فلسطينيات ‘‘صم‘‘ يكسرن صمتهن بـ‘‘الفسيفساء‘‘
تُبدي نحو ١٩ فتاة فلسطينية من ذوي الاحتياجات الخاصة، إصرارا على تعلم فن الفسيفساء في محاولة لخلق فرص عمل، يندمجن من خلالها في المجتمع الفلسطيني.
ففي ركن في جمعية النادي العالمي للصم والبكم، في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، يواصل خلدون البلبول، المدرب والخبير في فن الفسيفساء تدريب فتيات صم، على صناعة لوحات فسيفساء.
الفتاة دنيا جرادات (٣١ عاما)، تأمل أن يكون تعلمها لفن الفسيفساء فرصة وأمل للاندماج في المجتمع وخلق فرصة عمل.
تقول بلغة الإشارة، بينما يعمل خبير خاص في الجمعية على ترجمتها لفريق الأناضول، إنها "سعيدة لمشاركتها في هذه الدورة، وقد بدأت تجد نفسها فيها".
تضيف:" أصبحتُ فتاة منتجة، أنتج لوحات فنية وتباع، أعتقد أنني حققت حلمي بالاندماج وإيجاد فرصة عمل".
وتطمح جرادات أن تفتتح محلا خاصا بها في بلدتها سعّير، إلى الشمال من مدينة الخليل.
وبدأت جرادات منذ نحو شهرين تعلم فن الفسيفساء، وباتت تساعد بعض زميلاتها حديثات الالتحاق بالدورة على فن ترتيب الحجارة لصناعة لوحة فنية.
ولم تحصل "جرادات" مسبقا على فرصة عمل.
وإلى جانب الفتاة جرادات، نحو ١٩ فتاة جئن من مختلف بلدات محافظة الخليل، يبدين سعادتهن بعملهن.
عشرات اللوحات الفنية من إنتاج الفتيات، تُعرض في مدينتي الخليل وبيت لحم، وبعضهن في جمعية النادي العلمي.
وكخلية النحل يعملن في الجمعية، البعض يعمل على تكسير الحجارة، وأخريات يقسمنها حسب ألوانها.
بدورها تقول الفتاة شروق شنيور (٣٣عاما)، إنها وجدت ضالتها في "الفسيفساء".
وتضيف:" هي فن جميل وتراثي قبل أن تكون مهنة، نحن اليوم نتعلم مهنة تراثية وفنية عابرة للزمن".
ولفتت إلى أنها كانت تشعر بالملل قبل العمل في الفسيفساء، لكنها اليوم تستمتع بوقتها، وتنتج لوحات فنية، تباع في المعارض.
وأشارت إلى أن ١٥ يوما من التدريب، كانت كفيلة لتجعل منها ماهرة في إنتاج لوحات فنية.
تبتسم وتقول بلغة الإشارة:" عمل فيه إبداع".
تمسك "شنيور" أداة خاصة لتدوير الحجارة، وتعمل على ترتيبها بطريقة هندسية ووفق آلية خاصة تعلمتها.
وبطريقة بسيطة يوجه المدرب "البلبول" الفتيات، معبرا عن سعادته لما وصلن إليه.
وقال لمراسل وكالة الأناضول:" اعتبر هذه الدورة من أنجح الدورات التي عقدتها طوال سنوات عملي، الفتيات لديهن طاقة كبيرة وتصميم على الابداع".
وتابع:" أثبتن بجدارة أنهن قادرات على العمل والاندماج في سوق العمل".
وأضاف:" لديهن طاقة لا يمكن أن تكون لدى أي شخص آخر، لديهن اهتمام بالتفاصيل، ويملكن روح التحدي، قادرات على عمل شيء تجاوزن من خلاله مرحلة أنهن من ذوي الاحتياجات الخاصة".
ويعمل "البلبول" على تسويق منتجات الفتيات في مركز يملكه في مدينة بيت لحم (شمال).
وقال:" تلك الفتيات بحاجة لدعم معنوي أكثر منه دعما ماديا".
ولفن الفسيفساء، تاريخ طويل في الأراضي الفلسطينية، حيث تحتوي المواقع الأثرية الفلسطينية على لوحات فنية من الفسيفساء، ومن أشهرها لوحة "الحياة" في قصر الخليفة الأموي، هشام بن عبد الملك في مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية.
وكُشف في العام ٢٠١٦ عن أكبر لوحة فسيفساء في العالم في ذات الموقع، حيث تبلغ مساحتها نحو ٨٢٧ مترا مربع.
والدورة التي بدأت منذ نحو شهرين، بدعم من "فاعلي خير"، في مدينة الخليل، وبتنظيم من جمعية النادي العالمي للصم.
وافتتحت الجمعية في العام ١٩٩٥ بحسب رئيسها ضياء الرجبي.
ويقول الرجبي لوكالة الأناضول:" الخروج من المنزل لفتيات صم، هو تحدي بحد ذاته، استطعنا كسر هذا الحاجز".
وأضاف:" استطعنا أيضا دمجهُن في المجتمع من خلال تدريبهن على لغة الإشارة، وتعليمهن مهن، لخلق فرص عمل لهن". (الأناضول)