مروان المعشر:حانت لحظة الحقيقة في الاردن
جو 24 : د. حسن البراري - انتقد الدكتور مروان المعشر انخفاض مؤشرات التحول الديمقراطي في الاردن. ففي مقال له نشر على موقع مؤسسة كارنيجي يقول المعشر أن الاردنيين لم يتحمسوا للاصلاحات التي تمت ولهذا جاءت نسبة التصويت في الانتخابات التي جرت قبل اسبوع ٤٠٪ فقط ممن يحق لهم التصويت.
ويؤكد المعشر بأن البرلمان الجديد لا يختلف عن البرلمان السابق في نهاية الامر بفضل قانون الانتخابات الذي صمم لكي ينتج برلمانات ضعيفة وغير مستقلة عن السلطة التنفيذية. ويطالب المعشر في أن تتوفر بنية ذهنية جديدة لخلق نموذج اردني جديد لأن استمرار الحكم بنفس الادوات من المحال، فالاجيال الجديدة لا تقبل بأن تعيش في ظل اليات وادوات حكم كمن سبقها من اجيال.
المهم أن المعشر انتقد النخب الحاكمة ولم يتطرق لرأس الدولة بأي نقد مباشر او غير مباشر ، وقد كتب سابقا بأن النخب الريعية هي من تعيق التحولات والاصلاحات وهي بهذا المعنى لا تستمع لما يقوله الملك. ويجادل أن غالبية الاردنيين تريد ان يقود الملك العملية الاصلاحية. ويضع المعشر خطة طريق للملك يطالبه بتنفيذها تتكون من ثلاثة عناصر: قانون انتخابات جديد، محاربة حقيقية للفساد، خطة اقتصادية تدرجية تنهي النظام الريعي والاعتماد على المساعدات الخارجية.
تاليا الترجمة الكاملة لمقال الدكتور مروان المعشر الذي حمل عنوان "الاصلاح في الاردن: ما بعد الانتخابات"
في أول تصويت لهم منذ اندلاع الانتفاضات العربية انتخب الاردنيون في الاسبوع الماضي برلمانا جديدا. وجاءت نسبة التصويت منخفضة لأن الحماس للاصلاحات السياسية الناقصة التي قامت بها الحكومة لغاية الآن كان قليلا. ولم تكن مفاجأة في أن تكون النتيجة هي ان مجلس النواب الجديد مشابه للمجلس السابق غير الشعبي.
والاردن بحاجة إلى أن يتحرك إلى ما بعد الانتخابات إذ ان التغيير الحقيقي هو ضرورة الان. فقد صوت ٥٦٪ من الناخبين المسجلين، ولكي نكون اكثر دقة نقول بلغت النسبة ٤٠٪ ممن يحق لهم التصويت، فقانون الانتخابات (الذي صمم تقليديا لينتج برلمانات ضعيقة بنيويا وهي برلمانات تخدم وتعتمد على السلطة التنفيذية) تم تغييره بالحدود الدنيا. فقانون الانتخاب الحالي غير قادر على انتاج مجلس نواب مستقل يتمتع بمصداقية بشكل كاف ليمارس رقابة حقيقة على أداء الحكومة. وهذا ما دفع جبهة العمل الاسلامي- الجناج السياسي لحركة الاخوان المسلمين بالاردن- وجماعات أخرى لمقاطعة الانتخابات.
فبينما اشارت غالبية ساحقة من الاردنيين بعدم رغبتهم في الاطاحة بالملكية والنظام إلا أن الغالبية ذاتها اوضحت بأنها تسعى لاحداث تغيير حقيقي. فمعظم الاردنيون ما زالوا ينظرون للملكية والعرش كقوة هامة لتوحيد الاردنيين ومؤسسة توفر الامن لكل الجماعات الاثنية. فمن وجهة نظرهم، فإنه ينبغي أن يكون للملك الصلاحيات الحقيقية التي تمكن العرش من التدخل في القضايا الرئيسية والوجودية عندما يتطلب الأمر. ومع ذلك فثمة احباط كبير بين الناس ازاء الوضع القائم. فالاحتجاجات استمرت في السنتين الاخيرتين مع ان حجم هذه الاحتجاجات طرأ عليه تغيير.
والطريقة التي تحكم بها البلاد (دائرة صناع قرار صغيرة نسبيا مع وجود رقابة تشريعية ضعيفة) لم تعد مناسبة في لحظة ما بعد اليقظة العربية. وهذا يعني أن العام الحلي سيكون صعبا على الاردن. فالبلد ستكون بحاجة لأن تواكب التحديات الرئيسة العديدة:برلمان يدرك معظم الاردنيين بأنه لا يختلف عن البرلمان السابق، ازمة اقتصادية تحتاج إلى عناية مباشرة، ونظام سوري قيد الانهيار على حدوده وهو ما يجعل المعارضة الاسلامية بالاردن تشعر باستقواء اضافي.
ولأن المعارضة موجودة في الشارع بدلا من البرلمان فإن النظام لا يمتلك رفاهية مواجهة التحديات بخطاب انشائي. فقد حانت لحظة الحقيقة بالنسبة للاردن.
وقد تم اجراء تعديلات دستورية ايجابية في السنتين الاخيرتين ومن ضمنها تأسيس محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات، لكن هذه الخطوات لا تكفي لاقناع الاردنيين بجدية واستمرارية عملية الاصلاح. فالملك بحاجة إلى أن يبدأ اليوم بعملية تعالج المطالب الرئيسة الثلاث. أولا، يجب تغيير قانون الانتخاب لزيادة اعداد المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية في كل دورة انتخابية. وستساعد خطة تدرجية مع وجود جدول زمني البدء لتنفيذها على تطوير ثقافة حزبية حقيقية تسمح للاحزاب في ان تؤسس نفسها، وسيفضي هذا الأمر إلى اعادة تدريجية لتوزيع ميزان القوة بعيدا عن السلطة التنفيذية المهيمنة إلى برلمان اكثر تمثيلا يعكس آمال وقلق الناس. ثانيا، محاربة الفساد بشكل مباشر، فهذه مسألة توحد كل مطالب الاردنيين، وهناك حاجة لاتخاذ خطوات ليس فقط لتحويل قضايا معروفة للمحكمة لكن ايضا لمأسسة مجموعة من القوانين التشريعية تجعل من الصعوبة بمكان ان تتكرر ممارسات الفساد وتوفر رقابة مؤسسية لمنع المخالفات واساءة الاستعمال عندما تحدث. ثالثا، هناك حاجة لتطوير خطة اقتصادية لتحرير الاردن من النظام الرعوي التاريخي وان تنتقل البلد الى اقتصاد يستند على الكفاءة والجدارة. ومثل هذه الخطة عليها ان تتعامل مع الوقت مع المشاكل المزمنة لقضايا البطالة والاعتماد على المساعدات الخارجية ولكنها يجب أن لا تتجاهل احتياجات الناس الاقل حظا.ويحب ان يكون النمو شاملا بشكل اكثر وهناك حاجة لمعالحة تحدي تطوير اقتصاد اردني مستدام.
صحيح أن هذه المهمة صعبة لكن من الممكن القيام بها. ويتطلب الأمر ارادة سياسية وليس فقط خبرة فنية للنجاح لانها هذه المهمة تمس مصالح طبقة من المجتمع نجحت لغاية الان في مقاومة الاصلاحات التي من شأنها أن تحرمهم من المزايا والفوائد التي يحصلون عليها بشكل غير عادل. وما زال هناك فرصة للاردن في ان يبرهن للمنطقة بأن الاصلاحات التي تأتي من فوق يمكن لها ان تنجح. غير ان ذلك يستلزم وجود بنية ذهنية جديدة تدرك أن الادوات التي نحتاجها للاستقرار بالمستقبل تختلف عن تلك الادوات التي ضمنت البقاء في الماضي.
والاردنيون واضحون من حيث رغبتهم في ان يقوم الملك بالعملية ويعرفون أن الجيل الجديد لن يقبل ان يعيش في ظل قواعد عاش في ظلها اباءهم. والايام التي تلي الانتخابات مباشرة تصلح بأن تكون البداية، فالاردن بحاجة لأن يبرهن بأنه قادر على مواجهة التحدي..
ويؤكد المعشر بأن البرلمان الجديد لا يختلف عن البرلمان السابق في نهاية الامر بفضل قانون الانتخابات الذي صمم لكي ينتج برلمانات ضعيفة وغير مستقلة عن السلطة التنفيذية. ويطالب المعشر في أن تتوفر بنية ذهنية جديدة لخلق نموذج اردني جديد لأن استمرار الحكم بنفس الادوات من المحال، فالاجيال الجديدة لا تقبل بأن تعيش في ظل اليات وادوات حكم كمن سبقها من اجيال.
المهم أن المعشر انتقد النخب الحاكمة ولم يتطرق لرأس الدولة بأي نقد مباشر او غير مباشر ، وقد كتب سابقا بأن النخب الريعية هي من تعيق التحولات والاصلاحات وهي بهذا المعنى لا تستمع لما يقوله الملك. ويجادل أن غالبية الاردنيين تريد ان يقود الملك العملية الاصلاحية. ويضع المعشر خطة طريق للملك يطالبه بتنفيذها تتكون من ثلاثة عناصر: قانون انتخابات جديد، محاربة حقيقية للفساد، خطة اقتصادية تدرجية تنهي النظام الريعي والاعتماد على المساعدات الخارجية.
تاليا الترجمة الكاملة لمقال الدكتور مروان المعشر الذي حمل عنوان "الاصلاح في الاردن: ما بعد الانتخابات"
في أول تصويت لهم منذ اندلاع الانتفاضات العربية انتخب الاردنيون في الاسبوع الماضي برلمانا جديدا. وجاءت نسبة التصويت منخفضة لأن الحماس للاصلاحات السياسية الناقصة التي قامت بها الحكومة لغاية الآن كان قليلا. ولم تكن مفاجأة في أن تكون النتيجة هي ان مجلس النواب الجديد مشابه للمجلس السابق غير الشعبي.
والاردن بحاجة إلى أن يتحرك إلى ما بعد الانتخابات إذ ان التغيير الحقيقي هو ضرورة الان. فقد صوت ٥٦٪ من الناخبين المسجلين، ولكي نكون اكثر دقة نقول بلغت النسبة ٤٠٪ ممن يحق لهم التصويت، فقانون الانتخابات (الذي صمم تقليديا لينتج برلمانات ضعيقة بنيويا وهي برلمانات تخدم وتعتمد على السلطة التنفيذية) تم تغييره بالحدود الدنيا. فقانون الانتخاب الحالي غير قادر على انتاج مجلس نواب مستقل يتمتع بمصداقية بشكل كاف ليمارس رقابة حقيقة على أداء الحكومة. وهذا ما دفع جبهة العمل الاسلامي- الجناج السياسي لحركة الاخوان المسلمين بالاردن- وجماعات أخرى لمقاطعة الانتخابات.
فبينما اشارت غالبية ساحقة من الاردنيين بعدم رغبتهم في الاطاحة بالملكية والنظام إلا أن الغالبية ذاتها اوضحت بأنها تسعى لاحداث تغيير حقيقي. فمعظم الاردنيون ما زالوا ينظرون للملكية والعرش كقوة هامة لتوحيد الاردنيين ومؤسسة توفر الامن لكل الجماعات الاثنية. فمن وجهة نظرهم، فإنه ينبغي أن يكون للملك الصلاحيات الحقيقية التي تمكن العرش من التدخل في القضايا الرئيسية والوجودية عندما يتطلب الأمر. ومع ذلك فثمة احباط كبير بين الناس ازاء الوضع القائم. فالاحتجاجات استمرت في السنتين الاخيرتين مع ان حجم هذه الاحتجاجات طرأ عليه تغيير.
والطريقة التي تحكم بها البلاد (دائرة صناع قرار صغيرة نسبيا مع وجود رقابة تشريعية ضعيفة) لم تعد مناسبة في لحظة ما بعد اليقظة العربية. وهذا يعني أن العام الحلي سيكون صعبا على الاردن. فالبلد ستكون بحاجة لأن تواكب التحديات الرئيسة العديدة:برلمان يدرك معظم الاردنيين بأنه لا يختلف عن البرلمان السابق، ازمة اقتصادية تحتاج إلى عناية مباشرة، ونظام سوري قيد الانهيار على حدوده وهو ما يجعل المعارضة الاسلامية بالاردن تشعر باستقواء اضافي.
ولأن المعارضة موجودة في الشارع بدلا من البرلمان فإن النظام لا يمتلك رفاهية مواجهة التحديات بخطاب انشائي. فقد حانت لحظة الحقيقة بالنسبة للاردن.
وقد تم اجراء تعديلات دستورية ايجابية في السنتين الاخيرتين ومن ضمنها تأسيس محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات، لكن هذه الخطوات لا تكفي لاقناع الاردنيين بجدية واستمرارية عملية الاصلاح. فالملك بحاجة إلى أن يبدأ اليوم بعملية تعالج المطالب الرئيسة الثلاث. أولا، يجب تغيير قانون الانتخاب لزيادة اعداد المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية في كل دورة انتخابية. وستساعد خطة تدرجية مع وجود جدول زمني البدء لتنفيذها على تطوير ثقافة حزبية حقيقية تسمح للاحزاب في ان تؤسس نفسها، وسيفضي هذا الأمر إلى اعادة تدريجية لتوزيع ميزان القوة بعيدا عن السلطة التنفيذية المهيمنة إلى برلمان اكثر تمثيلا يعكس آمال وقلق الناس. ثانيا، محاربة الفساد بشكل مباشر، فهذه مسألة توحد كل مطالب الاردنيين، وهناك حاجة لاتخاذ خطوات ليس فقط لتحويل قضايا معروفة للمحكمة لكن ايضا لمأسسة مجموعة من القوانين التشريعية تجعل من الصعوبة بمكان ان تتكرر ممارسات الفساد وتوفر رقابة مؤسسية لمنع المخالفات واساءة الاستعمال عندما تحدث. ثالثا، هناك حاجة لتطوير خطة اقتصادية لتحرير الاردن من النظام الرعوي التاريخي وان تنتقل البلد الى اقتصاد يستند على الكفاءة والجدارة. ومثل هذه الخطة عليها ان تتعامل مع الوقت مع المشاكل المزمنة لقضايا البطالة والاعتماد على المساعدات الخارجية ولكنها يجب أن لا تتجاهل احتياجات الناس الاقل حظا.ويحب ان يكون النمو شاملا بشكل اكثر وهناك حاجة لمعالحة تحدي تطوير اقتصاد اردني مستدام.
صحيح أن هذه المهمة صعبة لكن من الممكن القيام بها. ويتطلب الأمر ارادة سياسية وليس فقط خبرة فنية للنجاح لانها هذه المهمة تمس مصالح طبقة من المجتمع نجحت لغاية الان في مقاومة الاصلاحات التي من شأنها أن تحرمهم من المزايا والفوائد التي يحصلون عليها بشكل غير عادل. وما زال هناك فرصة للاردن في ان يبرهن للمنطقة بأن الاصلاحات التي تأتي من فوق يمكن لها ان تنجح. غير ان ذلك يستلزم وجود بنية ذهنية جديدة تدرك أن الادوات التي نحتاجها للاستقرار بالمستقبل تختلف عن تلك الادوات التي ضمنت البقاء في الماضي.
والاردنيون واضحون من حيث رغبتهم في ان يقوم الملك بالعملية ويعرفون أن الجيل الجديد لن يقبل ان يعيش في ظل قواعد عاش في ظلها اباءهم. والايام التي تلي الانتخابات مباشرة تصلح بأن تكون البداية، فالاردن بحاجة لأن يبرهن بأنه قادر على مواجهة التحدي..