أصعب يوم في حياة محامية ببرلين.. حينما بكت قاضية ألمانية متأثرة بقصة مخيفة لعائلة رجل سوري
تداول رواد الشبكات الاجتماعية، منذ الأربعاء 21 فبراير/شباط 2018، منشوراً على فيسبوك، سردت فيه المحامية الألمانية من أصل سوري نهلة عثمان، وقائعَ ما وصفته بـ"أصعب يوم جلسات محاكمة في حياتها"، جراء ما سمعته من مآسي عائلات سورية تقدم العون لهم أو تمثلهم في المحاكم الألمانية.
وقالت عثمان، وهي محامية ألمانية بارزة في قضايا اللجوء من أصول سورية (مدينة حلب)، إنها تريد مشاركة شأن خاص مع أصدقائها ومع متابعيها، لأنه من القساوة بمكان، لدرجة لم يعد بوسعها تحمله.
وقالت في المنشور، إنها علمت قبل ذهابها للمحكمة، الساعة السابعة صباحاً بأن عائلة من غوطة دمشق كانوا يقدمون العون لها قد قُتلت بأكملها، ما جعلها تبكي طوال الطريق، ثم بدأت العمل على قضية من أصل 7 قضايا لديها في ذلك اليوم.
القضية هذه كانت عن فتى (17 عاماً)، جاء قبل عامين مع أخته البالغة الآن 20 من العمر، من الزبداني بريف دمشق إلى ألمانيا، دون والدهما المصاب بمرض شديد في الكليتين، ويأملان ربح هذه الدعوى، كي يتمكنا من جلبه لألمانيا.
وأشارت إلى أن القاضي سأل الفتى عن أسوأ ما عايشه في بلاده، فأجاب وهو متوتر جداً، أنه رأى خلال المظاهرات في سوريا صديقه وهو يُقتل برصاصة في الرأس.
وذكرت عثمان أن الفتى بكى، وبكت هي، وهي تفكّر في كيف توجب على طفل في الرابعة عشرة من عمره آنذاك رؤية شخص وهو يُقتل لأجل المشاركة في تظاهرة.
القضية الثانية
وقالت إن القضية الثانية في اليوم كانت عن أم من حرستا، قرب دمشق، عبرت البحر مع أصغر بناتها سناً، فيما بقي زوجها غير القادر على السباحة في القاهرة يحاول العمل ويرعى ابنهما المريض للغاية (11 عاماً)، وابنتهما (16 عاماً) اللذين لا يذهبان للمدرسة هناك.
وقالت إن الأم تحدثت، كيف لم يعد ولداها يريدان التكلم معها، لأنها ما زالت تأمل بلم شملهما منذ عامين. أما أسوأ ما مرت به في سوريا، فكان أنه توجب عليها التنقل وجثمان والدتها معها في السيارة من مكان لمكان مدة 5 ساعات، لأنه لم يكن بوسعهم دفنها بسبب القصف، في الوقت الذي كان أطفالها معها.
تقول إنها كانت تبكي، وانفجرت في البكاء، ولم تعد تتحمل كل هذا.
القضية الأكثر رعباً
وقالت المحامية المعارضة للنظام السوري، إن القضية الثالثة التي شاركت فيها، كانت صعبة جداً، لدرجة بكت فيها القاضية أيضاً، وكانت تخص زوجين، الزوج وهو رجل أعمال ناجح من إدلب تعرض لتعذيب شديد في سجن المزة العسكري مدة 14 شهراً، لدرجة أنه خرج حياً بشكل إعجازي، ووزنه 36 كيلوغراماً فقط، والديدان تخرج من جراحه. وتوجّب على زوجته أن تحمله أكثر من 4 أشهر، لأنه كان غير قادر على الحركة.
وأوضحت أن "جريمته" في سوريا كانت توزيع الخبز على الناس، وتنظيم المظاهرات، وأن 4 من إخوانه قُتلوا من قبل النظام.
وأشارت إلى أنه بعد أن شرح لهم بعض طرق التعذيب باكياً، بكى الجميع، وقال لهم إن أسوء ما عاشه هناك لم يكن التعذيب، لأنهم لم يكونوا يشعرون بأجسامهم، بل بتعذيب النساء مقابلهم في الزنازين، والصراخ والكثير من الدماء الذي كانت تصلهم من جانبهم، ما كان يؤذيهم بشدة نفسياً، متحدثاً عن حالات اغتصاب جماعي لفتيات صغيرات، وكيف كانت صرخاتهن لا تحتمل. وقالت "عثمان" إن الرجل بكى لدرجة أنه اضطرهم لقطع الجلسة.
ولفتت إلى أن نهار عملها في المحكمة انتهى على الساعة الخامسة عصراً، لتعود للمنزل وتتابع أخبار الغوطة، التي تتعرض منذ أيام لقصف مكثف للغاية من قبل النظام السوري، أودى بحسب إحصائيات منظمات حقوقية وإغاثة، لمقتل أكثر من 300 وإصابة المئات منذ ليل يوم الأحد.
وعبر الكثير من المعلقين على المنشور، الذي تمت مشاركته أكثر من 700 مرة، عن حزنهم الشديد وتأثرهم بما روته، وقال أحدهم إن الكثير من الناس يعانون نفسياً حالياً كشأن الذين كانوا في المحكمة، موضحاً أنه تلقّى اليوم خبر مقتل 4 أفراد من عائلته في الغوطة وتحولهم لأشلاء بالغارات الجوية، بينهم طفل في السابعة من العمر، مضيفاً أن دار أيتام كان يتلقى دعماً منها تعرضت للقصف أيضاً هناك.