الكاتبة بثينة حمدان شخصية العدد في This Week in Palestine
جو 24 :
كانت في التاسعة من عمرها حين بدأت أناملها الصغيرة تتلمس بقوة أوراق الصُحف، تختار ما يناسبها وتجمع منها قصاصات من صور وأخبار ثم تُلصِقَها في دفترها الصغير، يستمر هذا المشهد لساعات طويلة وهي جالسة على أرض غرفتها ومن حولها كل هذه الأوراق. كتبت بثينة الطفلة أغاني عديدة باللهجة العامية ونذرتها في أحلامها لمطربيها المفضلين. لقد عرفت مبكراً أنها تهوى حقل الاعلام وذلك بفضل شغفها الكبير بالكتابة، ودعم وتشجيع عائلتها لاسيما والدها.
وحين أصبحت في الرابعة عشر قرأت مقالاً لأحد الفتيان يتحدث فيه عن أن المرأة هي السبب في جَرحِ قلوب الفتيان، فامتعضت وكتبت رداً أكدت فيه أن كلا الجنسين قد يتسببا بأذية الآخر في الحب ولا يتعلق الأمر بالمرأة فقط. وهكذا نُشِرَ مقالها الأول في جريدة الأيام، في صفحة "يراعات" الخاصة بالفتيان والفتيات وهو مشروع الكتابة الابداعية الذي تديره مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي في رام الله. تابعت بثينة الكتابة حتى أصبحت محررة في الصفحة ومن ثم منسقة المشروع. وتطوعت في العديد من النشاطات والمؤسسات الأهلية ومنها حملات تشجيع القراءة والكتابة في المجتمع الفلسطيني، وحملات تنظيف مدينة رام الله بعد الاجتياح الاسرائيلي لها عام 2002. وحين بلغت السادسة عشر كان لها مقالها الأسبوعي في "يراعات" تحت عنوان "شؤون طلابية" والذي يتناول مشاكل الطلاب، انتقدت فيه النظام التعليمي، واعتادت زميلاتها في المدرسة قراءته بل وتوزيع نسخ منه في المدرسة، ومناقشته مع معلماتهن، أحبوا كتاباتها التي لاحظوا أثرها فقد أحدثت تغييرات هامة في مدرستهن. لكن ولأنها أحياناً كانت تنتقد معلماتها –دون ذكر اسماءهن طبعاً- فكان يغضِبهن النقد، حتى رفضت إحداهن السماح لها بالمشاركة في النقاشات في الحصص المدرسية وهي في عامها الأخير في المدرسة "التوجيهي".
تخرجت بثينة من جامعة بيرزيت ضمن تخصص الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الدولية وكانت رسالتها عن التغطية الاعلامية لتلفزيون بي بي سي العربي للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، وكانت رسالتها من الأوائل التي تناولت التلفزيون الذي كان حديث النشأة ومن الدراسات القليلة الصادرة باللغة العربية حول هذا الموضوع. التحقت خلال برنامج الماجستير بمساق دولي بدعم من الاتحاد الاوروبي حول علم الاجتماع وتم اختيارها هي وأربعة من زملاءها لتحظى بفرصة دراسة فصل دراسي في جامعة فيينا واتمام رسالتها هناك. اختارتها جامعة بيرزيت بين خريجيها لتتحدث عن قصة نجاحها للطلبة الجدد لعام 2017. عملت بثينة حمدان كخبيرة في حقل العلاقات العامة والاعلام، ومحاضرة في المجال الاعلامي ومراسلة صحفية.
نشرت نصوصها في العديد من الصحف المحلية والعربية، واشتهرت بكتابة سلسلة مقالات بعنوان "يوميات وزارة" انتقدت فيها عمل خمسة وزارات بشكل مباشر وجريء نوعاً ما. وأطلقت عدة حملات لعل ابرزها حملة موجهة للرئيس حول قتل النساء على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" والمطالبة بتعديل القوانين التي تخفف العقوبة عن القاتل وتعطيه عذراً للقتل. كما أطلقت وزملاءها حملة "#سبسطية_شمس_الحضارات" بهدف المحافظة على ما بقي من تاريخ وحضارة وآثار في هذه البلدة الجميلة واستقطاب المسؤولين لإيلائها الاهتمام الذي تستحق لاسيما في ظل المحاولات الاسرائيلية لتدمير المكان وتهويده وسرقة تاريخه.
استمرت بثينة حمدان بدعم عائلتها وزوجها والمقربين منها وتشجيعهم في مشاريعها الكتابية رغم العديد من الضغوط التي واجهتها بسبب كتابتها وطرحها المباشر والجريء. صدر لها كتابين: "نسمات باردة" اصدار مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي عن تاريخ عائلتها في التهجير القسري من بلدة عنابة عام 1948 واللجوء وكتاب "مازلنا أحياء" اصدار مؤسسة الناشر يتضمن نموذجاً من قصصها الصحفية الانسانية حول حياة الفلسطينين اليومية تحت الاحتلال. وتعد اليوم لاصدارين آخرين يتضمن بروفايلات عن المدن والقرى الفلسطينية، وآخر يتضمن السيرة الذاتية لشخصيات فلسطينية معروفة في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية...