"سفير السعادة".. طيار مصري ينقذ الفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز على الإنترنت
تحولت حياة سلمى (اسم مستعار) إلى كابوس بعد أن وقعت ضحية شخص تقرَّب إليها باسم الحب. سيطرت عليها مشاعر فياضة، فضعفت وأرسلت إليه بعض صورها "غير الملائمة".
تحولت هذه الصور إلى الجلاد الذي يهددها به، لتتسع تدريجياً دائرة التنازلات، من فتح للكاميرا حتى إرسال أموال عبر خدمة كاش في الهاتف المحمول، وتزداد كمية الأموال يوماً بعد الآخر.
"من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".. شعار رفعه محمد رفعت، كابتن طيار مصري، لمساعدة أي فتاة تتعرض للابتزاز على الإنترنت، سواء من أشخاص مجهولين أو حتى من أشخاص جمعتهم بهؤلاء الفتيات علاقة، دون النظر إلى كونها أخطأت أم لا.
واعتبر رفعت أن المحنة التي مرت بها أي فتاة من هذا النوع، هي أكبر درس لها كي تتعلم من أخطائها، وأن هذه المحنة كافية لمد يد المساعدة.
"سفير السعادة"، كما لقبه متابعوه الذين يقترب عددهم من مليون شخص فيصفحاتهبمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. علاقاته الواسعة التي بناها عبر سنوات طويلة مكَّنته من الوصول لأي شخص في أي محافظة، مع مساعدات من جهات مسؤولة مثل مباحث الإنترنت، وأحياناً شركات الاتصالات، بعد تحرير المحاضر الرسمية اللازمة لذلك.
ورغم تعرُّضه لمضايقات وبعض المشاكل من الشباب الذين يتحدث إليهم، فإن ذلك لم يُثنه عن هدفه.
البداية
بدأ رفعت طريقه في مساعدة الفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز، منذ 6 سنوات، حينما لاحظ أن صديقة له عبر فيسبوك تمر بحالة نفسية سيئة.
وبسؤالها، حكت له قصتها مع شاب يبتزها بصورها التي لديه؛ للحصول على أموال، فحاول الوصول لحل ودي معه ولكنه رفض، ليفاجئه رفعت في اليوم التالي بزيارة له في منزله وأمام أسرته، حيث قام بحذف كل صور الفتاة من هاتف الشاب.
وتابع رفعت في حديثه لـ"هاف بوست عربي"، أنه في ذلك اليوم سمع دعوات من تلك الفتاة ورأى في عينيها فرحة لم يشعر بمثلها من قبلُ. وفي اليوم التالي، وجد تدوينة على فيسبوك، نشرتها الفتاة، تشكره فيها وتحكي وقفته بجوارها.
نتيجة لهذا، بدأت بعدها صديقاتها يتحدثن معه لسرد قصص لهن مع أشخاص يبتزونهن، وبدأ دائرة المتابعين والصداقات، يوماً بعد آخر، تتوسع في كل أنحاء الجمهورية، والذين يلجأ إليهم كثيراً لمساعدة حالات من محافظات مصر كافة.
طبيعة عمله وارتباطه بمواعيد محددة لسفرياته هما ما جعله لا يستطيع مساعدة الفتيات في الحالات التي تتطلب تدخُّله الشخصي إلا حينما يسمح وقته. ولذلك فهو -كما أوضح لـ"هاف بوست عربي"- يستعين في الجروب الخاص به على فيسبوك بـ6 فتيات، منهن 3 محاميات؛ لتقديم المساعدة القانونية العاجلة للفتيات، مثل تحرير محضر في مباحث الإنترنت، ومتابعة إجراءات تتبُّع الشخص.
بينما الفتيات الثلاث الأخريات، فدورهن يتلخص في الرد على الاستشارات العاجلة، وتقديم المشاكل الصعبة التي تحتاج تدخُّلاً منه شخصياً.
رجال الأعمال هدف
ورغم أن جروب "سفير السعادة" للبنات فقط، فإنه أكد أن بعض الرجال -خاصة محدودي المعرفة بوسائل التواصل الاجتماعي- يكونون أيضاً ضحية لشبكات تقوم بابتزازهم.
واستشهد بواقعة لأحد كبار رجال الأعمال المصريين، الذي هاتفته فتاة عبر أحد برامج الاتصال بالفيديو عدة مرات حتى أوقعت به، وجعلته يرسل لها فيديوهات له وهو مجرَّد من الملابس، لتبدأ بعدها في عملية ابتزازه.
الفتاة أخذت منه أموالاً تجاوزت ربع مليون جنيه (نحو 13 ألف دولار)، ومع تدخُّل رفعت في المشكلة، أقنع رجل الأعمال بتحرير محضر، وظل الأمر سراً بعيداً عن وسائل الإعلام، واستطاعت مباحث الإنترنت الوصول إلى الفتاة بالفعل وإلقاء القبض عليها.
"مافيا"، هكذا وصف رفعت المجموعات التي تبتز الفتيات، وأحياناً الرجال الأثرياء؛ للحصول منهم على مبالغ مالية كبيرة نظير ما يمتلكونه ضدهم من فيديوهات أو صور. وأوضح أن الأثرياء هم الهدف الأكبر.
وذكر قصةَ مصريةٍ تعيش في دولة خليجية، كان يهددها شخص بصور لها، وحصل منها في 6 أشهر على ما يتجاوز 350 ألف جنيه (نحو 19 ألف دولار)، وبعد أن لجأت إليه، وبمساعدة مباحث الإنترنت، تم تحديد موقعه والقبض عليه.
أزواج يهددون زوجاتهم!
وقال "سفير السعادة" إن أصعب الحالات التي تواجهه، هي حينما تشتكي له سيدة قررت الانفصال عن زوجها؛ بسبب تهديده إياها بالصور والفيديوهات التي التقطها لها شبه عارية، بنشرها على الإنترنت إذا لم تتنازل عن حقوقها كافة.
يقول رفعت إنه في هذه اللحظة يقف عاجزاً؛ لأن "المبتز هو الزوج، وأنا بالنسبة له شخص غريب، وتدخُّلي من الممكن أن يسبب مشاكل أخرى".
وعن أصعب حالة واجهته، قال رفعت إن هناك شخصاً يعمل فى إحدى الجهات السيادية بالدولة، كان هو من يبتز فتاة، وظل الأمر فترة حتى تمكن رفعت من الوصول إلى من يرأسه حتى تنتهى الأزمة. وأوضح أنه كاد يفقد الأمل في أن تُحَل تلك الأزمة، ولكنها انتهت فى غضون 15 يوماً.
عدم الخوف
"خوفك من عيّل هيخليه يعمل عليكي راجل"، هكذا يقول رفعت، الذي يطالب أي فتاة أو سيدة تتعرض لأي تهديد أو ابتزاز، بأن تكون أولى خطواتها هي عدم الخوف من ذلك الشخص، ومواجهته بكل قوة، "وقتها سيرتبك"، على حد وصفه، وبعد ذلك عليها إما أن تلجأ إلى مباحث الإنترنت وإما أن تطلب المساعدة منه، مؤكداً بذْله كل ما يستطيع لمساعدتها.