طلبة مركز‘‘الحسين‘‘ يقاومون أوجاع ‘‘السرطان‘‘ ويتفوقون بالتوجيهي
جو 24 :
مقاومة الأوجاع والآلام، والإصرار على تحقيق الطموح والأحلام، سلاح تشبث به ثمانية من طلبة الثانوية العامة ممن يتلقون العلاج لإصابتهم بمرض السرطان في مركز الحسين.
حارب هؤلاء الطلبة وذويهم "السرطان" بإرادتهم وصبرهم في تلقي العلاجات اللازمة، وتغلبوا عليه من خلال نجاحهم وتفوقهم بدراستهم في امتحان "التوجيهي".
وكان مركز الحسين للسرطان هنأ طلاب التوجيهي المرضى الذين نجحوا في امتحانات الثانوية العامة رغم تلقيهم العلاج.
وكانت المدير العام لمؤسسة الحسين للسرطان، الأميرة غيداء طلال، عبرت عن فخرها بهذا النجاح الباهر لطلبة الثانوية العامة من مرضى السرطان ممن يتلقون العلاج في مركز الحسين.
وكتبت على حسابها الخاص على "فيسبوك": "هؤلاء هم أبطالنا في مركز الحسين للسرطان الذين يواصلون تحقيق أحلامهم بالمثابرة والإصرار والعزيمة التي لا تعرف حدودا. ألف مبروك لأبنائنا في مركز الحسين للسرطان نجاحهم في امتحان الثانوية العامة رغم كل التحديات والمعاناة التي رافقتهم خلال مشوارهم الدراسي الطويل".
وأضافت: "نبارك لأبطالنا "شهد الشواروة، حنين البلتاجي، حمزة المحيسن، محمد زكارنة، ديما عبد الدين، بكر أبو محفوظ، تمام قشطة، بتول الشامي، وشفاء كيوان" نجاحهم في امتحانات التوجيهي لهذا العام على الرغم من تلقيهم العلاج، ونتمنى لهم ولجميع طلاب التوجيهي التوفيق في مسيرة حياتهم".
"الغد" سلطت الضوء على عزيمة هؤلاء الطلبة ومنهم الطالب حمزة المحيسن من الفرع العلمي الذي واجه آلامه ومرضه بالإصرار والعزيمة بتفوقه وحصوله على معدل 84.9.
اكتشفت عائلة حمزة إصابته بمرض السرطان وهو في الصف الثالث الابتدائي، بعد شعوره بالتعب المفاجئ صاحبه ارتفاع بدرجة الحرارة وانخفاض الدم، وخضوعه للفحوصات اللازمة والمتعددة التي أثبتت إصابته بمرض "اللوكيميا" الحاد.
يقول حمزة: "بدأت تلقي العلاج وأنا صغير، تشمل العلاج بالجرعات الكيماوية والأشعة والأدوية التي تطلبت إقامتي الكاملة بمركز الحسين لمدة تزيد على ثلاثة أشهر بين الحين والآخر".
بدأ حمزة يتعافى ويشعر بالتحسن من المرض شيئا فشيئا، لكنه تعرض لانتكاسة أخرى بعد مراجعته الفحوصات، وتبين إصابته بـ"المياه البيضاء" جراء خضوعه للأشعة التي تظهر تأثيراتها غالبا بعد مدة من إجرائها، وخضع عقبها لعملية زراعة عدسات تكللت بالنجاح.
يطمح حمزة إلى أن يتلقى تعليمه الأكاديمي في الجامعة بتخصص هندسة الميكانيك، وبأن تصبح له شركة خاصة به يحقق من خلالها كل ما يتمناه في مجال الميكانيك.
يؤكد حمزة أن عائلته والكادر الطبي في المركز كانت الداعم الأقوى له في مواجهة المرض والتغلب على آلامه، وتشجيعه على الدراسة والنجاح، كما تم إبلاغه بعقد دورات من قبل المركز لطلبة الثانوية العامة.
تقول والدة حمزة: "لا ننكر أننا بداية اكتشاف المرض أصبنا بصدمة كبيرة، خصوصا أنه بسن صغيرة، فلم نتوقع أبدا أن هذا المرض يصاب به الأطفال بهذا العمر، وبدأنا نتقبله شيئا فشيئا لإيماننا بإرادة الله ويقيننا بأن العلم تطور، وهناك الحل والعلاج". معاناة كبيرة رافقت عائلة "حمزة" خلال تلقيه العلاج، وفق الوالدة، أهمهما الحزن والألم لما يعانيه ويشعر به، إلى جانب الإقامة الدائمة في المركز لمدة أشهر، حتى عندما يغادر المركز يجب الذهاب في الفترة الصباحية والمسائية لتلقي جرعة في الوريد لمدة عامين متواصلين.
تشكر والدة حمزة مركز الحسين للسرطان على إقامته برنامج "العودة إلى المدرسة" الذي استطاع من خلاله ولدها متابعة دراسته لمدة ثلاث سنوات بدءا من الصف الثالث الابتدائي؛ حيث كانت المعلمة تحضر وتشرح المنهاج وهو يؤدي الامتحانات بالشكل المطلوب. وتتابع: "كما كنت حريصة على مراجعة دروسه في المركز، بحكم أنني معلمة رياضيات أيضا، ولم نيأس يوما بفضل الله، رغم حزننا على أطفال فارقوا الحياة أمامنا، والأهالي من حولنا الذين لا ينتظرون سوى أن ينعم أطفالهم بالصحة والعافية".
تؤكد والدة حمزة أنها تؤمن بضرورة أن يأخذ الطفل حقوقه كافة ومنها التعليم، ولذا أصرت على تدريسه في المركز، وإلا لكان الآن في الصف التاسع.
الطالبة ديمة عبد الدين، نجحت وحصلت على معدل 73.5 في الفرع العلمي، وتطمح لدراسة تخصص التمريض، كونها قضت معظم أيام طفولتها في المركز، تعلمت منهم أهمية ودور الممرضة في معالجة المرضى والتخفيف من معاناتهم وآلامهم. تم اكتشاف المرض لدى تسنيم "صدفة" وهي بعمر الأربع سنوات ونصف؛ حيث شعرت والدتها بأن ابنتها تعاني من شحوب واصفرار واضحين في الوجه، قررت مراجعة أحد المراكز الصحية التي قامت بإجراء فحوصات الدم، ومن ثم تحويلها لمركز الحسين للسرطان.
أثبتت الفحوصات إصابة تسنيم بمرض "اللوكيميا" وبدأت تلقي العلاجات اللازمة، بعد الإقامة في المركز لإتمامها كاملة.
تقول تسنيم: "كنت صغيرة، لكن بدأت أفهم أنني مريضة وأنا في الروضة، فلم يكن لدي شعر بسبب العلاجات، وكان الجميع يسألني (أين شعرك)، وأجيب أنا مريضة، تكرار الكلمة جعلني أفهمها، وتقبلت الواقع، والحمد لله انتصرت على السرطان بالصبر والإرادة".
ولع وشغف تسنيم بالقراءة جعلها تثابر على قراءة الكتب أغلب أوقاتها في المركز، فبينما يتجه أقرانها للعب واللهو، تفضل هي اختيار كتاب من المكتبة وقراءته، مما جعل الجميع من حولها في المركز يطلق عليها لقب "القارئة الصغيرة".
أنهت تسنيم مراحل العلاج الصعبة في المرحلة الإعدادية، واتجهت للتخصص العلمي، كونها لا تجيد الحفظ بل تفضل فهم المواد، وعندما وصلت لمرحلة الثانوية العامة، سجلت في المركز بإحدى دوراته (أون لاين)، حيث يشرح المعلم المواد المقررة ويمكنها الاستفسار والسؤال بأي شيء. تقول والدتها: "ديمة أول طفلة لدي، وعندما علمت من الأطباء بتضخم الكبد والطحال وانخفاض الدم.. توقعنا أي شيء إلا هذا المرض، وتفاجأنا، ولم يكن منا سوى الصبر والإيمان والدعاء". تفوقت ديمة في تحصيلها الدراسي، فهي فتاة محبة للعلم والمعرفة، تحب القراءة والمطالعة، منذ الصغر تفضل الهدايا (الكتب والقرطاسية بأنواعها).
تنصح والدة ديمة أهالي مرضى السرطان بأهمية دعم ومساندة أبنائهم، فالعامل النفسي مهم جدا في مرحلة العلاج، وتشجيعهم على الدراسة والتفوق لبناء مستقبلهم، فالحلول الطبية موجودة وعليهم التحلي بالإيمان والإرادة.
يحرص مركز الحسين للسرطان على تقديم العلاجات اللازمة لمرضاه، إلى جانب الحرص على تحسين حالتهم النفسية، ومنها ترفيههم بإقامته مخيمات كشافة خارج المملكة، حظي حمزة وديمة والعديد من الطلبة بها، عندما قدم لهم المركز هذه الرحلة الترفيهية إلى إيطاليا لمدة أربعة عشر يوما على نفقته قبل أربع سنوات، ما تزال عالقة بأذهانهم ومؤثرة بنفوسهم.الغد