قناة الجزيرة تثير جدلاً في أميركا
يسود جدل بالولايات المتحدة الأميركية بشأن شراء شبكة الجزيرة الإعلامية قناة كَرَنت CURRENT" وعزمها إطلاق قناة اخبارية جديدة تحت اسم «الجزيرة أميركا».
وينبع هذا من وجود تيارات ترفض دخول الجزيرة السوق الإعلامية الأميركية وتعتبرها "معادية للولايات المتحدة وإسرائيل وصوتاً للإرهابيين".
وبهذا السياق دعا كليف كينكايد مركز Accuracy In Media المعني بمراقبة دقة تغطية وسائل الإعلام، الكونغرس، لعقد جلسة استماع بشأن بيع آل غور نائب الرئيس الأميركي الأسبق قناته "كرنت" للجزيرة، معتبراً الصفقة تنطوي على خطر يهدد الأمن القومي الأميركي.
وقال كينكايد في بيان صحفي "محاولة الجزيرة توسيع بثها لملايين الأميركيين يعد خطراً غير مقبول على المواطنين". وأضاف "الجزيرة تخطط للوصول للمسلمين الأميركيين الذين يتحدثون الإنجليزية بالمقام الأول وبث المزيد من التقارير والصور التحريضية ضد أميركا وإظهارها العدو والشرير في الشرق الأوسط".
ويتفق مع هذا الرأي الكاتب بشؤون السياسة والاتصالات ستيفن كورلاندور مع اختلاف بسيط، إذ يقول للجزيرة نت "شخصياً لست سعيدا بفكرة السماح لشبكة معادية للسامية أن تبث الكراهية والتعصب على الفضاء الأميركي ولكن بالوقت نفسه لا أؤيد أن تنتهك الحكومة أو مزودو الكابل حقوق هذه القناة من البث". ويضيف "معظم الأميركيين ينظرون للجزيرة باعتبارها مناهضة للولايات المتحدة ومعادية للسامية، ولدى هؤلاء ما يبرر ذلك استناداً لما تبثه القناة الرئيسية من برامج".
لكن رئيس المركز الدولي للإعلام بنيويورك روري أوكونور الذي يؤيد الصفقة، قال للجزيرة نت "يجب أن يكون لدينا خيارات عدة للحصول على الأخبار من وجهات نظر مختلفة، وهذه رغبة يشاركني فيها أغلب الأميركيين الذين يشاهدون التلفزيون" معتبرا أن من الرائع أن تضاف الجزيرة لهذه الخيارات و"هذا أكثر أهمية بسبب قلة تغطية الأخبار الدولية المتوفرة بقنواتنا المحلية".
وأوضح أوكونور أن الجزيرة تعاني منذ فترة طويلة من مشكلة توثيق علامتها التجارية بأميركا بسبب "وصفها زوراً" بأنها بمثابة المناهض لأميركا وعدائية "وشبكة إرهابية". ويرجع ذلك "للمعلومات الخاطئة السائدة بأميركا حول الجزيرة وتغطيتها".
وأضاف "في الحقيقة أعتقد أيضاً أن هناك جزءا من العنصرية تقف خلف هذه المعارضة بشأن كون الجزيرة قناة عربية الأصل، فلم نر هناك معارضة مماثلة من قبل على سبيل المثال للشبكات الأجنبية الأخرى التي تبث حاليا بأميركا وتملكها روسيا أو الصين بل وحتى بي بي سي".
بالاتجاه ذاته يؤكد أستاذ للصحافة والدبلوماسية بجامعة جنوب كاليفورنيا بأن المزيد من الأصوات الإخبارية أفضل خصوصاً إذا كان هذا الصوت الجديد لديه تغطية دولية موسعة مثل الجزيرة.
ويرجع فيليب سيب -وهو مؤلف كتاب "تأثير الجزيرة"- الجدل الدائرة بشأن الجزيرة لما بعد أحداث الـ11 من سبتمبر، ومع البدايات الأولى لحرب العراق حيث عبر حينها مسؤولون أميركيون عن غضبهم إزاء تغطية الجزيرة "المنحازة ضد النشاط العسكري الأميركي".
وبشأن مدى نجاح الجزيرة باختراق السوق الأميركية ومنافستها القنوات المحلية، يقول سيب: يجب عليها أن تثبت بأنها ستقدم شيئاً مختلفاً لأن الناس الآن ينظرون إليها على أنها مجرد محطة أخرى، لكن إذا وفرت خطاباً ومضموناً بطريقة لا يمكن للمشاهدين العثور عليه بأي مكان آخر فإنها لا شك ستنجح.
مؤسس وعميد كلية إدوارد مورو للاتصالات بجامعة واشنطن لورنس بنتاك (الجزيرة نت)
بدوره عبر مؤسس وعميد كلية إدوارد مورو للاتصالات بجامعة ولاية واشنطن، لورنس بنتاك، عن تأييده لدخول الجزيرة أميركا، وأكد للجزيرة نت بأنه من الأفضل تعدد وجهات النظر بأميركا "أما إذا كنا نستمع فقط للآراء التي نتفق معها ونرى الأحداث العالمية فقط من خلال المنظار الأميركي فلا يمكننا أن نفهم حقاً العالم أو نضع سياسات فعالة على الساحة العالمية".
وأشاد بالجزيرة قائلاً "قناة الجزيرة لديها موارد هائلة وحضور عالمي مثير للإعجاب" لكنه أشار إلى أن قوة وضعف "الجزيرة أميركا" سيكون بالعلامة التجارية للجزيرة الأصل التي تدور حولها بعض التصورات المسبقة.
ولفت إلى أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش نجحت في ربط اسم الجزيرة بكونها تلفزيونا للإرهاب. وهذه الفكرة وفق بنتاك التصقت بأذهان كثير من الأميركيين.
ومع ذلك يتوقع بنتاك مكاناً مرموقاً لقناة "الجزيرة أميركا" شريطة توفيرها تغطية محلية قوية بجانب تقاريرها الدولية.
أما الصحفية الاستقصائية والباحثة جيري سبيلر فقد عبرت عن صدمتها من بيع آل غور محطته "كرنت" للجزيرة، وقالت للجزيرة نت "لدي صدمة من ناحية القيم الليبرالية التي كانت تقوم عليها قناة كرنت ووقوفها ضد قوى النفط وكيف آلت بها الأمور لتستحوذ عليها الجزيرة التي تمول من قبل دولة نفطية".
وأضافت "على الجزيرة الآن إن أرادت كسب قلوب وعقول الجمهور الأميركي أن تظهر عملياً بأنها عادلة بتغطيتها للأحداث وغير متحيزة". ولا تعتقد سبيلر بأن الجزيرة ستكون منافسا لقنوات محلية أخرى بل ترى أنها ستظل خياراً مختلفاً تعبر عن ذاتها.