هل باولينيو هو اللاعب المناسب لتقديم الإضافة لبرشلونة؟
يوماً بعد يوم يزداد اهتمام برشلونة بالتعاقد مع البرازيلي باولينيو نجم جوانجزو إيفرجراند الصيني، لاعب خط الوسط يعد مطلب رئيسي لإدارة البرسا في سبيل تطوير صفوف الفريق بعد تقديمه البرسا مستوى هزيل خصوصاً في وسط الملعب خلال الموسم المنصرم.
الخلاف يدور حالياً بين جماهير برشلونة ومتابعي كرة القدم بشكل عام، هناك قسم مؤيد لصفقة باولينيو بسبب مستواه المميز في الدوري الصيني الممتاز خلال الأشهر الأخيرة مع تألقه بقميص منتخب البرازيل، وقسم آخر يعارض الصفقة بحجة أن برشلونة أكبر من اللاعب.
باولينيو .. لاعب بإمكانات جيدة
من يتابع باولينيو منذ سنوات سيعي بأنه يملك قدرات جيدة في خط الوسط، هو مزيج بين المهارة والقوة البدنية، حيث يملك القدرة على المراوغة والتسديد على المرمى، ويملك الرؤيا الجيدة في الملعب للربط بين الخطوط، وفي ذات الوقت يملك قدرات دفاعية جيدة حيث بلغت نسبة استعادته للكرة في الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 132014 بقميص توتنهام 2.2 في كل مباراة.
قدرات باولينيو لا تجعله ضابط إيقاع بالشكل المطلوب، هو ليس قريب من طريقة لعب تشافي هيرنانديز أو لوكا مودريتش وتوني كروس، وربما يكون أقرب لتسمية "لاعب من الصندوق إلى الصندوق” من أمثال سامي خضيرة وأرتورو فيدال، لكن بمهارة أفضل باعتقادي.
باولينيو ليس لاعباً سيئاً، بل على العكس، هو لاعب ممتاز وأثبت ذلك في عدة مناسبات مما جعله ملاحقاً من كبار أوروبا صيف 2013 قبل أن يخطفه توتنهام محطماً الرقم القياسي الخاص به في سوق الانتقالات.
تجربة توتنهام .. الخطر الأول على صفقة انتقاله إلى برشلونة
بعد الحديث عن الجوانب الإيجابية في مستوى باولينيو يجب التطرق إلى الأمور السلبية التي تحيط به والتي تجعله انتقاله إلى صفوف برشلونة أمراً ليس بالمستحب حدوثه.
باولينيو كما نعلم جميعاً خاض تجربة في توتنهام هوتسبير لمدة موسمين، تجربة نستطيع أن نصفها بالغير ناجحة حتى نتجنب كلمة "فاشلة” ، النجم البرازيلي أخفق في إثبات إمكاناته داخل أسوار وايت هارت لين، بل على العكس تحول إلى مصدر سخرية لجماهير المنافسين ومصدر إحراج لجماهير توتنهام، خصوصاً في موسمه الثاني.
طبعاً هذا لا يعني بأن باولينيو قدم مستوى جيد في الموسم الأول، صحيح أنه شارك في 33 مباراة كأساسي لكن مستواه بالمجمل العام كان ما دون المتوسط، بل شكل نقطة ضعف واضحة في وسط الملعب في العديد من المباريات وأفقد الفريق لشخصيته في الملعب، الأمر الذي جعله يشارك 3 مرات فقط كأساسي في الموسم التالي تحت إمرة بوتشيتينو، ثم يرحل عن النادي صيف 2015 منهياً تجربته المريرة في إنجلترا.
الإخفاق في توتنهام ليس المشكلة .. بل العقلية !
في الحقيقة لا أستطيع القول بأن إخفاقه في توتنهام يعني بأنه لاعب سيئ، بل أن العديد من اللاعبين حققوا نجاحات مبهرة بعد تجربة فاشلة ومنهم أتوا من البرازيل، فيليب كوتينيو على سبيل المثال فشل في إنتر ميلان لكنه نجح بعد ذلك في ليفربول، رونالدينيو لم يحقق النجاح الحقيقي في باريس سان جيرمان ثم انفجر في برشلونة، كذلك روبيرتو كارلوس الذي نجح في ريال مدريد بعد إخفاقه في إنتر ميلان.
لكن مشكلتي الرئيسية هنا هي العقلية التي جعلت اللاعب يخفق والتي يواجه باولينيو مشكلة كبيرة بها. في صيف 2013 أطلق باولينيو تصريح مفاجئ يوضح خلاله أسباب رحيله عن أوروبا عام 2008 حينما كان شاباً بسن 20 عام، حيث صرح بأنه كان يائس وفاقد للثقة والأمل، السبب يتعلق بتعرضه لهتافات عنصرية في بعض الملاعب، الأمر الذي جعله يفكر في اعتزال اللعب !
باولينيو هرب من أوروبا بعد عامين فقط من تواجده في ليتوانيا ثم بولندا وعاد إلى بلاده البرازيل للعب في الدرجة الثانية، لكن لا ألومه هنا لأنه كان شاب يافع حينها وربما تعرض لصدمة ثقافية، لكن أستطيع اعتبار ذلك كدليل على سبب إخفاقه في توتنهام، فخلال إبريل من عام 2014 وضح أسباب تراجع مستواه قائلاً "أواجه مشكلة في التأقلم في أجواء إنجلترا والتعامل مع ثقافة البلد”.
المشكلة مع باولينيو لم تنتهي بعد عودته إلى أوروبا مرة أخرى، بل صرح علانية بأن ثقافة البلد تقف عائق أمامه لتقديم أداء جيد في الملعب، وهي نقطة سلبية تحسب ضده حتى وإن كانت كتالونيا وإسبانيا أكثر تقبلاً للاعبين البرازيليين.
باولينيو
الهروب إلى الصين يؤكد أنه يواجه مشكلة في العقلية
11.9 مليون جنيه استرليني فقط قيمة صفقة انتقال باولينيو من توتنهام إلى جوانجزو! ماذا يعني ذلك؟ ما أريد قوله بأن باولينيو كان يستطيع بقليل من الجهد مع وكيل أعماله أن يجد نادي مرموق في أوروبا يمنحه فرصة جديدة بعد إخفاقه في توتنهام ما دام النادي الإنجليزي مستعد لبيعه مقابل مبلغ في المتناول. إنتر ميلان الإيطالي ربما كان سيبدي سعادته بالصفقة لأنه حاول جاهداً ضم البرازيلي صيف 2013 دون أن ينجح في ذلك.
قيمة الصفقة المنخفض يوضح لنا بأن باولينيو لم يرغب في الرحيل عن توتنهام لأنه لم يجد مكاناً في التشكيلة الأساسية فقط، بل أراد الهروب من أوروبا مجدداً، أو لأنه لم يتحمل الضغط والسخرية التي كان يتعرض لها في بعض الأحيان من جماهير الأندية المنافسة موسم 142015.
لكن إن كان باولينيو لا يستطيع تحمل الضغط في نادي متوسط بحجم توتنهام، فكيف له أن يتحمله في برشلونة وبهذا الوقت بالتحديد الذي يحاول خلاله النادي سحب البساط من تحت أقدام غريمه ريال مدريد؟
برشلونة ربما يكون بحاجة للاعب أكثر ثقة بقدراته، أكثر رغبة وطموح وإصرار على النجاح، أقوى على صعيد الشخصية، ويملك عقلية احترافية ترفض التراجع إلى الخلف مثل الانتقال إلى الدوري الصيني.
حتى لا ننسى .. التألق في الدوري الصيني ليس امتياز
في الحقيقة يجب أن نعرف بأن الدوري الصيني الممتاز مستواه أقل من المتوسط بالنسبة لبطولات أوروبا، البرازيلي ألكسندر باتو على سبيل المثال والذي أخفق تهديفياً ضمن صفوف كورينثيانو وساو باولو بعد رحيله عن ميلان، ثم أخفق مجدداً بقميص فياريال وتشيلسي، يملك في الوقت الحالي 8 أهداف سجلها في 15 مباراة من الدوري الصيني مع صناعة هدفين !
مستوى باتو المميز في الدوري الصيني يوحي لنا بفارق الجودة الكبير جداً والشاسع بين بطولات شرق آسيا وأوروبا وحتى أمريكا الجنوبية، لذلك إن كان برشلونة معجب بمستوى باولينيو في الصين فقط فحينها يجب أن يعيد حساباته في الصفقة.
كما قلت في البداية، باولينيو لاعب جيد إلى جيد جداً ويملك خصائص عديدة مميزة، لكن بكل تأكيد ليس الدوري الصيني هو من يجعلنا نشيد به.
الصفقة مفيدة لبرشلونة في حالة واحدة فقط
توجه برشلونة للتعاقد مع باولينيو هو الذي سيحكم إن كانت الصفقة مفيدة أم مضرة بالنادي، إن كان فالفيردي وإدارة النادي يضعون باولينيو في خياراتهم كقائد لخط الوسط والرجل الذي سيقدم الإضافة في وسط الملعب ويعالج مشاكل الفريق في الموسم المقبل فحينها سيرتكبون خطأ فادح جداً، فمن يملك مشكلة شخصية دائمة ولا يملك القدرة على الإصرار والقتال من أجل طموحه من المستحيل أن يكون قائد ناجح في خط الوسط لفريق بحجم برشلونة.
لكن إن كان برشلونة يفكر في باولينيو من أجل منح الفريق عمق أكبر على دكة البدلاء وتوفير حل مناسب له للعجز الواضح في الخيارات التكتيكية للمدرب فحينها ربما يكون صفقة جيدة، لكن ذلك يتطلب أن يعقد النادي صفقة مدوية مع لاعب آخر حتى يعيش البرازيلي في ظله ويتخلص من الضغوط أمام الجماهير ووسائل الإعلام، بل ويفهم الجميع بأنه مجرد بديل يعزز صفوف الفريق وقت الحاجة.