ما بعد المباراة | كيف كشف كونتي نقاط ضعف أتليتكو مدريد؟
جو 24 :
انحنى أتليتكو مدريد لأول مرة في تاريخه على ملعبه أمام فريق إنجليزي، بالهزيمة أمام تشيلسي بنتيجة 1-2، في القمة التي استضافها ملعب "مترو بوليتانو" في دوري أبطال أوروبا، ليحتفظ الفريق اللندني بصدارة المجموعة، بست نقاط، ويأتي خلفه روما بأربعة ثم الأتليتي بنقطة يتيمة.
تشيلسي | هل هذا حقًا فريق كونتي؟
واجه المدرب الإيطالي انتقادات لاذعة في الآونة الأخيرة، بسبب أسلوبه الماكر، الذي يعتمد في الأساس على خطف المنافسين بالهجمات المرتدة، حتى أن كثير من النقاد صنفوا هذه الطريقة على أنها "كرة قدم قبيحة"، لكن اليوم، ظهر البلوز بمستوى مغاير تمامًا، تجلى في الروح القتالية والعزيمة التي تحلى بها إدين هازارد ورفاقه، مع الإصرار الذي مكن الفريق من قلب تأخره من هدف نظيف إلى فوز بهدفين لهدف، وكأنهم على ملعبهم "ستامفورد بريدج"، وليسوا في قلعة العاصمة الإسبانية الجديدة.
أجاد الداهية الإيطالي في إدارته للمباراة، فمنذ الدقيقة الأولى كان واضحًا أنه يلعب بضغط عالي من وسط الملعب، متمثل في وجود الثنائي نجولو كانتي وباكايوكو على الدائرة، وعلى يمينهم موسيس وفي اليسار ألونسو، وأمامهم سيسك فابريجاس كصانع ألعاب حر في الثلث الأخير من الملعب، جنبًا إلى جنب مع هازارد وألفارو موراتا، وهذه الكثافة العددية، مع هيمنة الثنائي الفرنسي على دائرة المنتصف، أصبح ثلاثي الهجوم "كوريا، كارسكو وجريزمان"، معزولاً تمامًا عن الوسط، وشاهدنا كيف كان فاران ينطلق بمفرده من الجانب الأيمن، لإبعاد الكرة عن وسط ملعبه، ونفس الأمر فعله جريزمان أكثر من مرة.
الشاهد أن الالتزام الذي وصل لدرجة الصرامة من قبل رجال كونتي، أجبر منافسهم على اللجوء للحل الفردي، وهذا بالكاد ما كان يُريده العقرب الإيطالي، ليقضي على سلاح سيميوني المهم، وهو الجماعية في الأداء، والاعتماد على الهجمات المعاكسة، لتأتي الضريبة بهيمنة مُطلقة على كل متر في الملعب، اختفت فقط في آخر 10 دقائق في كل شوط، وكان ذلك بغرض اللعب على الهجمات المرتدة.
لا شك أبدًا أنه عندما يكون هازارد في يومه، يكون من الصعب أن يخرج تشيلسي بنتيجة سلبية، واليوم، أثبت النجم البلجيكي بشكل عملي أنه استعاد كامل قوته ولياقته البدنية بعد عودته من الإصابة، كيف لا وهو اللاعب الحاسم الأول في المباراة بأكملها، وبرز دوره في لمسته في جُل الاختبارات التي تعرض لها أوبلاك اليوم، ولو حالفه التوفيق، لخرج من المباراة بهدف الجولة، لكن القائم الأيمن أناب عن الحارس السلوفيني في التصويبة الرائعة، لكنه لم يقف مكتوف الأيدي، وأهدى موراتا العرضية التي جاء منها الهدف الأول، غير أنه أعطى تمريرة حريرية أخرى لسيسك فابريجاس لم يستغلها بشكل جيد وهو على خطوات من الشباك، وعاد مرة أخرى لتقديم هدية ثمينة لموراتا بانفراد، لكنه لم يُحسن استغلاله والنتيجة 1-1.
بوجه عام، قدم نجوم تشيلسي واحدة من أروع مبارياتهم في السنوات القليلة الماضية، وإن لم تكن الأجمل، والآن لم يعد هناك أي مجالاً للشك أن موراتا أعطى إضافة هائلة للهجوم، تكاد تكون أقوى من كوستا، لتميز القادم من ريال مدريد بالسرعة والخفة ومهارة المراوغة في موقف لاعب ضد لاعب في الثلث الأخير من الملعب، أضف إلى ذلك أنه كلما لمس الكرة داخل منطقة الجزاء، غالبًا أن تكون في شباك المنافسين، كما قال سيميوني بنفسه قبل المباراة.
الهفوة الوحيدة التي وقع فيها تشيلسي، هي لحظة الخطأ المجاني الذي ارتكبه دافيد لويز داخل منطقة الجزاء، بدفع المدافع لوكاس هيرنانديز بدون كرة في ركلة ثابتة، ومنها جاء هدف الأتليتي الوحيد، لكن باستثناء ذلك، فالأمور كانت على ما يرام، بدليل أن كورتوا لم يتعرض لاختبار حقيقي بنسبة 100% في كل أوقات المباراة.
أتليتكو مدريد | مباراة للنسيان
لم تعهد جماهير الأتليتي على رؤية فريقها بهذه الحالة الانهزامية، خصوصًا في دوري أبطال أوروبا، واليوم عانى كوكي وساؤول الأمرين لتحضير أو بناء هجمة صحيحة بسبب شراسة كانتي وباكايوكا، اللذان أغلقا كل المنافذ المؤدية لمرمى كورتوا من العمق، وعل الأطراف، ساهم وجود هازارد وسيسك في منح موسيس وألونسو أفضلية كبيرة على خوان فران وفيليبي لويس، لذلك، كنا نُشاهد الأتليتي دائمًا في وضعية الفريق المدافع، رغم أنه كان يلعب على أرضه ووسط جماهيره.
كما أشرنا، كونتي نجح في عزل ثلاثي هجوم أتليتكو مدريد عن الفريق، فكان له ما أراد، ولو حالفه التوفيق أكثر، لقتل المباراة مُبكرًا، في ظل الاستسلام المُبالغ فيه من قبل لاعبي الأتليتي، وعدم إظهار رغبتهم في تحقيق الفوز، عكس الفريق الضيف، الذي ظل يُكافح ويُقاتل إلى أن ضمن الثلاث نقاط في اللحظات الأخيرة.
هي بكل تأكيد مباراة للنسيان بالنسبة للفريق الإسباني، الذي تجرع من كأس الهزيمة للمرة الأولى على ملعبه أمام فريق إنجليزي، حتى الدفاع، كان في أسوأ حالاته، وجودين وهيرنانديز وجدا صعوبة بالغة في التعامل مع موراتا الذي تفوق عليهم بشكل واضح، فقط الحارس أوبلاك، كان أفضل اللاعبين، ويُحسب له تصديه لفرصة صعبة جدًا من مراتا بالرأس في الشوط الأول، وحديثنا عن القوة التي كان عليها تشيلسي، يعكس الحالة التي كان عليها منافسه.-(جول - عادل منصور)