رومان حداد يردّ على عبدالهادي راجي المجالي
جو 24 :
وتاليا الردّ كما ورد:
استناداً إلى حق الرد الذي أقره القانون، أرسل الكاتب رومان حداد ردّه على ما تم نشره من قبل الزميل عبد الهادي المجالي كتعليق على مقالة حداد المنشورة في صحيفة الرأي يوم الاثنين بتاريخ 25/9/2017، والمعنونة بـ (الحسين في خطابه الأممي.. رحلة الانتقال من الشرعية إلى المشروعية).
الأستاذ ناشر موقع jo24 تحية وبعد،
استناداً إلى حق الرد الذي أقره القانون فإني أرسل لك ردي على ما تم نشره من قبل الأستاذ عبد الهادي المجالي كتعليق على مقالتي المنشورة في صحيفة الرأي يوم الاثنين بتاريخ 25/9/2017، والمعنونة بـ(الحسين في خطابه الأممي.. رحلة الانتقال من الشرعية إلى المشروعية).
آملا التزامكم بما يمليه حق الرد من شروط ومتطلبات، ولكم جزيل الشكر.
للمرة الثانية يضطرني الزميل عبد الهادي المجالي للرد على ما يكتبه عني، المرة الأولى كانت خلال أحداث ما سُمي جزافاً بـ(الربيع العربي)، واليوم.
كنت قد فكرت ملياً بعدم الرد، واعتبار أن ما كتبه الأستاذ عبد الهادي المجالي مجرد رأي له الحق بالتعبير عنه، ولكني تراجعت عن ذلك لإيماني أن الحوار أسلوب حضاري متفق عليه، وهو فرصة لتقديم وجبة دسمة للقارئ، ووجدت لزاماً علي الرد لما ورد من أخطاء مقصودة أو غير مقصودة فيما كتبه الأستاذ عبد الهادي المجالي، ولأن المعرفة حق للجميع، فإني أرى ضرورة معالجة الأخطاء الواردة في ما كتبه الأستاذ عبد الهادي المجالي حتى لا يتم تقديم معلومات خاطئة للجمهور، وفرصة لتقديم معرفة عميقة في قضايا عدة.
وسأتبع في ردي التعامل مع ما قدمه الأستاذ عبد الهادي من أفكار وليس ما قام به من هجوم على شخصي، فالرد على ذلك له طرقه القانونية الأخرى.
يبدو أن الأستاذ عبد الهادي المجالي قد قرأ مقالتي في صحيفة الرأي موضع نقده على عجل، وغير ذلك من الأسباب أنأى بالتفكير فيه ليكون سبباً لما كتبه بحق مقالتي وبحقي شخصياً، وهذا التعجل بالقراءة أوقعه في خلط غير مبرر لو أخذ وقته في قراءة المقالة، حيث يبدو أن الشرعية والمشروعية قد أربكتا قدرات الأستاذ عبد الهادي المجالي الإدراكية والتحليلية كما يحاول هو أن يعرض علينا.
ما قلته حرفياً في المقال: "ما قام به الحسين هو انطلاقة مؤثرة في رحلة طويلة من الشرعية إلى المشروعية، فمن شرعية تمثيل الأردن بصفته ولياً للعهد، إلى مشروعية تمثيله لأكبر جيل من الشباب يشهده العالم على الإطلاق، حيث أن الحسين استطاع أن يؤسس مشروعيته الدولية والعربية والوطنية بعيداً عن اتكائه على شرعيته الوطنية."
والشرعية وفق الفقه القانوي والسياسي هي الحق بالسلطة، وارتكاز هذه السلطة إلى أسس دستورية وقانونية.
ولهذا أشرت أن الحسين يتمتع بشرعية تمثيل الأردن كدولة بصفته ولياً للعهد.
أما المشروعية حسب الفقه القانوني والسياسي فهي تعني اتفاق التصرف مع مقتضيات العدالة، والتمتع برضا من تمثلهم.
ومن هنا ذهبت إلى أن الحسين بدأ يتمتع بمشروعية تمثيل أكبر جيل من الشباب يشهده العالم على الإطلاق، حيث يؤسس لمشروعيته الدولية والعربية والوطنية بتمثيله هذا الجيل عبر ما أنجزه لموضوع الشباب في مجلس الأمن مذ لحظة إلقائه لخطابه الشهير في 19/4/2015 أمام مجلس الأمن خلال ترؤس سموه للجلسة، حتى استصدار قرار 2250 من مجلس الأمن، ليكون أول قرار صادر عن مجلس الأمن يتعلق بالشباب. وليأتي خطاب الحسين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة مكملاً لهذا النهج.
فما تكلمت به هو مشروعية دولية للحسين، وليس ما حاول الأستاذ عبد الهادي المجالي الإشارة إليه عبر ليّ عنق النص عند ربط المشروعية الدولية للحسين والمؤسسة على مفهوم العدالة والتمتع برضا الشباب العالمي مع انقلاب دموي فاقد لشرعيته ومشروعيته.
وللتذاكر قليلاً حول هذا الموضوع مع الأستاذ عبد الهادي المجالي فإني أحب أن أعرج على لحظة تاريخية فاصلة في تاريخ الأمة العربية قادها سادتنا الهاشميون، وجسّروا فيها بين الشرعية والمشروعية، ألا وهي الثورة العربية الكبرى، والتي احتفلنا جميعنا بمئويتها العام الماضي.
فالثورة العربية الكبرى، هي تمثيل عميق لربط شرعية آل هاشم في الحجاز كملوك لمكة في تلك الفترة، ومشروعيتهم العربية العابرة لحدود شرعيتهم، بما تحمله تلك الثورة من شعارات (وحدة، حرية، حياة فضلى)، فالملكية الهاشمية في الأردن هي ملكية ثورية، فهي الملكية الوحيدة في التاريخ جاءت محمولة على أكتاف الثوار.
وقبلها بقرون حين قرر جد الهاشميين عمرو بن عبد مناف، والذي صار اسمه هاشم بن عبد مناف، أن يطعم الثريد لزوار مكة، وانتزع مشروعيته وصار سهم الرفادة والسقاية في آل هاشم.
كما أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة تبرز كمشروعية هاشمية تساند شرعيتهم.
فالهاشميون، أستاذ عبد الهادي المجالي، يملكون تاريخاً طويلاً من الربط بين شرعيتهم ومشروعيتهم المتجاوزة لحدود شرعيتهم الموغلة في التاريخ، والحسين يأتي مكملاً لهذا النهج الذي يربط الشرعية بالمشروعية.
وهنا أود الإشارة إلى فقرة في ردك على مقالتي في الرأي كي تكون معالجتها واضحة في أذهان القراء، وهي: "الغريب في الأمر أن الكاتب (خبص الدنيا ببعضها) هو نفسه يبدو أنه لا يعرف الفرق بين المصطلحين, وأنا شخصيا لم أفهم ما يريده أو ما يقصده.. أو هل يحتمل خطاب ولي العهد البسيط والعميق والواضح كل هذه الفلسفة؟! تحليل الكاتب للخطاب كان معقدا لدرجة أنه جعلني أعود للخطاب مرات عديدة ...فوجدته مختلفا جدا عما سرده الزميل الفاضل في مقالته المنشورة في الرأي! إذا لماذا كل هذا التعقيد في شرح الخطاب...؟"
بداية يظهر مما كتبته أنا أعلاه أني مدرك تماماً لمفهومي الشرعية والمشروعية، وهما ليسا مجرد مصطلحين بل هما مفهومان، كما أن بساطة الخطاب لا تتعارض مع عمق التحليل، فما قمت به ليس تعقيداً وإنما اكتشاف عمق الخطاب لا أكثر.
ولكن يبدو اليوم أن هناك من اعتاد على الكتابة السريعة التي تلامس السطوح دون عمق، فصار صعباً على عقول هؤلاء هضم الأفكار العميقة وإدراك معانيها ومقاصدها، فوجدوا من الأسهل عليهم الهجوم عليها وعلى من يكتبها، كي يبقى لهم هم أصحاب الأفكار السطحية والساذجة مكاناً للوقوف، فغريزة البقاء هي التي تحرك كثيرين، وإن كانوا يتحركون من دون وعي أو فهم، فالحسين لنا كلنا، ولكل واحد فينا أن يرى جانباً منهم لم يره سواه.
وأخيراً، أستغرب، رغم وجود كل عجيب في هذا الزمن، كيف لمن يشتم الوطن بأبشع الألفاظ (..) أن يدعي دفاعه عن ولي العهد وخوفه على جريدة الوطن؟
وكما كان يختم صلاح جاهين رباعياته أختم ردن: عجبي!!!
وتاليا مقال المجالي الذي ردّ فيه على مقال حداد السابق: