بماذا يذكَّر اليوم العالمي لحقوق الإنسان؟
اليوم،
قبل 69 عاما، صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس. ويستند هذا الإعلان على
"الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية
الثابتة"، ويعترف بحق كل إنسان في التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة
في هذا الإعلان، دونما تمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو غيرها من المعايير.
حقوق الإنسان مكفولة لكل إنسان - فقط على
أساس كونه إنساناً وبغض النظر عن المعايير التي يمكن أن تميزنا نحن البشر عن بعضنا
البعض.
لماذا
تدافع ألمانيا عن حقوق الإنسان؟ التزام
ألمانيا بالسعي من أجل حقوق الإنسان هو أيضا درس مستمد من أحلك فصول التاريخ الألماني.
ولذا تنص المادة الأولى من القانون الأساسي على أن كرامة الإنسان وحقوقه الراسخة
وغير القابلة للانتهاك هما أساس لكل مجتمع إنساني، وأساس السلام والعدالة في العالم.
وبالتالي فإن القانون الأساسي لا يضمن حقوق الإنسان في ألمانيا فحسب ولكن يلزمنا بالعمل
في جميع أنحاء العالم لحماية كرامة الناس وحرياتهم الأساسية. وألمانيا طرف في جميع
معاهدات حقوق الإنسان تقريبا الخاصة بالأمم المتحدة وكذلك جميع المعاهدات الأوروبية
الرئيسية لحقوق الإنسان. العمل
من أجل حقوق الإنسان ليس فقط التزام أخلاقي ومسؤولية دولية نابعة من القانون
الأساسي. الحفاظ على حقوق الإنسان يصب أيضاً في صالح السياسة الخارجية الألمانية.
أمثلة عديدة حول العالم أوضحت أنه حيث تنتهك حقوق الإنسان لا يمكن أن يكون هناك سلام
وتنمية مستقرة على المدى الطويل. ولذا ثَبُت أن حماية الحريات وكرامة الإنسان هي
محرك الإبداع والازدهار. وللاقتصاد
أيضا مصلحة ذاتية في مراعاة حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. لأن هذه هي
أفضل أرض خصبة لأوضاع سياسية مستقرة على لمدى طويل، وهو بالتالي ما يؤدي أيضا لازدهار
التجارة والاستثمار.
هل
تسري حقوق الإنسان على كافة أنحاء العالم؟ مرة
تلو الأخرى يجري التشكيك في أن حقوق الإنسان
تسري على العالم بأسره. وهكذا، فإنه يتم إلقاء اللوم على الدول الغربية على اعتبار
أن حقوق الإنسان نتاج الغرب، ويُنظر إلى تذكير الدول الغربية بحقوق الإنسان على
أنها تدخل متغطرس في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. كما تتم الإشارة إلى "القيم
النابعة من التقاليد" أو الخصائص الثقافية لبلد أو منطقة في محاولة لإضفاء الطابع
النسبي على سريان حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، كثيرا ما تعطى
الأولوية لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قبل حقوق الإنسان المدنية
والسياسية. بيد
أنه من المؤكد بالنسبة للحكومة الألمانية أن جميع حقوق الإنسان متساوية والوفاء
بها يرتبط بعضه ببعض. إن احترام حقوق الإنسان ليس مسألة داخلية تخص كل دولة
بمفردها، حيث يتعين على الدول الموقعة على أهم المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان ضمان
مراعاة حقوق الإنسان المنصوص عليها والتي تم إقرارها بها، وهذا التزام نحو جميع الدول
الأخرى الموقعة. وإضافة
إلى ذلك فإن الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 قد نالت
وضع الحق المكتسب للشعوب، وأصبحت هذه الحقوق تسري على جميع الدول. وعلاوة على ذلك يتزايد
تناول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمسألة حقوق الإنسان، ومع وجود المحكمة الجنائية
الدولية في لاهاي صار يوجد الآن مؤسسة تنظر في القضايا في حالة وقوع أخطر انتهاكات
حقوق الإنسان. وتظهر
هذه التطورات أن من ينتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج لم يعد يمكنه التستر وراء حجة
"الشؤون الداخلية". ولذلك فإن كل من يندد بانتهاكات حقوق الإنسان لا يتدخل
بطريقة غير مقبولة في "الشؤون الداخلية" للدول الأخرى، فحماية حقوق الإنسان
أصبحت مهمة دولية.