هل البيتكوين فقاعة مضاربة أم استثمار حقيقى؟

إن التطور التكنولوجى وازدهاره أحدث نقلة نوعية فى مجال المعاملات المالية على مستوى العالم، حيث كان للانتشار الواسع للانترنت سببًا فى تغير مجريات الأمور المالية كافة، فمؤخرًا ظهرت عملة البيتكوين وهى عملة إفتراضية يتم تداولها عبر الانترنت فقط دون وجود ملموس لها ولكنها حظيت بشهرة عالمية ليس لها مثيل بين العملات الرقمية المشفرة.

فمنذ بداية هذا العام حقق البيتكوين ارتفاعات كثيرة حتى تجاوز مستوى 6000 دولار، تأتى تلك القفزات السعرية الواسعة على الرغم من بعض الأحداث المالية والتصريحات الرافضة للبيتكوين والتى من شأنها أن تضعفها، إلا أنه بات من الواضح أن البيتكوين يتجه فى مسار تصاعدى دون الالتفات إلى العوامل التى من الممكن أن تتسبب فى إضعافه الأمر الذى يراه الكثيرين بأنها عملة المستقبل وأطلق عليها الذهب الرقمى digital   goldبلا منازع، خاصة بعد صدور تقارير تفيد بأن البيتكوين يتجه لإزاحة الدولار الأمريكى من عرش العملات العالمية ليكون بديلًا له فى المستقبل.

فى المقابل يرى بعض المشككين أن الارتفاع المستمر للبيتكوين دون أى تغيرات دليلًا واضحًا على أننا أمام فقاعة اقتصادية مثل الرهانات العقارية التى حدثت فى الولايات المتحدة والتى حتما ما ستنفجر عاجلًا أم آجلًا وستصيب أصحابها بخسائر جسيمة.

هناك العديد من الأسباب التى تنفى أن تكون عملة البيتكوين فقاعة اقتصادية:

1 .كمية البيتكوين والامركزية التى يتمتع بها.

تتميز عملة البيتكوين بأنها عملة لامركزية بمعنى أنها ليست ملك لأى بنك مركزى مقارنة بالعملات التقليدية وهذا يمنح البيتكوين ميزة عدم التلاعب بها من خلال اتناج أو طبع عملات فى أى وقت يحتاجه البنك، كما أن كميته محدودة ولا يمكن أن تزيد عن 21 مليون وحدة بسبب الصعوبة البالغة فى تعدينها الأمر الذى سيجعل قيمته ترتفع فى أقرب وقت، وبالتالى تظهر عملة البيتكوين أنها عملة ذات استقلالية تامة عن أيدى البنوك ليبقى شبيهًا بمعدن الذهب.

2 .ارتفاع معدلات الطلب للبيتكوين من قبل المؤسسات التجارية.

فى بداية ظهور عملة البيتكوين تعاملت بعض المتاجر الإلكترونية بالعملة الافتراضية حتى تغير الأمر بسرعة فى الوقت الحالى وتعاملت الكثير من شركات التكنولوجيا ومتاجر الانترنت بالعملات المشفرة.

وفى الآونة الأخيرة أدت القفزات السعرية الواسعة للبيتكوين إلى اعتراف بعض الدول مثل اليابان باستخدام العملات المشفرة من قبل المؤسسات التجارية.

توقعات بارتفاعات كبيرة للبيتكوين

يعتقد الكثيرين من محللى الأسواق والخبراء الاقتصاديين أنه على الرغم من التحديات التى تواجه عملة البيتكوين والتى تقوم بها بعض الحكومات ضد العملات الإلكترونية فمن المؤكد أن ترتفع أسعارها لأرقام خيالية خاصة وأن معدلات الطلب عليها فى تنامى بما قد يجعل العملة الإلكترونية "البيتكوين" أصل مثل الذهب.

وحتى إذا ما تراجع البيتكوين كما يرى البعض فإنه لن يعود للصفر، ولكنه سينخفض مثلما يحدث مع جميع السلع والعملات التقليدية وهذا أمر عادى.

شكوك حول الاستثمار فى البيتكوين

بالنسبة لوجهة النظر الأخرى فيرى المشككين أن ما يحدث لعملة البيتكوين من قفزات سعرية كبيرة مؤشر رئيسى على أنها فقاعة اقتصادية ستنفجر فى وقت ما، كما أنهم يروا أن هناك مشكلة كبيرة فى التقييم لقيمة البيتكوين الفعلية مقارنة مثلًا بالأسهم التى يتم تقيمها وفقًا للقيمة السوقية للشركة وأرباحها، ومن الممكن أن تكون الارتفاعات والمكاسب الكبيرة التى حققتها عملة البيتكوين قد أعمت أبصار العديدين عن الوزن الحقيقى لها فى أسواق العملات.

ومن جهة أخرى البيتكوين لا يخضع لأى جهة رقابية مقارنة بالأسواق المالية الأخرى وهذا ما يعرضه لمخاطر كثيرة مثل النصب والسرقة والإفلاس ولا توجد آليات حماية أو ضمان للأموال خاصة وأن التقنية لا تزال حديثة العهد ولم تستقر بعد ولم يتم وضع أسس قوية لتفادى تلك المخاطر.

وعلى الرغم من المكاسب القوية التى حققها البيتكوين فى الفترة الأخيرة إلا أنها عالية التقلب بما يعزز حجم المخاطر التى يتعرض لها

فى الختام هناك تضارب فى الآراء حول مستقبل البيتكوين بين توقعات مؤكدة بأنها عملة المستقبل وبين توقعات بأنها فقاعة اقتصادية ستنتهى مع مرور الوقت، والأيام القادمة هى التى ستحدد هل البيتكوين فقاعة اقتصادية أم أنه استثمار حقيقى؟.