مصر تودع البابا شنودة الثالث والأنظار تتجه لخليفته
تستعد مصر لتشييع البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الارثوذكس اليوم الثلاثاء في أجواء لا تخلو من قلق، فيما يبدو اختيار خليفة له مسألة حساسة بسبب الوزن السياسي للمنصب في بلد يمر بمرحلة انتقالية مليئة بالتقلبات.
وما يزال آلاف الأقباط يتوافدون على مقر الكاتدرائية في حي العباسية بقلب القاهرة من اجل إلقاء نظرة الوداع على البابا شنوده الثالث الذي وضع جثمانه على كرسيه البابوي مرتديا زيه الكنسي وتاجه المذهب.
وكان التنظيم مع ذلك أفضل من البارحة عندما ادى التدافع والزحام الى مقتل ثلاثة اشخاص، وفقا لمصادر كنسية وطبية.
وقال الأنبا كيرلس، الذي جاء هو نفسه من نجع حمادي في صعيد مصر ان "الناس تريد بأي شكل رؤية البابا لآخر مرة".
ونعت مصر كلها، ابتداء من المجلس الحاكم انتهاء بجماعة الإخوان المسلمين مرورا بالأزهر، البابا شنودة الثالث باعتباره "قامة وطنية كبرى" تمكن من قيادة الكنيسة القبطية على مدى أربعة عقود شهدت مصر خلالها تطورات وتقلبات سياسية واجتماعية عدة.
وسيقام القداس الجنائزي في مقر الكاتدرائية في القاهرة ثم يتم نقل الجثمان بطائرة عسكرية الى دير وادي النطرون على بعد قرابة مائة كيلومتر شمال القاهرة حيث سيدفن بناء على وصية البابا الراحل.
وبدأت التكهنات في مصر حول خليفة البابا شنودة الثالث وتحدثت الصحف عن اربعة من قيادات الكنيسة وهم الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية، والأنبا موسى اسقف الشباب، والأنبا يؤنس سكرتير البابا، والأنبا مرقس اسقف شبرا الخيمة (شمال القاهرة).
وبسبب الرهانات السياسية والطائفية المحيطة بمنصب البابا، فإن عملية اختيار خليفة لشنودة الثالث ستكون صعبة خصوصا في ظل تعقيدات اجراءات الترشيح والانتخاب.
ويمثل الاقباط ما بين 6 % الى 10 % من حوالي 82 مليون مصري. وادى ضعف تمثيلهم في المؤسسات السياسية للبلاد الى تعزيز دور البابا باعتباره راعيا وممثلا لهذه الطائفة في مواجهة السلطة.
وقال المثقف القبطي جمال أسعد في تصريح لصحيفة "ديلي نيوز" إن "موقع البابا اصبح موقعا سياسيا إضافة الى طابعه الديني والروحي ولذلك فإننا قد نشهد صراعا كبيرا بين قيادات الكنيسة اثناء عملية اختيار البابا الجديد". وكان شنودة الثالث متشددا على الصعيد العقائدي وايد الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحت به ثورة شعبية في كانون الثاني (يناير) 2011 إذ كان يرى فيه حائط صد امام تصاعد نفوذ الاسلاميين.
وسيجرى اختيار خليفة للبابا شنوده في ظل وضع سياسي غير واضح المعالم بعد إذ لم يتم وضع دستور جديد للبلاد بعد وبالتالي لم يتحدد شكل النظام السياسي (برلماني ام رئاسي ام مختلط) ولم يتم انتخاب رئيس للجمهورية بعد.
كما تجرى في ظل صعود كبير للحركات الاسلامية التي تهيمن على البرلمان فيما يحكم البلاد منذ سقوط مبارك مجلس عسكري وعد بنقل السلطة التنفيذية الى رئيس منتخب قبل نهاية حزيران (يونيو).
وقال المخرج السينمائي القبطي داوود عبد السيد "هناك جيل يرحل في ظل تغيرات جذرية في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر وهو ما يعزز حالة عدم الوضوح" في البلاد.
ويضيف "الكنيسة المصرية مؤسسة شديدة المحافظة وهي تحتاج مثل كل المؤسسات المجتمعية ومؤسسات الدولة هزة ومثل هذه الهزة ستتم اذا احسن اختيار الجالس على الكرسي الباباوي واذا كان عنده قدرات على ادارة إصلاح كنسي بوجهة نظر عصرية وعلى التعاطي مع الدولة والتيارات الدينية والليبرالية".
واكد الأنبا كيرلس ان البابا شنودة الثالث "كان منبع الأمان والحكمة في الكنيسة وكان محل احترام المسؤولين، ونحن ندعو ان يبعث لنا الله واحدا بنفس حكمته".
وربما تستغرق عملية اختيار البابا الجديد أشهرا.
وكان تم انتخاب البابا شنوده في العام 1971 لخلافة البابا كيرلس بعد سبعة اشهر من وفاة الأخير.
ووفقا للائحة الكنيسة التي وضعت في العام 1957، ستقوم المطرانيات المختلفة في مصر بترشيح وتزكية اساقفة لتولي منصب البابا ثم تعرض اسماء المرشحين على جمعية ناخبين تضم اعضاء المجمع المقدس وشخصيات عامة من بينها النواب الأقباط الحاليون والسابقون والوزراء الحاليون والسابقون وأعضاء المجلس المحلي.
وبعد عملية الاقتراع يتم إجراء "قرعة هيكلية" بين المرشحين الثلاثة الذين حصلوا على اعلى الاصوات إذ يقوم طفل باختيار ورقة من بين ثلاث اوراق تحمل كل منها اسم احد المرشحين.-(الغد)