ممثلو الكنائس لـ "عين على القدس": الملك صوت المسيحيين كما هو صوت المسلمين
جو 24 :
من جانبه أشار راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن، القس سامر ناصر عازر، الى الأصوات التي تعالت في الآونة الأخيرة والتي تركّز على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات، هي فقط على المقدسات الإسلامية، لافتا الى أن هناك من بدأ يشكك بأن الوصاية تشمل كل المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ولذلك عندما أتت المعايدة المباركة التي تمثل سنّة حميدة من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني، كان لها هذا العام معنى أعمق بكثير من السابق، وكانت في موقع من أقدس المواقع في الأردن في موقع عماد السيد المسيح، الذي لا يقل قدسية عن القدس وبيت لحم والناصرة.
وبيّن القس عازر أن موقع المعايدة الذي جاء في المغطس وليس في الديوان الملكي هذا العام له من الدلالات الكثيرة، التي تقول للعالم ان هذا المكان المقدس وكل الأماكن المقدسة والكنائس والأوقاف، إن كانت في الأردن أو في القدس هي تحت الرعاية الهاشمية المباركة، وموقع المغطس بالتحديد الذي يطل على القدس، إنما هي أيضا رسالة أن القدس في عيون الهاشميين، وأن الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون لغير الهاشميين أصحاب الشرعية الدينية والتاريخية والسياسية.
وأضاف، ان الرسالة القوية التي انطلقت من ذلك المكان تقول للعالم أجمع أن العرب المسيحيين في هذه البلاد محميون من بلدانهم، وأن الرسالة والرعاية الهاشمية لا تشمل فقط المقدسات، وإنما تعمل من أجل تعزيز الوجود العربي المسيحي، وهم الحجارة الحية في هذه البلاد المقدسة، التي تحاصرهم العوامل الإسرائيلية الطاردة لوجودهم في مدينة القدس خاصة التي تناقصت أعدادهم فيها بشكل كبير جدا، بسبب وقوعهم تحت ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية ومضايقات كثيرة قادتهم الى الهجرة القسرية، رغم أن الإنسان الفلسطيني والمقدسي بشكل خاص يتمسك بأرضه ومقدساته حتى النخاع.
وأوضح القس عازر أن الإنجيليين والكنيسة اللوثرية هي أصل الحركات اللوثرية في العالم، لأن مارتن لوثر أطلق الإصلاح في القرن السادس عشر، وتحت هذه المظلة يوجد العديد من الكنائس في الشرق والغرب، مشيرا الى أن هناك فئة من الإنجيليين خرجت عن تعاليم الكتاب المقدس وتعاليم السيد المسيح السمحة، وتقرأ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد قراءة حرفية، وقراءة دينية مغلفة بإطار سياسي، فأخذت تنظر الى الأمور في الوقت الحالي وما يجري من تهجير وقتل ودمار، على أنه مقدمة لمجيء السيد المسيح الثاني، وهذه عقيدة راسخة لكننا لا نؤمن أن مسيحنا الذي ولد في مغارة بيت لحم، وجاء وجسّد مفهوم المحبة الإلهية سيأتي ثانية على ركام وأجساد ودماء أطفال ونساء وشيوخ أبرياء، او سيأتي بطريقة يساء فيها الى شعب فلسطيني له حقوق تاريخية ثابتة في الأراضي المقدسة.
وأضاف، ان مثل هذه النظرة الضيقة التي تنظر الى الوضع الحاضر من زاوية تجميع اليهود في فلسطين بما يسرّع من مجيء المسيح، وبعقديتهم التي طوروها هي بناء الهيكل الثالث، بحسب عقيدتهم التي طوروها، نعتبرها بالفكر الإنجيلي والفكر المسيحي المسكوني، خارجة عن جوهر تعاليم الكتاب المقدس السمحة، ولذلك تأتي من هنا الإدانة الشديدة لما يعرف بالمسيحية المتصهينة، ولا نريد عندما نستخدم هذه الكلمة أن يساء لكنائس إنجيلية مختلفة، لأنه يوجد في العالم كنائس إنجيلية وشركاء لنا من كنائس إنجيلية ولوثرية وكنائس مجلس الكنائس العالمي التي تتبنى القضايا العادلة للشعب الفلسطيني وقضية القدس كما نتبناها.
وحسب القس عازر، فإن التيار المسيحي الصهيوني في الولايات المتحدة يتشكل قوامه من 50 - 80 مليون شخص، يملكون تأثيرا كبيرا على صناعة السياسة الأميركية، مشيرا الى أننا نؤمن بأن هناك اختلافا بين الفكر اليهودي والفكر المسيحي، فالمسيح المنتظر بالنسبة لليهود هو المسيح الذي سيأتي ليعيد أمجاد دولة اسرائيل، لكن بفكرنا اللاهوتي المسيحي القويم، أن مسيحنا أتى طفلا بالميلاد، والآن سيعود بمجيئه الثاني ليعيد الخليقة الجديدة التي ننتظرها جميعا، سماء جديدة وأرض جديدة، لكن ليس بالمفهوم السياسي الضيّق وذلك المفهوم الأرضي.
وشدّد القس عازر على أنه آن الأوان كي نخرج من عالم الصمت الى عالم العمل والتخطيط والتفكير، لأن هذه الهجمة هي هجمة على أقدس مقدساتنا، وعلى القدس التي هي بالتحديد رمز ومفتاح للسلام، ليس فقط في الشرق الأوسط وإنما في العالم أجمع، مضيفا أن لدينا الكثير من المقومات كي ندافع ونذود ونناضل من أجل هذه المدينة المقدسة، لأن لها معنى كبيرا ليس فقط للأردنيين والفلسطينيين، وإنما للعرب وللعالم أجمع، لأنها تشكل جوهر القضية، ولا يمكن أن يكون هناك سلام عادل وشامل ودائم بدون أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.
وأعرب القس عازر عن اعتزازه بما عاينه ورآه من حراك شعبي سلمي، وما رآه من التمازج الأردني الفلسطيني، وما لقيه من التلاحم الإسلامي المسيحي المعهود والمجسّد، وما يجسده جلالة الملك عبدالله الثاني بطروحاته ورؤاه وكل ما يقدم لتعزير المكون المسيحي، وما وجده من انسجام وبناء الشراكات المجتمعية التي هي كفيلة وقوية، وعندما أتت المعايدة في المغطس قبيل زيارة جلالة الملك الى الفاتيكان وأوروبا، حمل معه ورقة ضغط شعبية تقول "انني صوت المسيحيين كما أنا صوت المسلمين".
وقال رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، رئيس الاتحاد العالمي اللوثري للكنائس الإنجيلية اللوثرية، المطران الدكتور منيب يونان، "اننا كرؤساء كنائس كتبنا للرئيس ترمب وطلبنا منه عدم القيام بذلك، ولكن ثمة فئات ندعوها (إنجيلوية) وليست إنجيلية، تسيّس الدين وتديّن السياسة، وتقرأ ما يحدث في الشرق الأوسط أو في القدس على أنه مقدمة لمجيء المسيح الثاني، ونحن نختلف معهم نصّا وحرفا ككنيسة مسيحية عربية، لأن هؤلاء يشكلون فئة متطرفة لا تحب العدالة، ونحن ندعوهم خوارج لأنهم يستغلون الدين من أجل مصالحهم السياسية والاقتصادية، ونحن العرب المسيحيين بما فينا الإنجيليون العرب، نعتبر بوضوح أن القضية الفلسطينية هي جوهر القضايا وتحتاج الى عدالة، ونعتبر أن القدس هي جوهرة الجوهرة، وإذا لا يوجد سلام عادل في القدس لا يمكن أن يكون هناك سلام عادل في كل الشرق الأوسط، ولهذا السبب، فهذا هو موقفنا ككنيسة مسيحية عربية، ونقول لشعبنا العربي والإسلامي اننا كمسيحيين عرب، جزء أصيل لا يتجزأ من النسيج العربي، وجزء أصيل من مشاكله وهمومه ".
وقال رئيس اللجنة المشتركة المسيحية الإسلامية للدفاع عن القدس، الأب مانويل مسلم، ان الرئيس ترمب يشكل جزءا من الصهيونية الأميركية المسيحية، وأتى علينا قادة أمريكيون آخرون هم حقيقة من الكنيسية المسيحية الصهيونية، وبالتالي فالولايات المتحدة لم تعد مصدر حل للقضية، لأنهم صاروا جزءا من العقدة في فلسطين، ولا يريدون أن يأتي الحل والسلام .
وأضاف، الإسلام والمسيحية الموجودة في القدس عرضة لتدمير فعلي بالفكر الصهيوني الذي ينادي بوجوب بناء الهيكل، ويجب أن يزول كل شيء ضد الهيكل، يعني ان كل المسلمين والمسيحيين يجب أن يزولوا، لافتا الى أن المسيحيين والمسلمين في كرب شديد.
ودعا الكنيسة المحلية الى أن تكتب وتنشر وتبشر أنه إذا رفعت اسرائيل في وجهنا التوراة لتقول ان هذه البلاد هي بلاد أرض الميعاد، فنحن نرفع في وجههم الإنجيل والقرآن لنقول لهم: "الإنجيل والقرآن يقولان أن هذه البلاد ليست أرض الميعاد، ولم تعط لإبراهيم ونسله بحسب الجسد، وإنما أعطيت لإبراهيم ونسله بحسب الإيمان".
وثمّن كاهن كنيسة مار أفرام للسريان الأرثوذكس، الأب بنيامين شمعون، المبادرة التي وصفها بالقيمة جدا التي عايد فيها جلالة الملك عبدالله الثاني رجال الدين ومسؤولي الطوائف، وشعروا فيها أن كل طائفة لها قيمة كبيرة في نظر جلالته، وكل طائفة لها مكانة ومنزلة معينة في هذا البلد المبارك.
وأكد الأب شمعون في حديث لتقرير "القدس في عيون الأردنيين"، أن قرار ترمب "مولود ميت لأنه باطل قانونيا ودينيا"، وأننا جميعا كرجال دين لا نقبل أبدا بتسييس قضية القدس، وإنما جمال القدس في هذا "الاستاتيكو" الموجود فيها، بما يعني أن جميع الديانات السماوية الثلاثة لها حق العبادة في القدس، في أماكن العبادة الخاصة بكل ديانة والتي يجب أن تحترم وفق ما هو قائم منذ سنين بعيدة.
وأكد الأب شمعون أن قرار ترمب مرفوض جملة وتفصيلا، ونحن خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في كل قرارات يتخذها لتخدم مصلحة القدس والشعب العربي الفلسطيني، مضيفا أننا كمسيحيين نشعر أن هذه المقدسات يجب أن يرعاها من يقدسها، ونشعر أن جلالة الملك هو الوصي الوحيد عليها ولن نقبل بغيره.
--(بترا)