"عالأوف مشعل".. حكاية فلسطيني هرب من التجنيد العثماني
تعتبر الأغاني الشعبية الفلسطينية القديمة جزءاً هاماً من تراث الشعب الفلسطيني الذي ما زال يتمسك به حتى يومنا هذا. واللافت، أن لكل أغنية حكاية مرتبطة بالواقع الفلسطيني بحسب الزمان والمكان.
الفنان والملحن الفلسطيني، أسامة زيدان، يروي حكاية أغنية "عالأوف مشعل" بحسب ما تناقلتها الأجيال منذ الحرب العالمية الأولى. وتقول الحكاية: "مشعل هو شاب فلسطيني ثار مع رفاقه على قانون التجنيد الإجباري، الذي فرضته الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى. ولكن كان يُعفى من التجنيد من يدفع ثمناً باهظاً لقاء ذلك، وهو ما لم يكن متوفراً عند الفقراء الذين كانوا وقوداً للحرب التي لا تعنيهم، بل كانت تسبب لهم الأزمات التي تنتج عن فراق الأهل والأحبة".
ويضيف: "نتيجة ذلك كان يفر عدد كبير من الشبان الفلسطينيين خوفاً من التجنيد ونقلهم إلى مناطق ودول أخرى تشهد معارك ليقاتلوا إلى جانب الجيش التركي، وكانت تعرف تلك الفترة بأيام (سفر برلك). ومن بين هؤلاء كان الشاب مشعل الذي فرّ وظل متخفياً ومطارداً إلى أن ألقى الجيش التركي القبض عليه آنذاك. وتم اقتياده إلى التجنيد الإجباري حيث نُقل إلى جبهات القتال البعيدة".
وفي الحكاية أن مشعل عندما أُلقي القبض عليه من قبل الجيش التركي كان مختبئاً قرب عين ماء في إحدى القرى شمال فلسطين، وحاول الهرب لكنه لم يستطع، وعندما طلب رجل الدولة التركي الذي كان يمثّل القانون في تلك الفترة من مشعل إبراز الوثيقة، قدّم له مجيدية ذهب (العملة السائدة في تلك الفترة) ليتركه وينصرف، إلا أن رجل القانون التركي أخذ المجيدية واعتقله وسط بكاء النساء والأطفال.
وبعد اختفاء مشعل غنّت له حبيبته هذه الأغنية التي صارت حكاية كل شاب فلسطيني فرض عليه الجيش التركي آنذاك المشاركة في الحرب رغماً عنه، إذْ تمَّ فرض التجنيد على الآلاف من القرى والمدن الفلسطينية، وصار مشعل رمزاً لكل شاب اختفى تبكيه أمه وأخته وحبيبته لتصوّر الحزن على فراق الأحبة الذين ماتوا في بلد الغربة.
وقد تغيّرت كلمات الأغنية في ما بعد بحسب كل من غنّاها والمناسبة التي تم الغناء من أجلها، كما أنها تحولت أحياناً إلى أغنية وطنية فلسطينية تتغنى بالوطن أو تصف اللجوء الفلسطيني، وخاصة عند أبناء المخيمات في الشتات. وقد استمرت الأغنية باللحن نفسه مع بعض التغييرات البسيطة أحياناً، لتبقى أغنية تراثية فلسطينية، وقد غنّاها البعض بكلمات حكاية مشعل عندما حاول الفرار من رجل القانون التركي.
(العربي الجديد)