شرعيون وقانونيون: توافق القانون الدولي مع مقاصد الشريعة الإسلامية في النزاعات المسلحة
جو 24 :
عقدت كلية الشريعة في الجامعة الأردنية بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ندوة علمية بعنوان "القانون الدولي الإنساني والإسلام: جذور وجسور".
وقال عميد كلية الشريعة الدكتور عبد الرحمن الكيلاني في كلمة له خلال افتتاح أعمال الندوة التي جاءت برعاية رئيس الجامعة الدكتور عزمي محافظة، يأتي انعقاد الندوة بهدف إبراز القيم الإنسانية المشتركة التي تتفق عليها الشريعة الإسلامية الغراء مع القانون الدولي الإنساني في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.
وأضاف الكيلاني أن الدفاع عن حقوق الإنسان في وقت السلم وفي وقت الحروب من القضايا الكبرى التي يجب على المؤسسات العلمية والإنسانية والدينية التصدي لها في ظل ما نشهده ونعايشه من صور مؤلمة تخلفها الحروب في النزاعات المسلحة على آلاف المدنيين من قتل وتشريد وحرق وتشريد دون اكتراث بالتعاليم الدينية والقيم الإنسانية والقواعد القانونية.
وأشار الكيلاني في كلمته إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى التعاون والتكامل في كل ما يخدم مصالح الإنسانية وقيمها الأخلاقية العليا، الأمر الذي يوجب على المسلمين إنشاء تحالفات وتكتلات ومواثيق ومعاهدات تخدم أصولا أخلاقية، ومشتركات فطرية وإنسانية، وتنتصر لقضايا قيمية، مؤكدا أن الانتصار للقيم الأخلاقية هو انتصار للإسلام نفسه وهو تحقيق لمقاصد القرآن الكريم، وتعزيز لأهداف الدعوة وغايات الرسالة.
في حين أوضح مستشار العلاقات المدنية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنيس منصور في كلمته أن العالم اليوم قد أجمع على اعتبار القانون الدولي الإنساني المرجعية والإطار القانوني الناظم لممارسات الحروب والنزاعات على اختلاف أنواعها، حيث يشكل الحدود الفاصلة بين المشروع والممنوع في عمليات القتال ويقيد الوسائل المستخدمة إن كبر ضررها أو تجاوزت غايتها، ويوفر الحماية القانونية ضد الانتهاكات الآثمة لحرمة الدم والنفس لكل من لا يشارك في القتال ويجرم أي اعتداء على الأملاك التي تخدم الصالح العالم، إلى جانب توفير المساعدات الضرورية لكل من تضرر بلا تحيز أو تمييز.
وأشار منصور إلى أن الندوة تمثل دعوة للتفكير في المشترك والمتكامل بين مبادىء وغايات العمل الإنساني النبيل، وبين الأسس المتينة والمقاصد الأصيلة للشريعة السمحاء، والصلات الوثيقة التي تجمع بينهما، مؤكدا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أخذت على عاتقها تكليف المجتمع الدولي لها – كما هو وارد في الاتفاقيات الدولية- التعريف بالقانون الدولي الإنساني في كل مكان والتوعية به.
واشتملت الندوة التي حضرها عدد من كبار المسؤولين في الجامعة والكلية وممثلون عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وخبراء قانونيون وشرعيون، على جلستين، الأولى بعنوان "القانون الدولي الإنساني في ميزان الشريعة الإسلامية"، فتحت في نقاشاتها آفاق المعرفة على المشتركات السامية بين القانون الدولي الإنساني ومقاصد الشريعة الإسلامية وكشفت أن لا تناقض وإنما تكامل وتعاضد بينهما.
وتحدث في الجلسة التي أدارها الدكتور بسام العموش، الدكتور على الصوا الذي تناول في مداخلته الحديث عن حماية حقوق المدنيين من منظور الشريعة الإسلامية مركزا على أن المدنيين يشكلون النسبة الأكبر من عدد ضحايا الحروب في هذا العصر لضعف أو انعدام التزام الدول والجماعات الإسلامية وغير الإسلامية في تنفيذ الاتفاقيات والقوانين الدولية، معرجا على ما تخلفه الحروب من آثار سيئة على الحياة الإنسانية من تدمير وخراب بسبب التوسع في الأسلحة ذات التأثير الشامل.
في حين ناقش الدكتور عبد الله الكيلاني في مداخلته ماهية الجذور الفقهية للقانون الدولي، إن كان هناك تناقض أو توافق مع الشريعة الإسلامية، وكيف من الممكن تأهيل الوعاظ والخطباء للتصدي لمسائل حماية المدنيين وأسرى الحروب بما لا يتناقض مع المواثيق الدولية وتحقيق المقاصد الشرعية.
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور إبراهيم الجازي وتناولت في موضوعاتها محور القانون الدولي الإنساني ما بين النظرية والتطبيق، قدم المستشار الإقليمي للشؤون الإسلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدكتور حسام شخشير في مداخلته مقاربة ما بين القانون والشريعة الإسلامية وآلية تطبيقه، مشيرا إلى أن القانون الدولي الإنساني هو ذاته قانون الحرب والنزاعات المسلحة، وهو جزء من القانون الدولي العام ويطبق في حالات النزاعات المسلحة الدولية منها أو غير الدولية.
أما الدكتور زايد حماد فعرض آليات وتطبيقات يمكن من خلالها خفض نسبة الألم عن منكوبي وضحايا الحروب، وتفقد حاجات المدنيين وتلبية احتياجاتهم وفق أسس مدروسة تقوم على وسائل تنمية مستدامة، دون أن يشكلوا عبئا ثقيلا على المجتمعات المستضيفة لهم.