المباني القديمة بين الهدم وإعادة ترميمها كأماكن تراثية وسياحية
جو 24 :
حازم عكروش - المباني التراثية القديمة تعبر عن الهوية المعمارية للمدن والاحياء وتعكس التطور الحضاري الذي وصلت له الشعوب لتلبية حاجات الانسان وتطورة في تلك الحقب.
ويتميز البناء القديم باستخدام حجارة مميزة وسماكة عرض الجدار تزيد عن المتر، وتحيط بهذه البيوت اسوار من الحجر والطين ولها مداخل على شكل اقواس وقناطر تخلو في بنائها من استخدام الحديد والاسمنت، حيث كانت تبنى من الطين و(التبن) وهي مادة تخرج من حصاد القمح او الشعير.
وفي هذا السياق يثور جدلا حادا هذه الايام حول مشروع (دارة الفحيص للثقافة والفنون) الذي تنوي مؤسسة اعمار الفحيص اقامته في موقع بيت المرحوم عبدالله الفرج القديم والواقع على دوار روس البيادر في البلدة القديمة بعد ورود معلومات تفيد بأنه سيتم هدم البيت واقامة المشروع الجديد مكانه.
ويقول رئيس مجلس ادارة المؤسسة الدكتور موسى شتيوي في بيان صادر باسمه أنه عندما طرح المشروع كنا حريصين على المحافظة على البيت القديم، وجعله جزءاً ضمن المشروع مضيفا أن المكتب الهندسي أفاد يأن المبنى لايصلح للترميم وجعله صالحا للاستعمال إذ إن عرض الواجهة التراثية للمبنى هو 12 مترا وارتفاع 4 أمتار بحسب التقرير الهندسي.
وأشار الى أن المؤسسة طلبت من المكتب الهندسي تقديم حلول هندسية ومعمارية معمولا بها وطنياً ودولياً تراعي المحافظة على البيت وتوضيفه في المشروع الجديد المقترح مبينا ان الرأي الهندسي استقر على أن تصبح الواجهة التراثية إما جزءاً من الواجهة الأساسية أو في مكان واضح بالمبنى الجديد. وأكد شتيوي على أنه و بعد نقاشات مطوّلة في المؤسسة؛ استقر الرأي على إقامة مبنى ثقافي تراثي متعدد الأغراض ليساهم في تطوير المشهد الثقافي في المدينة، ويكرّس الطابع التراثي والمعماري لمدينة الفحيص، ويكون أول مشروع ضمن خطة إحياء التراث في البلدة القديمة.
وحول المشروع قال أنه تم الاتفاق على تسميته بـ " دارة الفحيص للثقافة والفنون" والذي يتكون من متحف للتراث الشعبي المادي والثقافي لمدينة الفحيص والمنطقة وقاعات تدريبية للموسيقى والرسم ومكتبة عامة حديثة وقاعة اجتماعات حديثة كما سيتم تجهيز سطح المبنى ليصبح مكاناً عاماً لأهالي المدينة لإحياء فكرة وإرث رؤوس البيادر اضافة الى بناء جدارية توثق تاريخ أهالي الفحيص: كتابياً؛ وفنياً؛ وهندسياً.
وأكد شتيوي أنه تم عرض المشروع على المجلس البلدي السابق ومناقشته بجلسة مشتركة وبعد المناقشة والتداول؛ تمت الموافقة الأولية على المشروع لافتا الى أن المؤسسة تحرص على تقديم مشروعاً ثقافياً وتراثياً كفيلاً بإغناء وإثراء إرث وتاريخ هذه المدينة الذي لم يتكرّس فقط بالتراث المعماري، وإنما أيضا بمساهمة الآباء والأجداد في تطوير هوية ثقافية مميزة تجمع بين الأصالة والمعاصرة والتي تمثل نموذجاً أردنياً مميزاً، مشددا على تفاعل المؤسسة الإيجابي وتبادل الرأي والتشارك مع أهالي الفحيص من أجل الإضاءة على الجهود الجبارة التي بذلها الآباء والأجداد،للمحافظة على إرثها المعماري والإنساني والحضاري.
ويرى رئيس بلدية الفحيص المهندس جمال حتر أن" تأهيل وتطوير البلدة القديمة " يمثل قيمة كبيرة لمجتمع الفحيص وعنصرا مهما في مشروع المدينة وما يمثله من قيمة مستقبلية مبينا الى انه يمكن تقسيم مشروع التأهيل والتطوير الى اجزاء لتنفيذها على عدة مراحل وذلك بعد استكمال الدراسات الفنية والمخططات الهندسية التفصيلية واصدار القرارات التنظيمية لذلك.
واشار الى أن المناطق القديمة التي سشملتها عملية التطوير هى الواقعة ا لى شمال شارع البلدة القديمة ما بين دوار البلدية – جسر القناطر – وادي نُصر حتى نهاية حدود موقع ربع الهوى (الربع) وبين دوار البلدية – رووس البيادر – طريق دير الروم – منزل المعلم يعقوب سميرات – حي المسكوبية حيث سيتم تأهيل الأبنية القديمة والطرق والازقة وتطويرها وفق معايير هندسية متخصصة بترميم الأبنية التراثية ووفق منظور هندسي تراثي ينسجم مع طبيعتها التي كانت قائمة قبل أعمال التعبيد الحديثة واستغلال عنصر توفر مياه الوادي كمكون وعنصر أساسي من عناصر المشروع وجماليات المكان.
وأكد حتر أنه سيتم في المرحلة الاخرى تأهيل مغارة( كنيسة الفحيص القديمة الأولى) الواقعة في أعلى موقع ربع الهوى – غربي البلد القديمة- بما تمثله من ارث وقيمة روحية ودينية لأهل الفحيص, وإعادة تأهيل منطقة الربع كي تكون حديقة زهور وأعشاب برية تنبت بمنطقة الفحيص.
كما سيتم دراسة واقع الأبنية الخرسانية الحديثة التي تم انشائها في موقع المشروع ووضع الخيارات الهندسية والتنظيمية بشأنها كي لا تتعارض مع فكرة المشروع وما يمثله من قيمة للفحيص وبحث الواقع الإجتماعي للموقع بما يضمن استمرار الحياة الطبيعية فيه, وبعث نبض مجتمع الفحيص من جديد في الموقع من خلال صيغ تعكس تاريخ البلدة وإرثها وروح مجتمعها وتكثيف زراعة الأشجار الخاصة بالموقع وزيادة الرقعة الخضراء فيه.
وايضا تشتمل الخطة على تطوير المنطقة الواقعة جنوب(يسار) شارع دير الروم, ما بين رووس البيادر - موقع نادي الفحيص الأرثوذكسي – حارة المسكوبية وبين روس البيادر وغربي طريق ( شارع المقبرة), وتشمل بشكل أساسي كنيسة مار جورجيوس للروم الأرثوذكس ومحيطها وكذلك المنطقة الواقعة جنوب شارع البلدية (منطقة أبو ذيب) , بين دوار روس البيادر – ديوان عشيرة الصويصات من جهة, وبين الشارع خلف كنيسة الكاثوليك وكذلك المنطقة الواقعة بين شارع البلدية حتى جسر العكاوي من جهة, وبين الشارع العرضي المار باتجاه السقيرية, انتهاء بالأرض (الحرجية) التي تعود ملكيتها الى البلدية وتقابل موقع (ربع الهوى) وحول النقاش الدائر في أوساط المجتمع.
وحول بيت المرحوم عبدالله الفرج التراثي، اشار حتر الى وجود قرارات بلدية سابقة تخص مشروع مؤسسة اعمار الفحيص ، وان المجلس البلدي ملتزم باحترام طلب عائلة الفرج الإبقاء على المنزل وترميمه، ويتم العمل حاليا مع المؤسسة على بحث التطبيقات الهندسية التي تضمن تحقيق هذه الغاية واحترام القرارات المؤسسية السابقة كما تراعي بشكل خاص القيمة التراثية للمبنى باعتباره مكون أساسي في أي مشروع.
الفنان فادي الداود رفض رفضا قاطعا هدم البيت التراثي ويقول بيوتنا هياكلٌ لذكرياتنا و تاريخنا وهذا من البيوت القلائل المتبقية التي تحمل الطابع المعماري البلقاوي الريفيو يختلف عن غيره من بيوت الاردن داعيا الغيورين على تراثهم للتصدي لعملية هدم البيوت التراثية والقديمة بالفحيص حفاظا على ماتبقى من رائحة الجدات و الاجداد الملتصقة بكل حجر من حجارة بيوتها.
وقال المحامي صلاح الداود أن المُشرّع الاردني عرف الموقع التراثي /المبنى التراثي بموجب قانون "حماية التراث العمراني والحضري رقم 5 لسنة 2005" بأنه "الموقع التراثي المبنى او الموقع ذو القيمة التراثية من حيث نمط البناء او علاقته بشخصيات تاريخية او باحداث وطنية او قومية او دينية هامة واقيم بعد سنة 1750 ميلادية بما لا يتعارض مع قانون الاثار النافذ المفعول رقم (21) لسنة 1988 وفقا لاحكام هذا القانون"، مضيفا أن الموقع الاثري محمي بموجب ذات القانون الذي نص بالمادة 11 منه على " حظر هدم المواقع التراثية او اتلافها او تخريبها او الحاق أي ضرر بها او فصل أي جزء منها او الصاق الاعلانات عليها، وعلى من يشغل الموقع التراثي والسلطات التنظيمية الحفاظ عليه من أي عبث او اتلاف يلحق الضرر بمكوناته ومحيطه."
المهندس موفق زيادات قال المبنى وان اختلفنا على تسميته أثري أو تراثي هو مبنى قديم يشكل جزء من فسيفساء التراث المعماري لمدينة الفحيص وهو بوضعه الحالي يحتاج الى ترميم واعادة تأهيل وفكرة هدمه واقامة آمبنى خر مكانه بغض النظر عن شكل وتصميم المبنى المقترح مرفوضة من حيث المبدأ داعيا الى ازالة وهدم الغرف المضافة له سابقا والتي ساهمت بتشويه البيت بشكل عام كونها لا تنسجم مع الطابع المعماري للبيوت القديمة في المنطقة كما دعا الى الاستفادة من خبرات وأفكار مهندسي الفحيص في ترميم المبنى وتحويله الى بانوراما معمارية.