عبء اللجوء السوري
عريب الرنتاوي
جو 24 : معدلات النزوح السوري إلى الأردن في تزايد مستمر، ما يقرب من 4 – 5 آلاف لاجئ سوري، يعبرون الحدود يومياً، وفي ظروف مناخية وأمنية بالغة الخطورة والصعوبة..وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، فما هي سوى أسابيع أو أشهر قليلة، حتى تجتاز أعداد اللاجئين حاجز النصف مليون..هذا أمر مقلق، ويرقى إلى مستوى التهديد الاقتصادي والامني، والمؤسف أن الدولة قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ ما لا ترغب به من قرارات، وتحاول تفاديه وإرجائه: إغلاق الحدود.
برغم الأنباء عن قسوة الأحوال الإنسانية في «مخيم الزعتري» والمصاعب الجمّة التي تواجهها العائلات السورية اللاجئة في الأردن، كما في لبنان وتركيا، إلا أن سيل اللاجئين ما زال يتدفق، بل ويرتفع منسوبه على وقع المعارك الضارية في الضواحي الجنوبية لدمشق ومحافظة درعا وريفها..ما يعني أن «ما رمى هؤلاء على المر، هو الأمر منه»..هم يخاطرون بعبور الحدود إلى المجهول، وهو أمر لا يفعله سوى يائس، يخوض آخر معارك صراع البقاء.
ليس من السهل أخلاقياً وسياسياً على صانع القرار في الأردن، اتخاذ قرار بغلق الحدود..ونحن لا نشجع على ذلك بالطبع، ولا نستعجله من باب أولى، ولقد سبق للأردن أن استضاف مئات ألوف اللاجئين العراقيين، إلى أن أمكن لهم العودة لديارهم بعد سنوات من النفي القسري..لكن أعباء الاستضافة وتحدياتها وأكلافها، باتت تفوق قدرات الأردن على الاحتمال، فهل يتحرك العرب لمد يد العون للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم؟.
الأزمة السورية ليست مرشحة للحل أو بلوغ نهاية المطاف في المدى المرئي...سيرغي لافروف يتحدث عن عامين على الأقل قبل أن ينضج الحل..لوران فابيوس تحدث عن تبدل الأولويات وتراجع القضية السورية على سلمها..وليد جنبلاط بدأ بالاستعداد لاستدارة جديدة، وهو الخبير في قراءات اتجاهات هبوب الريح الدولية..الذي قضوا أسابيع وأشهر في عدّ أيام الأسد الأخيرة، تعبوا من العدّ، وباتوا أكثر تشاؤماً مما كانوا عليه من قبل..الأزمة ستطول وتستطيل، والمعاناة الإنسانية ستتفاقم، والعبء الإنساني والأمني والأخلاقي على الأردن، سيزداد ثقلاً وكثافة.
والحقيقة أننا نستغرب مواقف دول عربية مجاورة، لا يتوقف إعلامها عن «الجهر والجأر» بالمعاناة الإنسانية للسوريين، بل ولا يكف عن الدعوة للحسم والعسكرة والتدخل، تحت شعار نصرة الشعب الشقيق..هؤلاء لا نراهم في ميادين الإغاثة والعون الإنساني..نرى فقط الخيام و»البطانيات» التي تحمل شعاراتهم وأعلام ودولهم...لما لا تقدم هذه الدول على فتح حدودها للاجئين السوريين..لماذا لا تستضيفهم على أراضيها..بل ولماذا تتشدد في شروط دخول السوريين من غير اللاجئين إلى مدنها وعواصمها.
في اليونان، البعيدة عن سوريا، قال لي دبلوماسي وخبير، أن هناك ما يقرب من 25 – 30 ألف لاجئ سوري يقيمون على الأرض اليونانية، ومن دون ضجيج أو توظيف إعلاميين..السعودية وقطر، أكثر دولتين عربيتين متحمستين لـ»نصرة» الشعب الشقيق، أقرب إليه بحسابات الجغرافيا واللغة والدين والتراث من اليونان، لماذا لا نرى معسكرات الإيواء تنتشر في هذه الدول..ومن قال أن «القروش القليلة» التي ترسل للاجئين، يمكن أن تكون بديلاً مقعناً عن قيام هذه الدول بدورها القومي والأخلاقي؟
مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بدعم اللاجئين السوريين المقرر غداً وبعد غد في الكويت، يجب أن يتوقف أمام هذه المأساة المرشحة للتفاقم والاستطالة لسنوات قادمة..والقرارات المنتظرة يجب أن تتعدى رصد أموال فلكية على الورق، نعرف تمام المعرفة، ومن تجاربنا السابقة مع مؤتمرات من هذا النوع، أنها لن تصل أبداً، أو أن نزرها اليسير هو ما يصل فعلاً..ويجب التفكير بتوزيع عبء اللجوء السوري على الأقطار، فلا يجوز لمعادلة تقسيم العمل بين الدول العربية أن تستمر على هذا النحو: دول تكتفي بدفع دراهم معدودات، وأخرى عليها أن تكتوي بنار الأزمات وتداعياتها..هذه المعادلة يجب أن تدفن في الكويت، مرة وإلى الأبد، فمن أراد أن يتزعم العالمين العربي والإسلامي، عليه أن يكون شريكاً في المغارم أيضاً، وليس في المغانم فقط.
(الدستور)
برغم الأنباء عن قسوة الأحوال الإنسانية في «مخيم الزعتري» والمصاعب الجمّة التي تواجهها العائلات السورية اللاجئة في الأردن، كما في لبنان وتركيا، إلا أن سيل اللاجئين ما زال يتدفق، بل ويرتفع منسوبه على وقع المعارك الضارية في الضواحي الجنوبية لدمشق ومحافظة درعا وريفها..ما يعني أن «ما رمى هؤلاء على المر، هو الأمر منه»..هم يخاطرون بعبور الحدود إلى المجهول، وهو أمر لا يفعله سوى يائس، يخوض آخر معارك صراع البقاء.
ليس من السهل أخلاقياً وسياسياً على صانع القرار في الأردن، اتخاذ قرار بغلق الحدود..ونحن لا نشجع على ذلك بالطبع، ولا نستعجله من باب أولى، ولقد سبق للأردن أن استضاف مئات ألوف اللاجئين العراقيين، إلى أن أمكن لهم العودة لديارهم بعد سنوات من النفي القسري..لكن أعباء الاستضافة وتحدياتها وأكلافها، باتت تفوق قدرات الأردن على الاحتمال، فهل يتحرك العرب لمد يد العون للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم؟.
الأزمة السورية ليست مرشحة للحل أو بلوغ نهاية المطاف في المدى المرئي...سيرغي لافروف يتحدث عن عامين على الأقل قبل أن ينضج الحل..لوران فابيوس تحدث عن تبدل الأولويات وتراجع القضية السورية على سلمها..وليد جنبلاط بدأ بالاستعداد لاستدارة جديدة، وهو الخبير في قراءات اتجاهات هبوب الريح الدولية..الذي قضوا أسابيع وأشهر في عدّ أيام الأسد الأخيرة، تعبوا من العدّ، وباتوا أكثر تشاؤماً مما كانوا عليه من قبل..الأزمة ستطول وتستطيل، والمعاناة الإنسانية ستتفاقم، والعبء الإنساني والأمني والأخلاقي على الأردن، سيزداد ثقلاً وكثافة.
والحقيقة أننا نستغرب مواقف دول عربية مجاورة، لا يتوقف إعلامها عن «الجهر والجأر» بالمعاناة الإنسانية للسوريين، بل ولا يكف عن الدعوة للحسم والعسكرة والتدخل، تحت شعار نصرة الشعب الشقيق..هؤلاء لا نراهم في ميادين الإغاثة والعون الإنساني..نرى فقط الخيام و»البطانيات» التي تحمل شعاراتهم وأعلام ودولهم...لما لا تقدم هذه الدول على فتح حدودها للاجئين السوريين..لماذا لا تستضيفهم على أراضيها..بل ولماذا تتشدد في شروط دخول السوريين من غير اللاجئين إلى مدنها وعواصمها.
في اليونان، البعيدة عن سوريا، قال لي دبلوماسي وخبير، أن هناك ما يقرب من 25 – 30 ألف لاجئ سوري يقيمون على الأرض اليونانية، ومن دون ضجيج أو توظيف إعلاميين..السعودية وقطر، أكثر دولتين عربيتين متحمستين لـ»نصرة» الشعب الشقيق، أقرب إليه بحسابات الجغرافيا واللغة والدين والتراث من اليونان، لماذا لا نرى معسكرات الإيواء تنتشر في هذه الدول..ومن قال أن «القروش القليلة» التي ترسل للاجئين، يمكن أن تكون بديلاً مقعناً عن قيام هذه الدول بدورها القومي والأخلاقي؟
مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بدعم اللاجئين السوريين المقرر غداً وبعد غد في الكويت، يجب أن يتوقف أمام هذه المأساة المرشحة للتفاقم والاستطالة لسنوات قادمة..والقرارات المنتظرة يجب أن تتعدى رصد أموال فلكية على الورق، نعرف تمام المعرفة، ومن تجاربنا السابقة مع مؤتمرات من هذا النوع، أنها لن تصل أبداً، أو أن نزرها اليسير هو ما يصل فعلاً..ويجب التفكير بتوزيع عبء اللجوء السوري على الأقطار، فلا يجوز لمعادلة تقسيم العمل بين الدول العربية أن تستمر على هذا النحو: دول تكتفي بدفع دراهم معدودات، وأخرى عليها أن تكتوي بنار الأزمات وتداعياتها..هذه المعادلة يجب أن تدفن في الكويت، مرة وإلى الأبد، فمن أراد أن يتزعم العالمين العربي والإسلامي، عليه أن يكون شريكاً في المغارم أيضاً، وليس في المغانم فقط.
(الدستور)