jo24_banner
jo24_banner

نشر صور المتهمين ..جدلية القانوني والاخلاقي ووجاهة النشر لتحقيق الردع العام والخاص

نشر صور المتهمين  ..جدلية القانوني والاخلاقي ووجاهة النشر لتحقيق الردع العام والخاص
جو 24 :
لميس ابو رمان - شهدت الأسابيع القليلة الماضية جدلا واسعا بين الاوساط الصحفية والحقوقية حول قانونية  نشر صور الأشخاص المتهمين بجرائم السطو المسلح على البنوك والمؤسسات الاقتصادية الخاصة والعامة، ومدى انسجامها مع اخلاقية المهنة وميثاق الشرف الصحفي ، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض.

غالبية وسائل الاعلام و المواقع الالكترونية ذهبت باتجاه نشر صور المتهمين دون قيد أو شرط؛ متكئين في ذلك على قناعتهم بقانونية النشر وتوافقه مع أخلاقيات المهنة، إلى جانب شعورهم بالأمان من المحاسبة القانونية لكون الصور وصلتهم بشكل رسمي عن طريق مديرية الأمن العام، بالاضافة لكون وسائل الاعلام العالمية تنشر صور المتهمين في اية جريمة.

وفي مقابل ذلك، برز رأي يعتقد بعدم جوازية نشر صور المتهمين، واستند اولئك على قاعدة أن "المتهم بريء حتى تثبت ادانته"، إلى جانب أن نشر الصور قد يُلحق الأذى بالمتهمين وأهليهم "الذين لا ذنب لهم بالفضيحة والجرم الذي ارتكبه ابنهم، خاصة أننا نعيش في مجتمع مترابط و وحارتنا ضيقة ويعرف الناس بعضهم جيدا ".

وبين هذا وذاك، ذهبت بعض المواقع الالكترونية ووسائل الاعلام إلى اتخاذ موقف وسطي خرجت به من هذا التجاذب ، فقامت بنشر صور المتهمين بعد تغطية وجوههم وأعينهم.

المطالعة القانونية لمكتب الفصل للمحاماة :  

 زود مكتب الفصل للمحاماة ،  المستشار القانوني ل الاردن 24  ،  وهو واحد من اكثر مكاتب المحاماة في بلادنا اختصاصا في قضايا المطبوعات والنشر والاكثر خبرة في التعامل مع كل ما يتصل بالابعاد القانونية للعمل الصحفي ، بمطالعة قانونية حول قانونية واخلاقية نشر صور المتهمين بالجرائم في وسائل الاعلام ، وتاليا المطالعة القانونية المحكمة حول هذه المسألة المهنية الهامة والتي تؤكد ان  المصلحة العامة هي الأولى بالرعاية، وهي ترجّح مبدأ نشر الصور دعما لنظرية الردع العام..

وتاليا نصّ المطالعة القانونية:

عند الحديث عن قضية نشر صور المتهمين لا بد من  التمييز بين القانوني والاخلاقي ووضعهما في اطارهما الموضوعي والنظري الصحيح ، ولذلك لا بد من التأكيد على التالي في الجانبين القانوني والاخلاقي : 

البعد القانوني :

ان المعايير الدولية للمحاكمات العادلة التي نصت عليها المادة ١٤ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لم تمنع صراحة نشر صورة المتهمين. و لم يرد من ضمنها عدم نشر صورة المتهم.
اما عن مبدأ "المتهم برئ حتى تثبت ادانته " الوارد في المادة ١٤ فانه لا يتعارض مع نشر صورة المتهم. لان هذا المبدأ ينصرف الى مسألة اثبات التهمة تجاه المتهم حيث يلقى هذا المبدآ عبء اثبات التهمة على سلطة الاتهام.وهي مسألة تختلف جوهريا عن مسألة صورة المتهم ونشرها عبر التحقيق او المحاكمة .لا بل ان المادة ٣/١٤ /د اعتبرت ان من ضمن معايير المحاكمة العادلة ان يحاكم الانسان حضوريا وهذا يقتضي الكشف عن هويته .

كما ان قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني النافذ وعند معالجته لاجراءات الاستدلال والتحقيق الابتدائي الذي تجريه الضابطة العدلية تحت اشراف النيابة العامة وما يتخلله من اجراءات تفتيش وقبض وخاصة في حالات الجرم المشهود لم تتضمن منعا بخصوص نشر صورة المتهم.
اضف الى ذلك ان قانون انتهاك حرمة المحاكم وقانون المطبوعات والنشر حظرا نشر محاضر التحقيق فقط باعتبارها سرية لسلامة التحقيق ولم يرد من ضمن هذا الحظر صورة المشتكى عليه او المتهم وبناءا على ذلك وحيث ان الاصل في الامور الاباحة فلا تثريب على نشر صورة المتهم .

اما عن فلسفة السياسة التشريعية لاجراءات التحقيق والمحاكمة والتجريم والعقاب ،فانها تقوم على فكرة اساسية مفادها تحقيق الرد الخاص لضمان عدم تكرار المتهم للفعل الجرمي مرة اخرى ، وتحقيق الردع العام من خلال تنبيه افراد المجتمع لخطورة ذلك الفعل والعواقب المترتبة عليه ، وهي فكرة تنسجم تماما مع معرفة هوية الجاني والكشف عنها .


البعد الاخلاقي:

يتنازع نشر صورة المتهم في البعد المهني والاخلاقي فكرتان الاولى تقوم على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة حيث ان المصلحة العامة تقتضي توعية افراد المجتمع بخطورة الافعال الجرمية والنتائج المترتبة عليها وبذلك يكون للاعلام دور مساعد في مكافحة الجريمة الى جانب العقاب القانوني وهذه مصلحة اجدر بالرعاية من سمعة وكرامة واعتبار المتهم .

اما الفكرة الثانية فقوامها تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة من خلال ان الاصل في تغطية اخبار الجرائم يقتضي تسليط الضوء على الظاهرة وليس فضح شخوصها وذويهم فعواقب نشر صورة المتهم تتعداه وتسري على ذويه واسرته ،خاصة في المجتمعات الضيقة التي تعيش في بنية اجتماعية عشائرية ،وحتى لا يكون الاعلام عنصرا في تفكيك اواصر المجتمع يجب عدم نشر صورة المجتمع ... 

وينبغي الاشارة في هذا المقام الى ان كل ما تقدم لا يسري على الاحداث حيث ان قانون الاحداث والاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل تمنعان بشكل صريح نشر صور الاحداث واسمائهم على اعتبار ان جنوح الحدث هي مسألة مؤقتة بالاساس تعود لعدم نضجه ولا ينبغي ان تبقى في الاذهان.

الخبير المتخصص في مجال حقوق الانسان فادي القاضي :نشر صور "المتهمين" أو "المُدانين" يجب أن تحكمه ضوابط تحفظ حقوق انسان الجميع 

اما الرأي المخالف لنشر صور المتهمين فاستند الى وجهة نظر وجيهة وضعها الخبير في مجال حقوق الناس فادي القاضي ، وجاء ذلك  على النحو التالي :


في الوقت الذي لا تنظر فيه مبادئ القانون الدولي لحقوق الانسان بالتفصيل لمسائل مثل جواز نشر صور المتهمين أو المدانين في قضايا تتصل بارتكاب جرائم محددة أياً كانت طبيعتها؛ فإن الإطار العام الذي يتوجبُ أن يحكم النظر في مثل هذه المسائل، هو ارتباطها وتوافقها مع جوهر هذا القانون؛ أي الحفاظ على الحقوق الآدمية للأفراد الذين تربطهم¬ أي صلة بهذه الجرائم، ومنهم أفراد المجتمع بشكل عام، والمُشتبه بهم وعائلاتهم. 
وتتمحور أسس الإطار سالف الذكر على ما يلي: 
1.تجنب إلحاق الضرر، وهي قاعدةٌ شمولية تتخذ منخى يتجاوز المشتبه به في ارتكاب جريمة، الى توخي أقصى درجات الحرص في أن يتجاوز الضرر الذي يتسبب به أي اجراء حكومي، أولئك المقصودين به، ليشمل آخرين من أفراد المجتمع (كعائلات وأسر المشتبه بهم) وبما من شأنه أن يتسبب بأشكال مختلفة من الأذى النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وبما من شأنه أن يجعل من الاجراء الحكومي (نشر الصور) اجراءً تسبب بالفعل في الحاق الضرر.
2.ضمان الاحترام للحق الأصيل في إجراءات تقاضي سليمة وعادلة، بما فيها محاكمة علنية، والتماس الدفاع، والتمثيل القانوني، والحق في الطعن والاستئناف. ولا يجب أن يُخل أي شيء بهذا الحق تحت أي ظرف من الظروف. 
3.توفر قواعد مكتوبة ومدونة تحكم السياسة التي تستخدمها أجهزة الأمن لنشر صور المشتبه بهم، ولا يجب في حال من الأحوال أن يتم ترك القرار بـ نشر هذه الصور لسلطة تقديرية كاملة لموظفي إنفاذ القانون، بل وضع حد أدنى من المعايير التي يجب أن يلتزم بها هؤلاء، ومن أهمها: 

3.1.توفر هدف واضح المقاصد ومُحدد لنشر هذه الصور، في كل حالة على حدة (وليس بشكل عام). 
3.2.استيفاء شرط الضرورة (ان يكون نشر الصور ضرورياً واستثنائياً ويُحقق مقاصد الردع والحماية والعدالة في الوقت الذي لا تحققه الوسائل الأخرى، في كل حالة على حدة).
3.3.تحقيق شرط التناسب، وهو الذي يعني بأن نشر صور المشتبه بهم في ارتكاب جرائم يقوم على أسس من النسبة والتناسب بين الجريمة المرتكبة والمخاطر العامة المترتبة على الجريمة مثل أمن وسلامة الجمهور، على سبيل المثال لا الحصر. 

4.الوفاء بالمقصد الأساسي للأنظمة العقابية والمتمثل أساساً في "الإصلاح والتأهيل" والذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار صعوبة تحقيق مقاصده إن ارتبطت الإجراءات المتخذة بحق المتهمين بالوصم، وهو الذي قد لا يعود بالضرورة بالضرر فقط على المتهم ذاته، بل على مجموعة من الافراد المرتبطين به كالأهل والأسرة الممتدة وآخرين.



برأينا في الاردن ٢٤ : ان معيار الاخذ باحدى الفكرتين السابقتين يقوم على عدة اعتبارات تتمثل بالتوجه العام للوسيلة الاعلامية وترجيحها للمصلحة الاجدر بالرعايا حسب اهمية الجريمة ونوعيتها وخطورتها وحداثتها علي المجتمع . فلا يوجد قاعدة عامة تنطبق على جميع الحالات .ونحن في هذه الحالة تحديدا (نشر صور المتهمين في عمليات السطو المسلح فاننا نغلب المصلحة العامم على المصلحة الخاصة . 



 
تابعو الأردن 24 على google news