"الحب الحقيقي": ما يحصل كارثي بحق الدراما!
جو 24 :
تحت عنوان "الحب الحقيقي: ما يحصل كارثي بحق الدراما!" كتبت زينب حاوي في صحيفة "الأخبار": 34 عاماً، عادت lbci، بانتاجاتها الدرامية، مع شرائها حقوق المسلسل المكسيكي Bodas de Odio، الذي أطلق على تسميته عربياً "الحب الحقيقي" (اخراج جوليان معلوف)، وعرضت النسخة المكسيكية وقتها بين عاميّ 1983 و1984. بنسخة معصرنة في الديكور والقصور، وحتى الحوار، سارت الحلقات الأولى من العمل، لتزيد الوضع الدرامي اللبناني ترهلاً وهبوطاً.
استنساخ البيئة المكسيكية مع كل مكوّناتها الثقافية والاجتماعية، التي لا تشبه البتة البيئة اللبنانية، يصر عليه صنّاع هذا العمل، في مجافاة تامة للواقع، ومحاكاة لدراما تبعد أشواطاً عنّا. قصة العائلة الأرستقراطية التي توشك على الإفلاس، وتضغط على ابنتها للزواج برجل غني، وقصة أخرى لشاب يعمل في مزرعة، وفي النهاية يخرج كمالك لممتلكات ضخمة، بعدما أخبره صاحب المزرعة على فراش الموت أنه يكون أباه.
سيناريو مكرور أخذ مجده في أيام العزّ للدبلجة المكسيكية، التي غيّرت فقط اللغة الى العربية وأبقت الدراما كما صوّرت مكسيكياً، لكن، ما يحصل اليوم، جراء غياب أي معالجة واقعية وإبداعية، أو مأخوذة من القضايا الراهنة، والهروب الى الحضن المكسيكي ذي الطابع الخاص إجتماعياً وثقافياً، يحيلنا بالتأكيد الى أننا بتنا في مرحلة الحضيض بشكل علني.
"الحب الحقيقي" الذي يضم ممثلين/ ات، من الطراز الرفيع، يروي قصة الشابة الأرستقراطية نورا (باميلا الكيك)، التي تغرم برامي (نيكولا معوض/الصورة) الشاب الفقير، والخائف من مواجهة عائلتها، الى حين بروز ركان (جوليان فرحات)، الذي سيسعى الى الفوز بقلبها، بعد وضع يده على ثروة أبيه. أمر عرفه على فراش الموت. الأم الجشعة التي تهوى المظاهر تلعب دورها نهلا داوود (أسمى)، ولا ترى في ابنتها سوى بضاعة معروضة للبيع لأي رجل غني ينقذ عائلتها من الإفلاس. قصة قد لا تحدث في مجتمعاتنا، خاصة مع الإنشطار الطبقي الإجتماعي في لبنان، بين أغلبية ساحقة من الفقراء، وقلة قليلة من الأغنياء، عدا القصة المضحكة للشاب ركان الذي يخبره "الخواجة فؤاد" (عفيف شيا) بطريقة كوميدية قبل أن يموت بأنه والده وسيورثه كل ثروته الضخمة فيقول له بصوت يرتجف: "إمك..انت ابني"، حكاية أخرى، تغيب بشكل جذري عن الواقع اللبناني.
وبين تنافس الإستنساخ التركي على شاشة "الجديد" بمسلسل "بلحظة" في جزئه الثاني (كتابة ندين جابر، وإخارج أسامة الحمد) والإستنساخ المكسيكي على lbci... لا بد من السؤال مجدداً عن صناعة الدراما اللبنانية، وعقولها، التي يبدو أنها غيّبت أو لم تساعدها الظروف على البروز وتقديم ما عندها. ما يحصل اليوم، على الشاشات اللبنانية باسم الدراما كارثي ومعيب جداً، بحقها، عبر التهافت على إسقاط وبالقوة بيئات وذهنيات لا تشبهنا ولا تمت لنا بصلة. يصرّ القائمون على هذه الأعمال على إستغفال المشاهد/ ة، وتقديم مادة للتسلية، منكّهة بالتشويق وقصص الحب الأسطورية، بينما يسدل النقاب على واقع وهموم وقضايا تركل معالجتها لصالح "اللايت"، التي حتماً ستجرّ صناعة لعقول "اللايت" أيضاً.
(زينب حاوي - الأخبار)