في هذه المناطق. وأوضحت صحيفة «هآرتس»، أن مبعوثا أمريكيا رفيعًا زار إسرائيل قبل نحو أسبوعين والتقى مع مسؤولين كبار في وزارة الأمن والجيش ووزارة الخارجية، لبحث إمكانية إقامة مناطق آمنة على الحدود السورية الإسرائيلية. وقالت الصحيفة إن فكرة إقامة المناطق الآمنة في مختلف أنحاء سوريا طفت على السطح بعد تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهامه هذا العام، وأن من دفع بهذا الحل كان البيت الأبيض والكرملين، كل على حدة، كإحدى الإمكانيات لإنهاء الأزمة السورية.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين كبار، رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن فكرة إقامة المناطق الآمنة على الحدود الإسرائيلية السورية والأردنية السورية باتت جدية في الشهر الأخير، بعد أن بدأت مفاوضات سرية بين الأردن وروسيا والولايات المتحدة حول الموضوع، وأن إسرائيل ليست شريكة في المفاوضات لكنها على اطلاع تام على مضمونها. وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الأمن والجيش هما المؤسستان اللتان تتابعان موضوع إقامة المنطقة الآمنة على الحدود مع الإدارة الأمريكية، وأن هناك تدخلا محدودا لوزارة الخارجية، وأن المحادثات، حسب أحد المسؤولين، تجري بسرية وكثافة في الأيام الأخيرة. وقال المسؤول إن إسرائيل تعمل بتنسيق تام مع الولايات المتحدة، التي تتابع بدورها الترتيب مع روسيا وجهات دولية أخرى، وتنقل الموقف الإسرائيلي بحذافيره خلال المحادثات. وذكرت الصحيفة أن المبعوث الأمريكي كان بيرت بكاجورك، الذي وصل البلاد لإلقاء خطاب في مؤتمر هرتزليا الأمني استغل وجوده للقاء المسؤولين في وزارة الأمن والجيش لبحث موضوع المناطق الآمنة. ووصل قبله، حسب الصحيفة، المبعوث الأمريكي لسوريا، مايكل ريتني، الذي يعمل سويا مع بكاجورك بموضوع المناطق الآمنة، وقام بمباحثات مشابهة مع مسؤولين في الأجهزة الأمنية ووزارة الخارجية.
تركيا وإيران
وكذلك تم التباحث حول المناطق الآمنة، حسب الصحيفة، خلال لقاء وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، في مدينة ميونخ الألمانية. وقالت إذاعة جيش الاحتلال أمس إن إسرائيل قدمت عددا من المطالب، أولها أن تكون المفاوضات حول المنطقة الآمنة على حدودها منفصلة عن المحادثات التي تجري في كازاخستان، التي تأخذ كل من تركيا وإيران دورا فاعلا فيها. وطلبت ألا يكون لهاتين الدولتين أي دور في تحديد ماهية المناطق الآمنة في الجنوب السوري. وتبنت الإدارة الأمريكية، حسب الصحيفة، الموقف الإسرائيلي، وبناء عليه أقامت محادثات منفردة مع روسيا ومع الأردن. كما طلبت إسرائيل أن تستعمل المناطق الآمنة على الحدود مع سورية لإبعاد إيران وحزب الله و»الميليشيات الشيعية» عن الحدود الإسرائيلية وعن الحدود الأردنية. وكان الطلب الثالث هو أن تنأى إسرائيل بنفسها عن الحرب الدائرة في سوريا وعدم الانجرار للتورط فيها عن طريق عدم أخذ دور فاعل في المناطق الآمنة، سواء على صعيد الرقابة والإشراف أو حفظ الأمن، وبذلك تطبق على أرض الواقع سياسة «فخار يكسر بعضه» داخل سوريا. وقال مسؤول إسرائيلي للإذاعة إن القلق الأساسي كان حول طريقة الإشراف على وقف إطلاق النار وأعمال العنف في هذه المناطق، وأن روسيا اقترحت إشراف جيشها على المناطق الآمنة في الجنوب السوري، لكن إسرائيل أوضحت للأمريكيين أنها تعارض ذلك، وأنها تفضل أن يكون الإشراف أمريكياً.
نتنياهو بوتين
وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد واصل ممارسة ضغوطاته على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من أجل السعي للإعلان عن جنوب سورية المتاخمة للجولان المحتل منطقة عازلة ومنزوعة السلاح. وكان نتنياهو أجرى أول من أمس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي وتباحث معه حول التطورات بسورية، فيما أفاد المتحدث باسم الكرملين، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، هو من بادر إلى الاتصال بالرئيس بوتين. وتمحور الحوار بينهما حول الجهود المشتركة لمكافحة ما يسمى بـ»الإرهاب» والتعاون الروسي الإسرائيلي بهذا المجال، كما نوقشت آخر التطورات في الملف السوري والتسوية المرتقبة في الشرق الأوسط.
ترامب وبوتين
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن صحيفة «التايمز» البريطانية، أن نتنياهو طرح خلال مباحثات هاتفية مع بوتين وترامب قضية إقامة منطقة عازلة في جنوب سورية والإعلان عن المناطق المتاخمة لخط وقف إطلاق النار منطقة منزوعة السلاح.
وحسب المعلومات التي أورتها «التايمز»، يدور الحديث عن منطقة ممتدة على طول 50 كيلومترا شرقي الجولان حتى مشارف درعا وصولا إلى بلدة السويداء مع الحدود مع الأردن، وهي المنطقة التي تتركز عليها المفاوضات بين موسكو وواشنطن. وتبدي الأوساط الدولية ذات الصلة مخاوفها من أن منطقة عازلة في جنوب سورية برعاية إسرائيلية من شأنه العودة إلى فكرة المنطقة العازلة في الجنوب اللبناني، فيما تصر إسرائيل على موقفها الرافض لتعزيز النفوذ الإيراني والفصائل المسلحة في المنطقة واستعدادها للتصدي لها.
إيران أخطر من «داعش»
جاء أن نتنياهو معني بأن كل تسوية مستقبلية لإنهاء الحرب في سوريا تشتمل على إقامة مناطق عازلة في الجولان على الحدود معها، وكذلك على الحدود بين سوريا والأردن لمنع إقامة قواعد لإيران و»حزب الله» في هذه المناطق. وقالت المصادر ذاتها إن نتنياهو طرح ذلك في المحادثات التي أجراها في الأسابيع الأخيرة مع الإدارة الأمريكية، ومع جهات دولية أخرى. وادعى نتنياهو في محادثاته مع جهات دولية أن إقامة قواعد لإيران وحزب الله على الحدود بين سورية وإسرائيل، وعلى الحدود بين سورية والأردن، من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة، ويشكل تهديدا أمنيا سواء على إسرائيل أم على الأردن. كما قال قائد أركان جيش الاحتلال، غادي آيزنكوت، أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الأربعاء الماضي إن «إبعاد إيران وتقليص نفوذها في الدائرة الأولى حول إسرائيل هو تحد لا يقل أهمية عن هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وربما أهم من ذلك بالنسبة لإسرائيل.»
القدس العربي