ملفّ اللاجئين.. جعجعة رسميّة دون طحن!
جو 24 :
منذ بداية الأزمة السوريّة، والسلطة التنفيذيّة تسمعنا جعجعة حول ضرورة دعم الأردن في مواجهة تدفّق الأشقّاء اللاجئين، دون أن نرى طحناً عبر جهود دبلوماسيّة حقيقيّة، تفرض على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليّاته المتعلّقة بالأزمة السوريّة، والتي كان هذا المجتمع سبباً رئيسا في تفاقمها!
حرب بالوكالة، تدور على الأراضي السوريّة وتحصد أرواح الأبرياء، ومازالت بعض الدول "المانحة" تحشر أنفها في الشأن السوري الداخلي، دون أن تتحمّل جزء مقبولاً من مسؤوليّتها الأخلاقيّة أو حتّى السياسيّة.
والأردن.. هذا البلد الصغير مرغم على تحمّل تبعات ونتائج هذه الأزمة وحده. في ظلّ هذا الوضع تكتفي السلطة التنفيذيّة بتصريحات إنشائيّة حول ضرورة مساندة المملكة، دون أن تشمّر عن سواعدها، وتكثّف جهودها الدبلوماسيّة، أو حتّى أن تتّخذ موقفاً صلباً يليق بمستوى الأزمة.
وزير التخطيط والتعاون الدولي، عماد فاخوري، أطلّ عبر وسائل الإعلام بتصريحات "يجدّد" عبرها "ضرورة تقديم الدعم". منذ أن تولّت حكومة د. هاني الملقي لمهامّها وهي تتحف القارئ بتصريحاتها حول تفاقم الأزمة، وصعوبة الأوضاع الاقتصاديّة، وضرورة تقديم المنح والمساعدات التي تمكّن الأردن من الصمود في مواجهة هذه الأزمة.
جاء ذلك خلال لقاء جمع فاخوري، يوم الاربعاء، بالرئيس والمدير التنفيذي للجنة الدولية للإغاثة، ديفيد ميليباند.. ترى، عن ماذا تمخّض جبل مثل هذه التصريحات؟ وأين هو دور وزارة الخارجيّة فيما يتعلّق بهذا الملفّ؟
أوضاع اللاجئين السوريّين في المخيّمات يندى لها الجبين. ظروف حياة لا تليق بكرامة وإنسانيّة الإنسان. والأردن أفقر من تحمّل تدفّق كلّ هذه الأعداد التي هربت من دوّامة الموت أملاً بحياة كريمة، وبنيل أبسط حقوق الإنسان. معادلة بسيطة، ليس من الصعب فرضها على العالم بأسره، فلماذا كلّ هذا التراجع غير اللائق لدور الدبلوماسيّة الأردنيّة؟
ولماذا تراجعت المنح الخارجيّة إلى هذه الدرجة؟ وكيف يفسّر الرسميّون استمرار خضوعهم للقرارات الخارجيّة فيما يتّصل بالجانب الاقتصادي، بالتوازي مع تراجع المساعدات؟ هل المطلوب أن يكون الأردن مجرّد منفّذ للأوامر، مهما كانت النتائج؟!
الوضع الجيوسياسي للأردن يشكّل خطراً حقيقيّاً على أمنه واستقراره، ولكنّه في ذات الوقت يمنحه فرصة للعب دور أكثر تأثيراً. الغريب أن دور الأردن على المستوى الإقليمي لم يتراجع فحسب، بل بات البلد عاجزاً حتّى عن نيل أبسط حقوقه، لقاء ما يتحمّله من تبعات الحروب المستمرّة، التي تورّطت فيها كثير من الدول.
ليس على الأردن أن يتحمّل وحده نتائج عبث الدول "المتقدّمة" بالمنطقة، وأطماعها الملطّخة بالدم السوري. كان الأجدى اتّخاذ مواقف حقيقيّة، وليس الاكتفاء بعبارات إنشائيّة لا تسمن ولا تغني من جوع.