أغذية مقاصف المدارس الحكومية تنتهك حق الطلبة في الغذاء السليم
كتب-احمد مصطفى ذياب
تنتهك مقاصف مدرسية حكومية حق الطلبة في الحصول على غذاءٍ مناسب، لأن بعضها يؤثرعلى تحصيلهم العلمي ومن ثم صحتهم.
أكثر من مليوني طالب وطالبة يتوجهون إلى المدارس كل صباح لبدء يوم دراسي يمتد من 6 - 7 ساعات يتخللها نصف ساعة استراحة يستغلها الطالب لتناول طعامه وشرابه من المقصف.
تقول شهد، طالبة في الصف الثاني الأساسي، إن" العصير والشيبس والـمصاص لمفضل لديها، فتشتريها من مقصف مدرستها لاسكات جوعها وللتسلية أيضاً".
ومحمود، طالب في الصف السادس الإبتدائي، يشتري العصير والشيبس و السكاكر حين يشعر بالجوع، لكن الاثنين فضّلا لو ان مقصفي مدرستيهما يبيعان الساندويش ايضا.
وزير الصحة عبداللطيف وريكات أشار أن الطلبة في المدارس" يتعرضون يوميا لعرض أشربة وأطعمة تحضر دون اتباع شروط الصحة والسلامة العامة ما يعرض حياتهم للخطر".
كما ان أسعار هذه الاغذية ليست مرتفعة فأرخص سلعة تباع في المقصف المدرسي خمسة قروش وهي عبارة عن قطعة شكولاتة محشوة بجوز الهند، وسط تساؤل حول قيمتها الغذائية مقارنة بسعرها المنخفض.
تؤكد رئيسة قسم التغذية في مستشفى الأردن عبير الدويكات أن "بعض الأغذية المسموح تقديمها في المقاصف كـالشيبس المُحضر من بطاطا طبيعية قد يحتوي على زيوت ومواد مضافة غير مفيدة للطالب"، بل إن أغذية أخرى "قد تحتوي على نسب ضارة من الأملاح والدهون التي قد تسبب السمنة".
مضيفةً إن هذه الاغذية "تؤثر إما سلباً أو إيجاباً على ذكاء الطالب واستيعابه وتحصيله العلمي", فـ" السكريات التي قد يحصل عليها الطالب من الشكولاته، على سبيل المثال، قد تزيد من نشاط الطالب الحركي وهو بالامر غير المحبب في البيئة المدرسية".
وتستدرك:" كلما زادت القيمة الغذائية للأغذية انعكس ذلك على التحصيل الأكاديمي للطلبة".
والجدير ذكره هنا، اغلقت وزارة الصحة أكثر من 120 مقصفاً حكومياً بُعيد تطبيق اشتراطات جديدة عليها. كما أغلقت مؤسسة الغذاء والدواء أيلول الماضي 15 مقصفاً لمخالفتها المعايير الصحية، و أحالت وزارة الصناعة والتجارة 17 مقصفاً من بينها مقاصف مدرسية وجامعية إلى المحاكم المختصة بسبب مخالفتها الشروط والقوانين.
انتهاك اتفاقية حقوق الطفل
طبيعة الغذاء المقدم في المقاصف المدرسية الحكومية لا يتفق مع ما تدعو إليه اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن. وتنص الفقرة (ج) من المادة 24 على ضرورة "ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻷﻣﺮاض وﺳﻮء اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻷوﻟﻴﺔ، ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ أﻣﻮر ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻷﻏﺬﻳﺔ اﻟﻤﻐﺬﻳﺔ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ وﻣﻴﺎﻩ اﻟﺸﺮب اﻟﻨﻘﻴﺔ، ﺁﺧﺬة ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرها أﺧﻄﺎر ﺗﻠﻮث اﻟﺒﻴﺌﺔ وﻣﺨﺎﻃﺮﻩ".
كما تنص المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن" لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية".
وصادق الأردن على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1991، كإجراء فوري لمؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل الذي عقد في أيلول من عام 1990 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وتؤكد رئيسة جمعية حقوق الطفل الاردنية هنزاد التل أن تقديم المدارس للأغذية غير الصحية في مقاصفها أو عدم تطبيق الاشتراطات الصحية خلافاً للتعليمات التي أقرتها وزارة الصحة "يشكل انتهاكاً واضحاً لحق الطفل والطالب في الحصول على تغذية سليمة".
اشتراطات جديدة للصحة
التزاما مع الاتفاقية الدولية، عممت وزارة الصحة معايير واشتراطات تتعلق بغذاء المقاصف وضمن المواصفات العالمية نشرتها في الجريدة الرسمية، تلزم بموجبها المدارس بضرورة موافقة نوع الغذاء مع المواصفات العالمية، بحسب مدير مديرية الصحة المدرسية في الوزارة الدكتور خالد الخرابشة.
وتقوم فرق المديرية بجولات دورية على المدارس في جميع محافظات المملكة للتأكد من تطبيق هذه المعايير والإشتراطات -بحسب الخرابشة - الذي بين أن مدير المدرسة ومسؤول المقصف يتسلمان اشعاراً خطياً في حال مخالفة المواصفات من حيث المكان وجودة المواد الغذائية وأن بعض المخالفين حولوا إلى القضاء.
وفي هذا الصدد، ينفى الخرابشة وجود حالات مرضية بسبب اغذية قدمت في المقاصف مشيراً إلى أن الحالات المرضية في المدارس هي ضمن المعدلات السنوية بحسب التقرير الصحي الشامل السنوي لوزارة الصحة.
في مقابل هذه الاشتراطات، هل تلتزم المدارس بها؟
مسؤول المقاصف في مدرسة اعدادية في منطقة تربية عمان الأولى عدنان شحادة بيَن أن المقصف في مدرسته هو "عبارة عن مخزن بنافذة واحدة جيدة التهوية غير أنه لا يحتوي على أي من اشتراطات الوزارة التي نشرت في الجريدة الرسمية رقم 3967 لعام 2012".
وتنص اشتراطات ومعايير الصحة الجديدة على وجوب وجود مروحة ومصيدة للحشرات وثلاجة حفظ أطعمة في المقصف.
ويؤكد شحادة أنه "لم توجه أي جهة رسمية أي إشعار للمدرسة بسبب غياب اشتراطات الوزارة رغم زيارات متكررة للمدرسة، كما أن سلع المقصف تباع في الساحة بين الطلاب رغم اشتراط أن يكون البيع عبر نوافذ بواقع نافذة واحدة لكل مئة طالب".
رغم ذلك يؤكد الناطق الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم الدكتور أيمن بركات أن وزارته تعمل بالإشتراك مع وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء لضمان جودة الأغذية المقدمة في المقاصف، وأنها تعتمد مواصفات محددة من مؤسسة الغذاء والدواء.
لكنه يحمل الطلبة وإدارة المدرسة مسؤولية دخول الأغذية إلى المدرسة من خارجها، ويقول إن التربية تواجه مشكلة شراء الطلاب للأغذية من خارج أسوار المدرسة قبل دخولهم إليها، مشددا على أن كل ما يقدم في المقاصف هو "صحي ومناسب للطلبة واحتياجاتهم، وأن كل ما يدخل المدرسة من أغذية يكون بموافقة مدير المدرسة والمشرف المسؤول عن المقصف".
ويتولى قسم المقاصف المدرسية الموجود في كل مديرية من مديريات وزارة التربية والتعليم ، بحسب الدكتور بركات، التأكد من أن جميع المدارس تلتزم بمواصفات المنتجات التي تباع في المقاصف المدرسية.
وتتضمن تعليمات المقاصف المدرسية في وزارة التربية 18 بنداً خصص 17 منها للأمور المالية والإدارية فيما تطرقت مادة واحده للسلامة العامة والأغذية المقدمة قبل أن تصدر وزارة الصحة مؤخراً تعليمات واشتراطات صحية مفصلة للمقاصف المدرسية.
مواصفات الأغذية المناسبة
تشدد رئيسة قسم التغذية في مستشفى الأردن عبير الدويكات على ضرورة الإتجاه نحو الأغذية التي تساعد الطالب على التركيز والانتباه، إذ ترى في شرط وزارة الصحة توفير العصير الذي يحتوي على 30 % فاكهة طبيعية على الأقل "شرطاً غير كافٍ"، مقترحة استبداله بالحليب المطعم بالفواكه،ىوإضافة المنتجات المحتوية على التمور والفواكه الطبيعية إلى ما يُقدم المقاصف فالتمور تساعد على تقوية الذاكرة فيما يحتوي الحليب على بعض السكريات الثنائية سريعة الهضم والتي توفر للطالب الطاقة اللازمة للتعلم والنشاط المدرسي.
صحة الطالب وتحصيله العلمي جوهر ما تهدف إليه اشتراطات الصحة ومواصفات التربية المطلوبة دوليا، لكن الرقابة على غذاء المقاصف تظل رخوة في ظل استمرار بعض المدراس الحكومية بتقديم أغذية غير ذات قيمة لطلابها سواء في داخلها أو من خارجها مالا يخلي مسؤولية الاجهزة الرقابية .
*أُعد خصيصاً لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين