تضامن : لنعمل معاً من أجل أن تكون مدينة عمان آمنة للنساء والفتيات وخالية من العنف والتمييز
في تقرير جديد للمنتدى الإقتصادي العالمي صدر في أكتوبر الماضي وحمل عنوان "الهجرة وتأثيرها على المدن"، تم إختيار مدينة عمان من ضمن 68 مدينة حول العالم، ومن بين ثلاث مدن في الشرق الأوسط أضافة الى رام الله ودبي، لدراسة تأثير المهاجرين واللاجئين عليها من جميع النواحي الإيجابية منها والسلبية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن الهجرة بشكل عام تفتح جدالاً مستمراً حول العالم مع تصاعد موجات المهاجرين قسراً (اللاجئين وتشكل النساء نصف أعدادهم تقريباً)، الى جانب المهاجرين طوعاً الذين تركوا بلدانهم الأصلية لأسباب إقتصادية أو لأسباب أخرى، وتعد عملية إدارة التنقل البشري من أهم التحديات التي تواجهها بلدان المقصد، المتقدمة منها والنامية. كما ويشكل إندماج المهاجرين طوعاً الداخلين الى سوق العمل مع اللاجئين المحميين وفقاً لللإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، تحدياً إضافياً يستدعي قيام الحكومات بالتخطيط لأنواع مختلفة من المهاجرين.
وأوضح التقرير بأن مدينة عمان تضم حوالي 4 مليون نسمة (حوالي 42% من سكان الأردن) حيث تضاعف عدد السكان منذ عام 2004 (2 مليون نسمة) كنتيجة لتدفق اللاجئين من دول الجوار التي شهدت نزاعات وصراعات. وادت الزيادة السكانية الى الضغط على موارد المدينة وبنيتها التحتية، بما في ذلك المياه والتعليم والعمل والنقل والسكن والخدمات الصحية.
ومع وجود حوالي 178 ألف لاجئ ولاجئة من سوريا لوحدها في مدينة عمان ، أصبحت عمان ثاني أكبر مدينة مستضيفة لللاجئين بالنسبة لعدد سكانها (تضم المدينة لاجئين ومهاجرين من جنسيات مختلفة)، وكان لتدفق المهاجرين بين عامي 2011-2015 تأثيراً مالياً سنوياً لأكثر من 2.5 مليار دولار أو 6% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن و 25% من الإيرادات السنوية لأمانة عمان الكبرى.
وتضيف "تضامن" بأن البطالة في مدينة عمان مرتفعة (15%) خاصة بين النساء وفئة الشباب، ففي الوقت الذي يعمل فيه 50 ألف سوري بموجب تصاريح عمل رسمية هنالك حوالي 160 ألف يعملون بدون تصاريح.
وتواجه عمان عدداً من التحديات، حيث إرتفعت أجور السكن بحوالي 17%، وزاد الطلب على المياه بين عامي 2011-2015 بحدود 40%، كما وإرتفع معدل البطالة بين الشباب لذات الفترة بحدود 30%. كما أن ضعف الوصول الى خدمات الصحة النفسية للمهاجرين، والضغط الكبير على أنظمة النقل مع حرية تنقل المهاجرين داخل المدينة، وتوجيه الوكالات الدولية مساعداتها لللاجئين دون المجتمعات المستضيفة تشكل تحديات إضافية.
لنجعل من عمان مدينة آمنة للنساء والفتيات وخالية من العنف والتمييز
قبل خمس سنوات وتحديداً بعام 2011 حدثت نقطة تحول هامة على مستوى سكان العالم، حيث أصبح من يقطنون المناطق الحضرية أكثر من الذين يعيشون بالمناطق الريفية، ويتوقع أن تصل نسبة من يقطنون المناطق الحضرية حوالي 66% من إجمالي السكان بحلول عام 2050.
وتشير "تضامن" بأن الأردن وهو جزء من هذا العالم لم يكن بعيداً عن هذه التغييرات الديمغرافية، حيث تبين من التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 بأن حوالي 42% من السكان يقطنون بمحافظة العاصمة منهم 2.55 مليون من الأردنيين و 1.45 مليون من غير الأردنيين، ومع تضاعف سكان العاصمة - ونصفهم تقريباً من النساء- منذ عام 2004 فقد أصبح العمل لجعل عمان مدينة آمنة للنساء من الضرورات الملحة إن لم تكن من الأولويات.
وفي مبادرة دولية إنطلقت عام 2014 في عشرون دولة حول العالم بدء العمل على إنشاء مدن آمنة للنساء والفتيات، وإعتباراً من عام 2015 بدء الإحتفال باليوم الدولي للمدن الآمنة للنساء في 20 مايو/أيار من كل عام، وبرعاية من منظمة أكشن إيد الدولية.
وبحسب المبادرة فإن المشكلة التي تواجه النساء في المدن هو خوفهن الدائم من التعرض للإغتصاب أو الإيذاء أو التحرش الجنسي خلال تجوالهن وتنقلاتهن من منازلهن الى المدارس أو الجامعات أو أماكن العمل أو مراكز التسوق أو حتى مراجعة المؤسسات والدوائر الحكومية المختلفة كالمراكز الصحية، وهو ما يجعل وصولهن الى الخدمات ومراكز العمل محفوفاً بالمخاطر.
كما تعاني النساء والفتيات من ثقافتي الصمت والعيب عندما يتعرضن للتحرش الجنسي اللفظي والمادي أو الإغتصاب، فيترددن في الإبلاغ عن مرتكبي هذه الجرائم، ويشار اليهن في كثير من الأحيان على أنهن مسؤولات عما حصل لهن، وبالنهاية يبقى مرتكبي الجرائم دون عقاب والنساء في حالة خوف من المدينة ومن المجتمع والعائلة.
وتعمل المبادرة والتي تجد فيها "تضامن" العديد من القواسم المشتركة التي يمكن العمل عليها من أجل أن تكون عمان مدينة آمنة للنساء والفتيات، تعمل على التغيير الجذري للمواقف المتأصلة والمتحيزة ضد النساء والفتيات من خلال إنهاء العنف الجنسي ضدهن في جميع المدن والبلدات، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، وتوفير خدمات عامة آمنة تراعي خصوصيتهن، وبناء مدن آمنة لهن.
ومن أجل تحقيق ذلك، لا بد من إسماع صوت النساء ومساعدتهن للإبلاغ والتعامل مع حوادث الإعتداءات الجنسية دون تحميلهن مسؤولية هذه الحوادث مسبقاً، وتطالب بوجود خدمات عامة وبنى تحتية كالمراكز الأمنية ووسائل النقل العام والمرافق الصحية وإنارة الشوارع على أن تصمم أو يعاد تصميمها لتأخذ بعين الإعتبار أمان وحماية النساء والفتيات، وتطالب المسؤولين عن إدارة المدن بتنظيم حملات تعليمية وتوعوية لتغيير الصورة النمطية والسلبية عن النساء، وتدعو الى تعاون دولي للتأكد بأن النساء العاملات لا يتعرضن للتحرشات الجنسية وأن بإمكانهن الإبلاغ دون أن يؤثر ذلك على عملهن.
كما أن الأفراد نساءاً ورجالاً، شباب وشابات، صغاراً وكباراً يمكنهم رفع أصواتهم لمنع الإعتداءات الجنسية والعنف ضد النساء والفتيات لتكون مدننا أمنة ومحمية واماكن عيش متاحة للجميع ذكوراً وإناثاً.
وتعتقد "تضامن" بأن تكاتف الجهود من جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومن أمانة عمان الكبرى على وجه الخصوص ومؤسسات المجتمع المدني، يمكنها أن تجعل من مدينة عمان مدينة أكثر أمناً للنساء والفتيات وخالية من العنف والتمييز.