افتتاح ندوة "إشكاليات المفاهيم والاصطلاح بين العلوم الإنسانية والاجتماعية"
جو 24 :
افتتح معهد الدوحة للدراسات العليا وبالتعاون مع جامعة برلين الحرة اليوم الأحد 18 فبراير 2018 ندوة بعنوان " إشكاليات المفاهيم والاصطلاح بين العلوم الإنسانية والاجتماعية"، في مقر المعهد وبمشاركة عدد من الباحثين العرب والألمان في الحقول المعرفية والدراسات العابرة للتخصص.
وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها الدكتور ياسر سليمان معالي رئيس معهد الدوحة بالوكالة، ونائب الرئيس للشؤون الأكاديمية، بعنوان "معهد الدوحة للدراسات العليا: رؤية جذرية وآفاق للعلوم الإنسانية والاجتماعية"، قال فيها : تقع العلوم الاجتماعية والإنسانية على تقاطعات ميدانية متشابكة تجعلها خلية متميزة لدراسة كل ما يتعلق بالإنسان والمجتمع وتاريخيتهما ، وحقلا يتدرب فيه الطلاب على اكتساب مهارات ذهنية عالية تؤهلهم لخوض غمار التفكير في عالم تتجدد فيه الآفاق المعرفية وقضايا الإنسان بكل أبعادها. فالاهتمام بهذه العلوم عامل تخصيب في المجتمعات الإنسانية تنميها وتحصنها في آن واحد,
أما الجلسة الافتتاحية التي تمحورت حول "إشكايات المفاهيم بين العلوم الإنسانية والاجتماعية" و أدارها الدكتور عبد الوهاب الأفندي، عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية. نوقشت فيها ورقتان، حيث تحدّث الدكتور إسلام دية أستاذ الدراسات العربية في جامعة برلين الحرة، حول موضوع "ترحال المفاهيم: صناعة الفكر وأخلاقيات البحث الأكاديمي" تناول عدة قضايا تأسيسية، بدءا بدلالة المفهوم النقدي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وصلة المفهوم بالمجال التداولي والعمل والأداء. وتتطرق دية إلى بعض القضايا التي تؤطر مقاربتنا وتوجهها، فهما وتطبيقا، كإمكانية ترجمة المفاهيم عبر اللغات والحقول، وكالموازنة بين العالمي والمحلي منها، وتقييم الدور الاستعماري وما بعد الاستعماري في تشكّلها، وأثر ثنائيات القديم والحديث والمعنوي والمادي وغيرها من الثنائيات في تصورها. وحاول الباحث دية إلى البحث في هذه المؤطرات والموجهات إلى تجاوز الموقف الذي يعتبر تلك المؤطرات عائقا للفهم والتطبيق لتصبح هي نفسها شرطا معتبرا ومقدرا في أي بحث علمي يروم التفاعل والتحاور بين الباحثين. ساعيا إلى الكشف عن هذه المؤطرات وسبر أثرها في مقارباتنا الحوارية والمقارِنة.
من جهته، تطرق الدكتور أيمن الدسوقي أستاذ الأدب العربي الحديث والأدب المقارن في معهد الدوحة للدراسات العليا بورقة بحثية معنونة بــــ"برزخية المفاهيم: استحالة في الترجمة أم إحالة للنسق المعرفي؟ إلى أهمية نقد المفاهيم ليس فقط في العلوم الإنسانية والاجتماعية والدراسات العابرة للتخصص وإنما لفهم خصوصية الفروق الثقافية والتاريخية والاجتماعية كظواهر تقاوم فرض المعاني منهجيا. وأشار الدسوقي إلى أن هذه الإمكانيات المعرفية ذات أبعاد سياسية وثقافية تبدأ في التكشف عند تحليل المفهوم في عبوره لحدود الحقل التخصصي، وكذا للحدود اللغوية والثقافية. وأشار الدسوقي إلى أهمية نقد المفاهيم لإعادة النظر في بعض جوانب الراهن الاجتماعي والسياسي والمعرفي. وطرح الدسوقي ثلاثة محاور رئيسة هي: نقد المفهوم كآلية معرفية للدراسات العابرة للتخصص، و كيفية عبور المفهوم للحدود المعرفية واللغوية والجغرافية، وإشكاليات ترجمة المفاهيم كآلية تأويلية لتفعيل خصوصية النسق المعرفية لغويا وتاريخيا وثقافيا، بعيدا عن إشكاليات ترجمة المصطلح أو استحالتها والتي غالبا -حسب الباحث الدسوقي- ما تبقي على النسق المعرفي كما هو، عن الهيمنة الثقافية التي تفرض آليات التوليد والاشتقاق من المصطلح الغربي كمحدد لإمكانية معرفة الظاهرة التي يحيل عليها.
تأتي هذه الندوة التي تستمر أعمالها إلى يوم الثلاثاء ضمن سلسة ورشات العمل المتخصصة، والتي يزمع عقدها بين المعهد وجامعة برلين الحرة، انطلاقا من رسالة معهد الدوحة للدراسات العليا التي تهدف إلى تكريس المشاركة العربية في الإنتاج المعرفي على الصعيدين المحلي والعالمي.