هيومن رايتس: الاردن يهدد مجموعة حقوقية على خلفية التمويل الأجنبي
جو 24 :
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الأردنية هددت منظمة إقليمية لحرية الإعلام مقرها في الأردن على خلفية تلقيها تمويلا أجنبيا.
وأبلغت السلطات الأردنية "مركز حماية وحرية الصحفيين" بأن فئة تسجيله تمنعه من الحصول على تمويل أجنبي بموجب القوانين الحكومية. يأتي ذلك رغم عمل المركز قبل العام 2017 دون مشاكل أو شكوى رسمية طوال 19 عاما. حيث تعمل المجموعة نيابة عن الصحفيين المحتجزين في المنطقة، وتستضيف ورش عمل وفعاليات سنوية حول حرية الإعلام.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "استهداف منظمة تُعنى بحرية الإعلام هو أحدث الأمثلة على التهديدات الأردنية ضد التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية المحلية. تعامل السلطات الأردنية مع هذه المجموعة الحقوقية يشير إلى أنها تعتبر بعض المنظمات غير الحكومية خصوما يجب السيطرة عليهم، بدلا من مشاركتهم في تحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد".
وكانت "دائرة مراقبة الشركات" الأردنية أصدرت في 28 أغسطس/آب 2017 مذكرتين إلى المركز وإلى النائب العام، تفيدان بأن المركز انتهك قانون الشركات المحلي لعام 1997 من خلال تلقي تمويل أجنبي رغم تسجيله بصفة "شركة مدنية" بدلا من "شركة غير ربحية". ومع ذلك، فإن المجموعة الصحفية تقول إن اللائحة لا تمنع على وجه التحديد الشركات المدنية من تلقي الأموال الأجنبية. نشرت صحيفة "الدستور" شبه الحكومية المذكرة ومقالة على صفحتها الأولى تنتقد المجموعة الصحفية بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول، حتى قبل أن تستلم الأخيرة المذكرة.
تأمر المذكرة المجموعة بوقف تلقي أي تمويل أجنبي أو محلي، والامتناع عن القول بأن المنظمة هي شركة غير ربحية.
ومن جانبه، قال نضال منصور، المدیر التنفیذي للمجموعة، لـ ھیومن رایتس ووتش إنه فوجئ بقراءة مذکرة دائرة مراقبة الشركات في الصحيفة قبل تلقیھا بنفسه، مشیرا إلی أن منظمته کانت تتعاون مع الدائرة منذ فتح التحقیق في مارس/آذار. قال إن المنظمة لم تحاول أبدا إخفاء حقيقة أنها تتلقى تمويلا أجنبيا لمشاريعها، وإن عددا من المسؤولين الحكوميين البارزين شارك في هذه الأحداث على مر السنين. ونفت المجموعة الصحفية جميع الادعاءات بوقوع مخالفات فى بيان نشر بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول.
وألحقت صحيفة الدستور مقالتها الأولى بافتتاحية بتاريخ 11 سبتمبر/أيلول، بقلم "محرر الشؤون الوطنية"، جاء فيها أن المنظمات التي تتلقى تمويلا أجنبيا غير مخلصة للأردن وتشكل تهديدا للبلاد. كما ورد أن "من الثابت أن بعض هذه المراكز تتلقى تمويلا من سفارات أجنبية ومؤسسات خارجية لغايات خدمة أهدافها وبرامجها ما يعتبر تدخلا سافرا في شؤون بلدنا وتهديدا لأمنه السياسي والاجتماعي".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن التحرك ضد المجموعة الصحفية قد يعرّض عشرات المنظمات المسجلة كشركات لخطر المعاملة المماثلة. وتقتضي القوانين من المنظمات المسجلة كجمعيات بموجب قانون الجمعيات لعام 2008، أو كشركات غير ربحية بموجب قانون الشركات، أن تحصل على موافقة حكومية رفيعة المستوى قبل تلقي أي تمويل أجنبي.
ازدادت صعوبة هذه القيود في أكتوبر/تشرين الأول 2015، عندما طبق مجلس الوزراء الأردني آلية لمراقبة التمويل الأجنبي. يُطلب من المجموعات غير الحكومية بموجب هذا النظام تقديم طلبات الموافقة على التمويل الأجنبي إلى وزارة التنمية الاجتماعية. على المجموعات تقديم معلومات شاملة عن المشروع الذي يدعمه التمويل، توضيح كيفية اتفاق هذا المشروع مع الأهداف الوطنية والإنمائية للأردن، وكيف يرتبط بـ "خطة الاستجابة الأردنية للاجئين السوريين". وليس مطلوبا من السلطات بالمقابل تقديم أي مبرر لدى رفضها هذا التمويل.
السلطات الأردنية بررت الإجراءات الجديدة، قائلة إنها تحتاج إلى تنظيم أفضل للقطاع غير الحكومي في البلاد وتجنب ازدواجية عمل المجموعات المختلفة. ومع ذلك، فإن آلية مراقبة التمويل الأجنبي تعطي السلطات الأردنية بالفعل القدرة على اختيار المشاريع التي يُسمح للمجموعات بتنفيذها، مما يقوّض قدرتها على العمل دون تدخل الحكومة غير المتناسب.
منذ فرض آلية التمويل الأجنبي، قالت جماعات محلية لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارة التنمية الاجتماعية ومجلس الوزراء ووزارة التخطيط والتعاون الدولي وأي وزارة أخرى مرتبطة بمشروع، يجب أن توافق عمليا على جميع التمويلات الأجنبية. وقالت الجماعات إن الموافقات قد تستغرق أسابيع أو شهورا، وإن التمويل سيُرفض إذا رَفضت أي هيئة حكومية ضمن هذه السلسلة الطويلة الموافقة على المشروع.
اقترحت وزارة التنمية الاجتماعية في العام 2016 إدخال مزيد من التعديلات على قانون الجمعيات من شأنها أن تزيد من تقييد تلقي التمويل الأجنبي. كانت التعديلات لتطلب من الجمعيات التي تتلقى تمويلا أجنبيا تقديم تقرير منفصل وميزانية لكل منحة معتمدة، بالإضافة إلى متطلبات الإبلاغ الأخرى.
كما كانت التعديلات تتطلب إيداع أي أموال أجنبية تسعى المجموعات إلى الحصول على الموافقة عليها في "حساب آمن" في إطار "صندوق الجمعيات" الذي تديره وزارة التنمية الاجتماعية. ومن غير الواضح ما إذا كان المانح الأجنبي قادرا على استرداد المنحة إذا رفضت السلطات طلب التمويل. لم تدخل السلطات الأردنية بعد التعديلات حيز التنفيذ.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الأردن، بصفته دولة طرفا في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، ملزم بالتمسك بالحق في حرية تكوين الجمعيات. التطبيق الانتقائي للقوانين الغامضة التي تنظم الجماعات غير الحكومية، كما هو الحال في قضية مركز حماية حرية الصحفيين، ينتهك هذا الالتزام ويقيد عمل هذه المنظمات في الأردن.
في تقريره السنوي لعام 2014 المقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة، انتقد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات القيود المتزايدة حول العالم على التمويل الأجنبي للمجموعات غير الحكومية. وقال المقرر الخاص إن الدول "لا تعترض عموما على الشركات التي تستثمر رؤوس الأموال من مصادر أجنبية داخل حدود ولايتها بنفس الطريقة التي تتبعها إن تلقت منظمات المجتمع المدني التمويل الخارجي".
قالت ويتسن: "على الأردن التوقف عن استخدام التمويل الاجنبي كعصا لمعاقبة المنظمات التي تعمل على تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية".