الحوكمة هي الحل!
د. يعقوب ناصر الدين
جو 24 :
لا خلاف على أننا نواجھ أزمة اقتصادیة حقیقیة، ولا خلاف على أسبابھا، ولا على حجمھا، ولكن الاختلاف ھو على كیفیة التعامل معھا من
أجل التغلب علیھا، وقد تكون لجمیع وجھات النظر ما یبررھا، ولكنھا ستظل بلا قیمة ما لم تتحول إلى خطط موضوعة بآلیة تنفیذیة،
وبرنامج زمني محدد من خلال منھجیة جدیدة، تحل محل الطریقة الصعبة والمعقدة التي یجري التعامل بھا مع الأزمة، ومع برنامج
.الإصلاح الاقتصادي
الإجراءات التي تتخذھا الحكومة قد تمنع ما ھو أسوأ، لكن من الصعب أن تأتي بالأفضل، لأن العنصر الأكثر تأثیرا على اقتصادنا الوطني
ھو العنصر الإقلیمي، وبشكل خاص الأوضاع في سوریا والعراق، وبشكل عام الأزمة الاقتصادیة العالمیة، أما بقیة العناصر الداخلیة فھي
.التي تستحق أن نبحث لھا عن الوسائل الصحیحة لمعالجتھا
أولى ھذه العناصر ھي الثقة بالنفس، وأساس ذلك علیھ برھان تجسد في صمودنا أمام أكبر وأخطر أزمة مرت بھا منطقتنا منذ عدة عقود،
!وثاني تلك العناصر ھي الإرادة المبنیة على خبرة بلد طالما واجھ ظروفا لا تقل سوءا عما یواجھھ حالیا
ما نحتاجھ الیوم ھو التشاركیة الحقیقیة التي تتیح الفرصة أمام أطراف العلاقة الواحدة على قدم المساواة في وضع خطة وطنیة للإصلاح
!الاقتصادي، أو أي شأن آخر
التشاركیة أو المشاركة ھي إحدى قواعد الحوكمة إلى جانب النزاھة، والشفافیة، والمساءلة، ومن خلال المشاركة یدلي أصحاب المصالح
وفي مقدمتھم ممثلو الشعب سواء في البرلمان أو الھیئات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني برأیھم ، وتكون الصورة واضحة في أذھان
جمیع الأطراف، ویدور النقاش بینھم على أمور معینة أو محددة لا مجال فیھا لوجھات النظر الفردیة، أو الاجتھادات الخارجة عن
.الموضوع
والنزاھة والشفافیة تعني مصارحة الناس بالحقائق، بما یعزز ثقتھم بالدولة ومؤسساتھا وبالقائمین على إدارة الشأن العام الذین ھم أكثر
.المستفیدین مما قد یتشكل حولھم من مصداقیة وتقدیر حین یرتقون بالأداء، ویحققون النتائج الملموسة على أرض الواقع
وفي محور المساءلة یدرك الجمیع معنى أمانة المسؤولیة، وأن كل مسؤول محاسب لیس على صلاحھ أو فساده وحسب، بل على نجاحھ أو
فشلھ في تنفیذ الخطط التي لا تحتمل الخلل أو الزلل، خاصة ونحن نكابد أزمة اقتصادیة خانقة. الحوكمة ھي البدیل الذي یعالج الأزمة من
جذورھا، وھي توجھ یمكن تحقیقھ في فترة زمنیة قصیرة جدا، بل ھي أسھل بكثیر من المعالجات الفنیة التي تلجأ إلیھا الحكومات لترقیع
!فتق ھنا، وسد ثغرة ھناك، لأن مثل ھذه المعالجات لا تحل المشكلة، وربما تزید من تفاقمھا
قلت وأعید مرة أخرى، كفى جلدا للذات، وتبادلا للاتھامات، ودعونا نذھب إلى حوار وطني شامل، نواجھ فیھ الحقائق بصدق وصراحة،
.ونضع رؤیتنا المشتركة والموحدة لإستراتیجیة جدیدة تخرجنا من أزمتنا، وفي ذلك أول خطوة ثابتة نحو الحوكمة