تفاصيل جديدة ومثيرة: معركة جنين.. من الرصد حتى المطاردة
صفا
انجلت الصورة أكثر مع إزالة ركام المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال في وادي برقين غرب بجنين إثر الليلة التي لن ينساها أهل المدينة من الاشتباكات العنيفة التي أخفى فيها الاحتلال خسائره، وأسفرت عن استشهاد أحمد اسماعيل جرار؛ أما ابن عمه المطارد الرئيسي أحمد نصر جرار فقد انسحب من المكان.
"سيناريو الفشل" بدأ بالتكشف فور إزالة الركام، فلم يُعثر على جثامين؛ ليخلق مزيدًا من الإرباك في تصريحات قادة الاحتلال.
وكانت قوة خاصة من الجيش اقتحمت البلدة بزعم التوصل إلى مكان منفذ عملية قتل مستوطن قرب نابلس قبل أسبوعين، إلا أن الوحدة انسحبت ولم تعلن نجاح عمليتها، لتبدأ مرحلة جديدة من المطاردة.
تحضيرات الاحتلال
وتشير مصادر خاصة لـ "صفا" إلى أن الشهيد جرار كان عضوًا في الخلية العسكرية التي نفذت عملية نابلس، وقد تأكد ذلك من تحقيقات الاحتلال، حيث أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إلى أن "الشاباك" توصل إلى أن الشهيد كان سائق مركبة عملية قتل الحاخام قرب نابلس.
كما نُشرت أسماء ثلاثة آخرين بينهم ابن عمه أحمد نصر جرار والذي يُوصف بأنه قائد الخلية وشابين آخرين اُعتقل أحدهما قبيل بدء العملية أثناء تواجده في محطة وقود "حيفا" القريبة من أماكن سُكناهم، فيما لا يزال مصير الأخير مجهولاً.
وتروي المصادر إلى أن تجهز الوحدات الإسرائيلية الخاصة في منطقة وادي برقين بدأ منذ صباح الأربعاء، ولم يبدأ الهجوم الذي تم منتصف ليلة الخميس إلا بعد مراقبة شديدة للمنطقة.
في تلك الأثناء، وقع حادث سير بين مركبتين في البلدة؛ تحمل إحداهما لوحة تسجيل إسرائيلية، والغريب أنها تُقلُ عناصر من الجيش، في تواجد غير مألوف لذلك المشهد.
"إنذار مبكر"
المصادر ذاتها تقول إن الهجوم على الهدف بدأ باقتحام محطة الوقود الآنفة الذكر لتحقيق هدفين:
أولهما: اعتقال محمد القنبع، وهو صديق مُقرب من المطارد جرار، ويرد اسمه في دائرة المستهدفين من حلقة جرار التي لا يعرف امتداداتها.
أما الهدف الثاني: إحباط "الإنذار المبكر" للهجوم على منزل جرار، في أن قوة للجيش تجول في المكان.
تكتيك الهجوم
تكتيك هجوم الوحدة الخاصة بدأ بعد 16 ساعة من تواجد أفراد الوحدة على أطراف البلدة تمهيدًا للوصول إلى نقطة الهدف.
وتوضح المصادر أن الشهيد أحمد اسماعيل غادر منزل والده متوجهًا لمنزل عمه نصر قبيل الهجوم. في تلك اللحظة بدأ تبادل إطلاق النار.
لكن تواجد الشهيد أحمد آنذاك أحدث نوعًا من الإرباك للقوة المهاجمة، ليسمح لابن عمه المطارد الرئيسي ورفاقه التخفي والانسحاب من الخلف. وفقًا للمصدر.
ذلك الهجوم المباغت أسفر عن استشهاد أحمد سليمان الذي تمكن من تنبيه رفاقه بوجود قوة خاصة بالمكان، ليبدأ تدمير ثلاثة منازل في المنطقة التي دارت فيها المعركة.
التفاصيل الشحيحة من المصادر تشير إلى أن الشهيد كان يرتدي واقيًا للرصاص؛ لذلك فإن إطلاق النار الأولي من الوحدة الخاصة أصابه بجراحٍ طفيفة، فيما توقع عناصر الوحدة أن رصاصاتهم كانت قاتلة.
وفور اقتراب العناصر، تمكن الشهيد من إطلاق النار وإصابة اثنين قبل أن يتراجع عناصر القوة المهاجمة التي انسحبت لإخلاء مصابيها وامتصاص الإرباك الحاصل.
الشهيد أحمد جرار
الشهيد تعرض للاعتقال سابقًا لدى أجهزة السلطة الأمنية، واستُدعي على خلفية اتهامه بالعمل مع حركة حماس وعلاقته بأبناء عمومته، وفق المصادر.
ويُعرف عن الشهيد الذي كان يعمل في متجرٍ للأدوات الكهربائية التزامه وهدوءه، وبقيت علاقته بحركة حماس سريّة إلى حين الأحداث الأخيرة التي أظهرت أن ارتباطه بقريبه المطارد تتجاوز أبناء العمومة لعلاقة تنظيمية عسكرية.
"أحمد! سلم نفسك"
10 ساعات كانت فترة الاشتباك، تمكن فيها الشبان القريبين من المعركة رشق الدوريات بالحجارة أثناء اقتحامها للمنطقة الهدف لإحداث فوضى ومزيدًا من الإرباك، وفق تحقيقات الاحتلال.
طوال تلك الساعات، تعمد عناصر الوحدة الندا عبر مكبرات الصوت على الشهيد بعبارة: "أحمد سلم نفسك"، إلى أن سوّت المنازل الثلاث بالأرض بعد رفضه لمطالبهم.
وبقي لدى جيش الاحتلال بعضُ من الشك في أن يكون أحمد تحت الأنقاض حتى إزالتها كاملاً صباح الجمعة بعد يومين من الهجوم، ليضيف فشلاً جديدًا لأجهزته الأمنية.
حلقة مطلوبين
وبحسب المصادر فإن نجاح الخلية كان في أنها اعتمدت على عناصر مترابطة عائليًا، إضافة لحلقة أصدقاء أذكياء، وعنصر قيادي ذكي ومراوغ أمنيًا وهو المطارد أحمد نصر، نجل الشهيد نصر جرار، ما أفرز مطاردين يصعب التنبؤ بتكتيكاتهم.
وتشير التقديرات إلى أن مخابرات الاحتلال ستركز الأيام المقبلة على ضرب "الحاضنة المفترضة" لإيواء المطلوبين، وتكاد تكون شبه معدومة وهشة في ظل الواقع الأمني للضفة الغربية وهو ما تعول عليه في تقصير مدة الوصول للهدف الرئيسي.