"هيومن رايتس" تشيد بإصلاحات حقوق الإنسان في الأردن
أشادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، بجملة من الإصلاحات التي شهدها الأردن في مجال حقوق الإنسان، خلال العام الحالي.
وقالت المنظمة "إن البرلمان الأردني وافق على سلسلة من الإصلاحات الهامة في مجال حقوق الإنسان في 2017. تشمل التغييرات الإيجابية قانونا جديدا يحسن من حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، يلغي تماما مادة مثيرة للجدل من "قانون العقوبات" تسمح لمرتكبي الاعتداء الجنسي بتجنب العقاب إذا تزوجوا ضحاياهم، ويضع قيودا جديدة على الاحتجاز السابق للمحاكمة وإصلاحات قضائية أخرى".
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة "بعد سنوات من الإصلاحات الواعدة، يقدم الأردن أخيرا تغييرا حقيقيا في القضايا المهمة. على السلطات التحرك بسرعة لتنفيذ هذه التغييرات التشريعية الهادفة لتحسين حياة الأردنيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والمشتبه بهم جنائيا".
وأقر البرلمان الإصلاحات خلال دورته العادية الأولى، بين تشرين الثاني (نوفمبر) وتموز (يوليو)، وكذلك في أول جلسة استثنائية من تموز (يوليو) إلى آب (أغسطس) أوصت "اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون"، التي أنشأها جلالة الملك عبد الله الثاني في أيلول (سبتمبر) 2016، بالعديد من الإصلاحات. وقدمت اللجنة تقريرها المكون من 282 صفحة للملك في 26 شباط (فبراير). وفي آذار (مارس)، حثت هيومن رايتس ووتش المسؤولين الأردنيين على تنفيذ البرنامج.
وتاليا تفاصيل أكثر تضمنها تقرير المنظمة:
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
في أيار (مايو)، نشرت السلطات "قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" في الجريدة الرسمية. للمرة الأولى، يحظر القانون صراحة التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتقيد إلى حد كبير بالتعريفات والمبادئ المحددة لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، التي صادق عليها الأردن في 2008.
القانون رائد، كونه من أوائل قوانين ذوي الاحتياجات الخاصة الوطنية لحماية الحق في الأهلية القانونية - الحق في اتخاذ قرارات حول حياة الفرد، تماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ينص القانون على أنه على الشخص ذي الإعاقة أو الوصي القانوني على الطفل ذي الإعاقة، أن يوافق بحرية على "كل عمل أو تصرف أو إجراء قانوني يشرع في اتخاذه يتعلق بأحد حقوقه أو إحدى حرياته، بعد إخباره، بطريقة يفهمها، بمضمونه ونتائجه وآثاره".
تؤكد هذه المادة المتعلقة باتخاذ القرارات، على استقلالية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكرامتهم المتأصلة في المعاملة كأي شخص آخر. يتضمن القانون أيضا مادة فريدة تقتضي تشاور السلطات عن كثب مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمنظمات التي تمثلهم، في أي وقت تنقح فيه أحكام الأهلية القانونية في قانون الأحوال الشخصية أو أي قانون آخر.
تعرّف المادة 2 التمييز بأنه "كل حد مرجعه الإعاقة لأي من الحقوق أو الحريات المقررة في هذا القانون أو في أي قانون آخر أو تقييده أو استبعاده أو إبطاله أو إنكاره، مباشرا كان أو غير مباشر، أو امتناع عن تقديم الترتيبات التيسيرية المعقولة".
يوسع القانون أيضا معنى الإعاقة، ويعرفه بأنه "قصور طويل الأمد في الوظائف الجسدية أو الحسية أو الذهنية أو النفسية أو العصبية، يحول نتيجة تداخله مع العوائق المادية والحواجز السلوكية دون قيام الشخص بأحد نشاطات الحياة الرئيسية، أو ممارسة أحد الحقوق، أو إحدى الحريات الأساسية باستقلال". توسع المادة 6 حمایة القانون للأشخاص ذوي الإعاقات المؤقتة، الذين من المتوقع زوال إعاقتهم خلال مدة لا تتجاوز 24 شهرا.
تماشيا مع المعايير الدولية، تدعو المادة 4 إلى "دمج" الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة "في شتى مناحي الحياة ".
يكرس القانون مبدأ "الترتيبات التيسيرية المعقولة"، وهو ضرورة اتخاذ خطوات "لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم وحرياتهم، أو الحصول على الخدمات على قدم المساواة مع الآخرين".
كما ينص القانون على تعريف موسع "للعنف" ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، على أنه " كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منها". يعاقب كل من يخل بهذه المادة بالحبس لسنة واحدة أو بغرامة تصل إلى ألف دينار أردني (1411 دولارا). يتعرض أصحاب العمل الذين يرفضون توظيف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة على أساس الإعاقة فقط إلى غرامات تتراوح بين 3 و5 آلاف دينار أردني (4235 و7058 دولارا).
ينص القانون أيضا على عدم إضفاء الطابع المؤسسي على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. تنص المادة 27 على أنه على وزارة التنمية الاجتماعية وضع خطة وطنية شاملة تتضمن حلولاً وبدائل مرحلية ودائمة لدور الإيواء الحكومية والخاصة، وتحظر ترخيص إنشاء جهات إيوائية خاصة جديدة لذوي الإعاقة.
يتضمن القانون أيضا بعض العناصر التي لا تتماشى مع الاتفاقية. إذ يستخدم تعريفا ثابتا لـ "نشاطات الحياة الرئيسة"، بطريقة يمكن أن تؤدي إلى فرض قيود على ذوي الاحتياجات الخاصة في المجالات التي لا يذكرها القانون على وجه التحديد. كما أنه لا يضمن بوضوح الحق في العيش المستقل والدمج مع المجتمع.
العنف ضد المرأة
في آب (أغسطس)، أقر مجلسا النواب والأعيان تعديلات على قانون العقوبات للعام 1960. أهمها الإلغاء التام للمادة 308، وهي مادة مشينة، تسمح لمرتكبي الاعتداء الجنسي بتجنب العقوبة إذا تزوجوا من ضحاياهم. اعتمد الإبطال الكامل على مادة أخرى كانت ستبقي على إفلات مرتكبي جرائم جنسية معينة من العقاب، بمن فيهم من يمارس الجنس مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما.
كان النقاش جزءا من تحرك إقليمي نحو إلغاء الأحكام التي تسمح بإفلات مرتكبي الاعتداءات الجنسية من العقاب. منذ تموز (يوليو)، ألغت تونس ولبنان أيضا أحكاما مماثلة لقانون العقوبات.
كما عدل المشرعون المادة 98، بعدم السماح بإصدار أحكام مخففة لمرتكبي الجرائم ضد المرأة. غير أن هذا الحكم يترك ثغرة بموجب المادة 340 التي تسمح للرجال بالاستفادة من أعذار مخففة إذا فوجئوا بزوجاتهم أثناء ارتكابهن الزنا. وفقا لتقارير صحفية، فإن حوالي 20 امرأة تُقتل في الأردن سنويا من قبل أفراد الأسرة الذكور، في ما يسمى بجرائم "الشرف".
إصلاحات العدالة الجنائية
في منتصف العام 2017، أقر مجلس الأمة مقترحات اللجنة الملكية بغية إصلاح قانون الإجراءات الجنائية، وضمان حق جميع المشتبه فيهم بالاستعانة بمحام منذ الاعتقال وخلال الاستجوابات، وإنشاء صندوق للمساعدة القانونية لتوفير محامين للمشتبه فيهم، ممن لا يستطيعون تحمل نفقاتها.
أظهرت دراسة قضية جنائية مغلقة أجراها "مركز العدل للمساعدة القانونية" عام 2012، وهي منظمة محلية تقدم خدمات قانونية مجانية، أن 83 بالمئة من المتهمين لم يمثلهم محام أثناء مراحل التحقيق والمحاكمات التمهيدية، ولم يتم تمثيل 68 بالمئة منهم في المحكمة.
تشمل التغييرات الأخرى تدابير للحد من اللجوء للاحتجاز السابق للمحاكمة. يجعل القانون الآن الاحتجاز السابق للمحاكمة "إجراءا استثنائيا" لا يُسمح به إلا في ظروف معينة، منها عندما يكون "الوسيلة الوحيدة للحفاظ على أدلة أو علامات مادية على جريمة" أو "لمنع إكراه الشهود أو الضحايا، أو منع المشتبه به من الاتصال بشركائه أو مشاركيه في الجريمة...". تحدد هذه التغييرات الاحتجاز السابق للمحاكمة بالنسبة للجنح بثلاثة أشهر كحد أقصى، وتلغي سلطة المحاكم في تمديد هذا الاحتجاز، وتحد من التمديد للجنايات إلى مدة أقصاها سنة أو 18 شهرا، حسب الجريمة المزعومة.
كما تنص هذه التغييرات على بدائل للاحتجاز السابق للمحاكمة للمرة الأولى، منها المراقبة الإلكترونية، حظر السفر، الإقامة الجبرية، وغير ذلك من القيود المفروضة على التنقل.
يشير التقرير السنوي لـ"المركز الوطني لحقوق الإنسان" لعام 2016، إلى أن 28437 شخصا احتُجزوا قبل المحاكمة في الأردن عام 2015، ضعف عدد المساجين الـ 15765 تقريبا.
مع ذلك، لا يبدو أن التعديلات تنطبق على الاحتجاز من قبل "مديرية المخابرات العامة"، أقوى جهاز استخبارات في الأردن. كما أنها لا تمنع المحافظين من إصدار أمر بالاحتجاز الإداري التعسفي لمدة تصل إلى سنة، بموجب قانون منع الجرائم للعام 1954، الذي يتحايل على قانون أصول المحاكمات الجزائية في الأردن. ذكر التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان للعام 2016، أن 19860 شخصا اعتُقلوا إداريا عام 2015، بعضهم لأكثر من عام.
قالت ويتسن: "يمكن للتوصيات الرامية إلى تحسين قطاع العدالة في الأردن، أن تكون خطوة كبيرة نحو حقوق الإنسان في الأردن، لكن على السلطات أن تنتقل إلى إلغاء الممارسات الأخرى والأحكام القانونية التي تسمح بالاحتجاز التعسفي".