يوميات طفل لا يغضب.. 7 قواعد للتعامل مع الأخطاء والخوف والمشاعر السلبية
جو 24 :
في مشهد مثير للمشاعر المتناقضة، تدخل "إيزابيل" غرفة نوم "أوغي" بعد أن جاء من مدرسته غاضباً باكياً بسبب وجهه الصغير المشوّه، واصفاً نفسه بالقبيح بعد أن فاض به الكيل من تعليقات زملائه.
"لدينا جميعاً علامات على وجهنا، هذه هي الخريطة التي تظهر أين كنا وهي خريطة لم تكن يوماً أبداً قبيحة"، هكذا تقول ايزابيل له.
"لا يمكنك أن تنصهر تماماً بين الناس بينما انت ولدت لتبرز بينهم". "أنت لست قبيحاً يا أوغي ولأنني أمك فكلامي يعتد به أكثر، لأني أعرفك أكثر".
بهذه الكلمات وغيرها من فيلم "ويندر" أدخلت ايزابيل إبنها في حوار باح فيه بكل أفكاره السلبية واتهاماته – ومنها ما يخص أمه - بينما فندت هي له سوء فهمه عن نفسه وعن الحياة وما يجب أن يعرفه عن البشر، دون أن تتصادم بغضبه وعاطفته وخوفه وسلوكه الناتج عن هذا كله.
1- البحث عن أصل الفكرة السلبية
"المشاعر وقود السلوكيات" كما تقول إلين بريتشارد دودج، أخصائية علم النطق والمبتكرة لألعاب كيموتشيز لتعليم المشاعر، إلا أن رأس مثلث المشاعر والسلوك هو الأفكار.
الفكرة المأخوذة من موقف أو مشهد أو تصرف أو مقولة من محيط الطفل سلبية كانت أو إيجابية هي التي تحرك مشاعره.
وهذه النقطة المحورية التي لا نأخذها بالحسبان عند تعاملنا مع الأطفال، إن تفكير الطفل هو الذي يثير عاطفته، فمثلا اذا رأيت الطفل يهرب من كلب أو قطة ويصرخ أو دخل نوبة غضب، فهناك فكرة مسبقة في ذهنه غالبا هي التي تدفعه لذلك.
فعندما تكون فكرة "الكلب يعضني، يهددني" هي المسيطرة عليه وتثير لديه شعور القلق والتوتر، يخرج سلوك الهرب أو الاختباء وراءك أو الصراخ بشدة.
وفِي هذه الحالة يجب أن هدفك هو مساعدة طفلك على التعامل مع الفكرة السلبية، وأن يتحدث عنها في الوقت المناسب، وجعله يبوح بما يدور في رأسه عنها.
لكن يجب الانتباه إلى أن توبيخ الطفل ورفض سلوكه في حالة تأزمه الشعوري بكلمات مثل "لا تصرخ، عيب احترمني، غيّر أسلوبك، ما تضرب رجليك بالأرض، أنت ولد متدلع"، هو تصرف سلبي يفاقم المشكلة ويزيد الشعور بالسوء لديه ولا يعني بالنسبة له إلا أنك رفضته مباشرة.
ففي حالة رفض الطفل اللعب مع أقرانه، أو اختبائه عند انطلاق الألعاب النارية، أو أنه لم يفهم ما قيل له من أول مرة، ستتقافز الأحكام المطلقة إلى رأسك، وتطلق أفكارا سلبية، ابني بطيء، لا يسمع كلامي، عنيد، منعزل، هزيل اجتماعيا، أو جبان.
فمثلما تقود الأفكار الكبار للصراخ أو على الأقل لاحتمال الانفجار بعد تراكمها داخليا، فإن هذا ما يحدث أيضا مع الأطفال عدا أنهم لا يملكون سياقا لتفسير شعورهم ولا بنية عقل مكتملة بعد لتحمل العواطف المتأججة.
فأي خيبة أمل صغيرة تعد نهاية العالم لهم، لذا فإن امتلاك الطفل لأدوات معرفة ما هو شعوره، وكيف يعبر عنه هو ما يجب التركيز عليه من قبل المربين.
2- تشجيع الطفل على أن يتكلم
يمكن استخدام وسائل معرفة المشاعر والتعبير عنها من وجوه غاضبة ومنزعجة ومبتسمة مرسومة على صحون ورقية أو بطاقات، وقصص تعليم المشاعر والعواطف وغيرها من الوسائل المتوفرة والتي يمكن البحث عنها والاطلاع على طرق تطبيقها.
إلا أن أهم ما يمكن أن تتحلى به العائلة ككل هي الإيمان بأهمية التكلم عن العاطفة وجعلها موضوع سهل للحديث بدون قيود العيب والحرج.
3- اكتشاف المشاعر السلبية قبل ظهورها
إن ما يسمى بالحديث الاستباقي الذي يمكن أن تخوضه العائلة في أوقاتها الهادئة يساعد جداً هنا.
والمقصود أن يقترح أفراد الأسرة خلال حوارهم العائلي عن الأشياء التي ممكن أن يفعلها أحدهم إذا تعرض لشعور تثبيط أو استفزاز مثلا، وتكتب الاقتراحات وتثبت على الثلاجة مثلاً بمشاركة من الأطفال بالرسم أو اضافة ملصقات تعبيرية ،أو تجهيز زاوية بالبيت يمكن الذهاب اليها عند الانزعاج وتزويده بالوسائل الملازمة للتهدئة.
عندما نشهد حالة متخبطة من أطفالنا مع أن سببها قد يكون تافها بالنسبة لنا، فإن آخر ما يود سماعه طفلك منك هو ما بك، أو سؤال ماذا حصل ولماذا وكيف؟
هذه الأسئلة جوابها محدد وقصير وهذا ما لا تريده أنت، إشراك الطفل في محادثة واسعة عن الموقف الذي حدث يكون فيها الطرف الأكثر حديثا تجعله يبني مفردات واضحة تخص حالته الشعورية ليعبر بها جيداً عن نفسه لاحقاً.
4- الاكتشاف المبكر للمشاعر السلبية
من المهم ملاحظة علامات الدخول في نوبة غضب أو انزعاج أو بداية توتر او استفزاز إذ يمكن حل الموقف في اللحظة المناسبة قبل تعقده.
إذا كان طفلك بعمر مناسب يمكنك إخباره بلطف بأنه يبدو عليه أنه على وشك أن يغضب، ويمكن أن تبادر بالقول "لنهدأ جميعا ونرى كيف يمكن حل هذا سوياً"، أما إذا كان طفلك أصغر فيمكن أن تغير مكانه وتأخذه بنزهة مشيا على الأقدام مثلاً.
5- قبول خطأ الطفل والتعامل معه
إن أسوأ ما يمكن أن يدركه الطفل أن مشاعره خطر عليه وأنه غير مسموح بها كلها، على العكس فإن له الحق في أن يختبر كل أنواع المشاعر دون تسخيف منه، وهذا لن يحدث حقا ما دام المربون ليسوا متقبلين لمفهوم المشاعر مع أنفسهم.
وأخطر من هذا أيضاً أن يوجد الطفل ضمن عائلة لا تقبل بتكرار الخطأ أصلاً، فالعائلة التي تمنح فرصة ثانية للطفل تجعله مرتاحاً ومتقبلاً لنفسه وخطئه.
6- رسم حدود للخطأ والغضب
في الوقت نفسه السماح للمشاعر بالخروج لا يعني إباحة المحظور، فالحدود في الغضب قيمة واجبة التعلم هنا حتى لا يبرر أفعاله بغضبه، كضرب الأطفال لبعضهم وضرب الطفل لوالديه والتعدي على أغراضهم.
الرسالة التي يجب توصيلها للطفل،" يحبذ أن تكون يمكنك أن تغضب كيف شئت بدون أن تضرب، فمن حق الجميع ألا يتعرض للإيذاء".
يمكنك قول هذا بطرق متعددة سواء بمخاطبته مباشرة أو من خلال لغة جسدك، كعينك المندهشة من فعله، أو تغيير نبرة الصوت لتصبح جدية أكثر وليست عالية أكثر وغيرها من الوسائل!
7- الامتناع عن تهديد الطفل بالخصام
يجب الحذر في تحميل الطفل مسؤولية شعورك بالحزن أو الفرح نتيجة سلوكه بالقول مثلا، "غضبت منك لأنك قمت بكذا" "فرحت منك لانك فعلت كذا".
فربط مشاعره وسلوكه بالحالة المزاجية للأب أو الأم ليس أمرا صحيحا، والأفضل الحفاظ على استقلال هذه المشاعر. الأفضل أن تبقى مشاعره مرتبطة بما تحمله من الخير والشر، وتأثير ذلك عليه نفسه، بعيدا عن شخصية المربي.
والنتيجة تعود على الطفل والوالدين
إن تعليم الأطفال شيئا عن طبيعة عواطفهم وطريقة تواصلهم مع أنفسهم في لحظاتهم الشخصية الصعبة والتعبير عن العاطفة بالتصرف الصحيح لا يحل مشكلات آنية أو يسهل تحديات الحياة اليومية للآباء مع أطفالهم فحسب.
بل إن إدارة مشاعرهم هذه تجعلهم يأخذون موقفاً إيجابياً ليساعدوا أنفسهم ومن حولهم أيضاً، حتى أنه عندما يخطأ الآباء مطلقين صراخاً أو غضباً أو غيره فإنهم يجدون الطفل متقبلاً لخطئهم كما تقبلوه هو في موقف مشابه.
هذا من شأنه أن يجعل العائلة بأكملها تستطيع أن تتجاوز ظروفها وما قد تمر به من أزمات صعبة في حياتهم.
(HuffPost News)