الحكومة تستولي على مليار دينار من جيوب الاردنيين
علي السنيد
جو 24 :
لا شك ان الاجراءات الجبائية التي اتخذنها الحكومة الحالية تمكنت من الاستيلاء على نحو مليار دينار اردني من جيوب الاردنيين في خلال اقل من ستة اشهر تقريبا ، وهي تبقى ثابتة في موازنات السنوات القادمة ، والتي تبلغ لهذا العام تسعة مليارات ، وتبدى ذلك في الرفع الاول للأسعار الذي شهدناه في المنتصف الثاني من اعادة التقدير لموازنة العام 2017 ، ووفر ما يقرب من خمسمائة مليون دينار، ويتواصل في الرفع الثاني المقدم اليوم من خلال خطاب الموازنة للعام 2018 وما سيرافقها من تعديلات على قانون ضريبة الدخل، ووقف الدعم على مادة الخبز، وازالة الاستثناءات على ضريبة المبيعات التي تطال المواد الغذائية الرئيسية كالرز والسكر والشاي وغيرها ، وفي ذلك يتم ايضا تحصيل نحو خمسمائة مليون دينار. وبذلك تكون هذه الحكومة قد اقتصت نحو مليار دينار اردني من القوة الشرائية للمواطن الاردني الغلبان، وهي تأتي على حساب متطلباته الاساسية، ومعيشة اسرته، ومفضيه لحالة انكماش اقتصادي ستواجهه المملكة بلا ريب . ومعروف ان العمالة الوافدة المتواجدة على الارض الاردنية ستعوض هذا الرفع عليها من خلال زيادة اجورها التي سيدفعها رب العمل الاردني، وهو انجاز جبائي جديد يسجل للحكومة الاردنية التي تستسهل الانقضاض على جيب المواطن باعتباره المسؤول الاول والاخير عن اصلاح عجز الموازنة.
والغريب ان دولة شقيقة محافظة كالمملكة العربية السعودية تتمكن وخلال اقل من هذه الفترة وفي سياق الحرب الشعواء التي تشنها على الفساد – حتى وان كانت مقرونة باهداف السيطرة على عملية الحكم- من احتمالية استعادة كما يرد في الاعلام ما يقرب من مئة مليار دولار لصالح الدولة السعودية، وهي بصدد وضع ضوابط جديدة للعملية السياسية لاستعادة اموال الشعب السعودي المنهوبة، وتحصين المال العام، واحداث صدمة لدى طبقة الحكم، وارعاب المسؤولين الفاسدين ، واستيفاء حقوق الموازنة من ثرواتهم.
وبذلك تساهم طبقة الحكم في الحل ، ولا يسمح لها بالتهرب من مسؤولياتها، وكي تنجو بالاموال التي صفت لصالحها بشتى الطرق، وهي التي ادت الى الاخفاق في العملية السياسية، ولا يكون الامر مرتبطا فقط باخضاع جيب المواطن الغلبان الى الابتزاز والرفع عليه تلو الرفع ، وفي المقابل تبقى الثروات التي تحققت للمئات وربما للألاف ممن استغلوا مواقع الحكم والنفوذ في مأمن من اي مساس، وربما يقوم هؤلاء ايضا بالتنظير على المواطن الغلبان وحثه على التضحية من اجل وطنه، والتسليم بدفع الضرائب والرسوم مهما ارتفعت باعتبارها واجبا وطنيا.
وماذا لو ان السياسيين الذين اثروا من خلال مشاركتهم في مسؤوليات الحكم، ومن لف لفهم من رجالات مجتمع رجال الاعمال، وكل من تدور حوله شبهات سوء استغلال السلطة او الانتفاع من الموقع العام وكذلك اصحاب الثروات الحلال في المملكة اجتمعوا على صعيد واحد وتم توجيه خطاب رسمي تحذيري لهم بضرورة الحفاظ على مركب الوطن، وكي نتجنب الغرق في حال فقد الشعب قدرته على الاحتمال وانفجر من وطأة احماله الباهظة من الضرائب والرسوم والاسعار، ولكي يبقى هذا الوطن مأوى لنا جميعا ، واننا بطور الاعتماد على انفسنا، ويجب ان يعاد جزء من الثروات المتحصلة لهم، وبنسبة معينة، ولا بأس ان يظهر الامر وكأنه على سبيل التفضل من طرفهم لصالح مواطنيهم الفقراء، وليس في اطار اجراء التسويات المطلوبة مع الفساد المستتر، وذلك لحساب صندوق رسمي يعنى بالتنمية المحلية يسمى صندوق التنمية للأجيال الاردنية، وفعلا يدار في سبيل النهوض بواقع المحافظات والالوية التي تمثل قمة المأساة الاردنية، وفي سياق انتشال جيوب الفقر، وتمكين الشريحة الاكثر معاناة في الاردن ، ولكي يكون هنالك جهد موازي اضافة لسياسة الجباية التي تبدع فيها الحكومات الاردنية يتعلق بتحسين ظروف الهوامش، والمناطق التي تمثل خاصرة الدولة الضعيفة، وانتشالها من صعوبات العيش والمعاناة اليومية لها، وهي التي اظهرتها مرحلة الربيع العربي بأنها الاكثر تضررا من سوء السياسات الحكومية عبر عقود مضت.