فران فلسطيني يفوز بمنحة في أفضل جامعة في العالم
جو 24 :
الساعة تشير إلى الخامسة صباحاً بتوقيت فلسطين المحتلة، يصحو أكرم "15 عاماً" من نومه ويبدأ العمل في مخبز والده. عليه أن يبدأ بتدوير هذا العجين إلى كرات، ثم يمدها بكلتا يديه على سطح تلك المنضدة، لتسير بعدها فوق حزام كهربائي لترقد في جوف الفرن، وتتحول إلى خبز.
نشرت "هافنغتون بوست" تقريراً عن شاب يدعى أكرم (15 عاماً)، الذي يعمل في مخبز والده في قرية كفر راعي بمحافظة جنين شمال الضفة الغربية، والذي اختير للدراسة في أفضل جامعة في العالم، بعد مجهود تدريبي لثلاث سنوات.
يقول: "البداية كنت أكره هذا العمل، لكنني اليوم مدين له، لقد كان كافياً ليعلمني معنى العطاء. الإرادة، أنت هنا تطعم الناس، صحيح إنك تأخذ نقوداً في المقابل، لكن الإحساس يجعلك تحب الحياة، وتحب الأمل. وتحب العطاء، كما أنه هذه الوظيفة المبكرة خلقت في داخلي الإيمان بضرورة الاعتماد على النفس والتعامل بمرونة في الأوقات الصعبة".
جامعة أميركية بانتظاره
أكرم ابن الفران أسامة، البسيط محب الحياة، على موعد قريب مع حياة أخرى أكثر تعقيداً، فقد قدمت جامعة ستانفورد الأميركية، المصنفة الأفضل في العالم، منحة دراسية كاملة له، لدراسة علوم الكمبيوتر.
الفتى أو "الفران الصغير" خاض برنامجاً تدريبياً لمدة ثلاثة أعوام أهله للمنافسة في برنامج تشرف عليه عليه مؤسسة تعاون، وهي منظمة أهلية فلسطينية من اهتماماتها تنمية قدرات وتدريب الطلبة الفلسطينيين.
يقول أكرم: "الأبحاث التي قمت بها، أهلتني للحصول على المنحة، فقد قمت ببحث حول آلية استخدام الذكاء الاصطناعي في التعرف على أنماط النشاط الكهربائي للدماغ، للتحكم بالأطراف الاصطناعية".
وتشير الصحيفة الى أنه "حين كان أكرم جالساً أمام شاشة الكمبيوتر في غرفته الصغيرة، رن جهاز حاسوبه بوصول إيميل جديد. وحينها كانت المفاجأة" تهانينا لقد حصلت على منحة دراسية للتعلم في جامعة ستانفورد في العام 2020 ." كانت كما يقول أكرم "فرحة كبيرة، صدمة جنونية".
اليوم يستعد أكرم لخوض امتحاناتِ الثانويةِ العامة، لكن اللافت في هذا الفتى المميز أنه لا يمضي أكثر من ساعة واحدة للدراسة.
يقول أكرم: "أوزع وقتي بين 4 أمور يومية أساسية، جزء من الوقت أساعد أبي الفران، وجزء آخر للعزف على الكمان، وجزء آخر للمقالات والأبحاث، أما الدراسة التقليدية، فأنا لا أمضي أكثر من ساعة في اليوم".
وأضاف "إدارة الوقت لها أهميةٌ عظيمة برزت في السنوات التي لم أحظ فيها بساعة عطلة والأيام التي جلت فيها المدن الفلسطينية (وحتى العالمية) في برامجي ونشاطاتي المتنوعة التي تشكل كلّ منها تحدياً عظيماً بحد ذاته، للعودة بعد يومٍ طويل للعمل في مخبز والدي وأداء واجباتي المنزلية والاستمتاع بالعزف على آلتي المفضلة، الكمنجة".
أكرم تجاوز مفهوم الدراسة التقليدية منذ بدأ برنامج التدريب في مؤسسة تعاون.
وهو يؤكد أن حبه لعلوم الكمبيوتر بدأ منذ صغره. وقدرته المتميزة على كتابة الأبحاث العلمية والمقالات، لم تكن هي الوحيدة التي أهلته لمنحة ستانفورد" الجامعة تهتم أيضاً بشخصية الطالب، والنشاطات التي يقوم بها واهتماماته الأخرى، وهي موجودة لدي فأنا أعزف الكمان، أحب العمل التطوعي، والكتابة، والخطابة، وكل هذا كان لبرنامج التدريب دور كبير في تنميته".
من جهته يرى والده أسامة أن ابنه منذ صغره خرج من النمط التقليدي للتعليم "وأحب أن يكون مميزاً، ويصبح شيئاً كبيراً، فبدأ يقوم بأبحاث معقدة ويكتب مقالات علمية مميزة وقد نال العديد من الجوائز".
شارك أكرم في العديد من المسابقات المحلية والعالمية في مجالاتٍ متنوعة في البرمجة والأدب والعلوم. وفاز بعدة جوائز أهمها جائزة علوم البيانات في مسابقة Intel ISEF وهي أكبر مسابقة للبحث العلمي والهندسي قبل الجامعي في العالم بمشاركة أكثر من 1700 طالب وطالبة من 80 دولة حول العالم.
أكرم يؤكد أن تنمية قدراته ما كان ليتم لولا برنامج bridge الذي خاضه مع مؤسسة تعاون. وهو عبارة عن مبادرة وطنية أطلقتها المؤسسة تُعنى بتحسين الفرص التعلمية والتعليمية للطلاب المتميزين والمبتكرين في المجتمع الفلسطيني من أجل مساعدتهم للالتحاق بجامعات معروفة ومشهود لها بكفاءتها دولياً.
وتقول تفيدة الجرباوي مديرة مؤسسة تعاون إن لدى المؤسسة عشرات البرامج التدريبية للطلبة الفلسطينيين تؤهلهم للمنافسة للحصول على المنح من جامعات العالم. مشيرة إلى أن أكرم واحد من أكثر من 500 طالب وطالبة تم تأهيلهم لهذه الغاية. وقالت إنه حتى اللحظة تم قبول 19 طالب وطالبة في 33 جامعة عالمية مرموقة، وما زال ينتظر باقي الطلبة نتائج القبولات والتي ستظهر خلال الأشهر الأربعة القادمة.
وأشارت الجرباوي إلى أن مؤسسة تعاون استثمرت "ما يزيد عن 250 مليون دولار في قطاع التعليم"، منهم أكرم الذي أنهى ساعات يوم عمله ووضع آخر رغيف خبز خرج من الفرن في حقيبته كي يتناوله وهو في الطريق إلى المنزل يمتزج حلمه برائحة الخبز والجامعة التي تنتظره.
(هافنغتون بوست)