jo24_banner
jo24_banner

‘‘السرقة عند الأطفال‘‘.. سلوك يجب معرفة دوافعه النفسية

‘‘السرقة عند الأطفال‘‘.. سلوك يجب معرفة دوافعه النفسية
جو 24 :

ما إن دخل الطفل أحمد، ذو الثماني سنوات، إلى البيت وبيده مجموعة من الحلوى التي يتجاوز ثمنها ما أعطته والدته من نقود، حتى أطلقت عليه وابلا من الأسئلة "من وين ومين أعطاك، وكيف أخذتهم؟"، وغيرها من الأسئلة التي لم يستطع الطفل الرد عليها، لتكتشف فيما بعد أنه أخذها من البقالة بدون استئذان من البائع.
وما أثار دهشة أم أحمد، أن ابنها لم يشعر بالذنب حيال هذا الأمر، بل على العكس كان سعيداً بأنه تمكن من أخذ كل هذه الكمية بدون مساءلة، ولكن عندما عادت للبقالة اكتشفت أن طفلها، وبمصاحبة صديقه، أخذا حلوى وخرجا بدون انتباه من البائع، ما جعل الأم تشعر بالخجل من تصرف ابنها.
هذا السلوك قررت الوالدة أن تعاقب ابنها عليه، بمنعه من الذهاب للبقالة وحرمانه من اللعب مع صديقه، ما كان له أثر سلبي عليه وزاد الأمر تعقيداً، فقد أصبح يتسلل بدون علمها للذهاب إلى البقالة والشراء منها بدون علمه، خاصة وأنها قريبة جداً من بيتها.
ومنذ ذلك الوقت، والأم تحاول أن تعدل سلوك الطفل بطرق عدة، من خلال مساعدة إخوته الأكبر ووالده، وحتى المعلمة في المدرسة، وخوفاً من أن يتحول هذا الفعل إلى سلوك في المستقبل.
وفي الوقت ذاته، كثيراً ما كانت تشعر والدة الطفلة ياسمين بالقلق، لأن ابنتها عند عودتها من المدرسة تحضر معها بعضا من أدوات القرطاسية، وتخبر والدتها أن صديقتها قدمتها لها كهدية، ولكن هذا الأمر زاد من شكوكها في كون الأطفال حريصين على ممتلكاتهم، ولا يمكن أن تحصل بشكل يومي على هدية من صديقاتها.
ولكن بعد السؤال والمتابعة مع المعلمة، اكتشفت أم ياسمين أن ابنتها "تأخذ بعض الأدوات القريبة منها بدون أن تتيقن أن هذا أمر مخالف ويعد سرقة"، بل تعتقد أن وجودها بالقرب منها أمر يدفعها لاستسهال الحصول على ممتلكات الآخرين، وكغيرها من الأطفال، تعتقد أن الأمر مباح ولا يتجاوز المتعة في الحصول على ما يلفت نظرها من الأشياء بدون مقابل.
وكثيراً ما يتعرض أولياء الأمور إلى اتهام أبنائهم بالسرقة من أصدقائهم أو الأقارب، ويسبب ذلك الإحراج للأهل، على الرغم من أن الطفل "سوي وسليم ومن أسرة متزنة"، إلا أن الكثيرين لا يفرقون بين أن يكون الطفل يتعمد "السرقة" أو أنه لا يدرك مفهوم حرمة ممتلكات الآخرين، وعدم الحصول عليها إلا باستئذان، فالسرقة "محاولة لتملك أشياء يشعر الطفل أنها ليست ملكاً له ويجب الحصول عليها"، وهنا يكون دور الأشخاص أولياء أمر الطفل في أن يوضحوا له الفكرة وتعليمه "الصواب من الخطأ".
وأكثر حالات السرقة أو الحصول على ممتلكات الآخرين لدى الأطفال قد تكون لأمور صغيرة وليست ذات قيمة، مثل الألعاب. وتعاني أريج حسن من ابنها ذي الخمس سنوات في حال زيارتها لصديقاتها أو أقربائها؛ إذ يقوم بأخذ أي لعبة من ألعاب الأطفال في البيت، وهذا يسبب لها الإحراج بشكل دائم، خاصة عند بكائه بصوت مرتفع والسماح له بأخذ اللعبة لتجنب بكائه.
وتتخوف أريج من أن تتفاقم عنده تلك الحالة وتتطور معه بعد سن معينة لتتحول لـ"سرقة" في المستقبل.
أخصائي الطب النفسي والإدمان، الدكتور أشرف الصالحي، يرى أنه من السلوكيات الشائعة لدى بعض الأطفال سرقة النقود من المنزل أو الأدوات المدرسية من زملائهم في المدرسة، هذا السلوك يُشعر الكثير من الآباء والأمهات بالحرج والانزعاج في الوقت نفسه.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون، أن الأطفال الصغار، خاصة في سن ما قبل المدرسة، لا يسرقون لسبب بسيط هو أنهم لا يدركون مفهوم السرقة، لكنها عند الأطفال الأكبر سنا أمر قد يدعو الى القلق.
ويعتقد الصالحي، أن من أبرز أسباب اتخاذ الأطفال لهذا السلوك، أن الطفل أحياناً لا يستطيع ضبط نفسه ويلجأ الطفل إلى السرقة لأنه لا يمتلك القدرة على التحكم في نفسه، خاصة اذا كان في سن ما قبل المدرسة، وقد يعرف أنه يسرق ويرتكب خطأ، لكنه لا يستطيع أن يقاوم إغراء الشيء المسروق، ومنهم من لا يجد من يلبي احتياجاته من المتطلبات التي يرغب بها، فيلجأ إلى الحصول عليها بطريقة أخرى غير الطلب من الأهل.
ومن الحالات الأخرى "لسرقة الأطفال"، كما يقول الصالحي، هو أن يلجأ الطفل إلى سرقة المال من والديه أو سرقة زملائه في المدرسة لأنه يشعر بأن احتياجاته لا تلبى، فتكون السرقة الطريق البديل لتلبية هذه الاحتياجات، عدا عن وجود عنصر مهم آخر وهو "النقص العاطفي" الذي يشعر به الطفل؛ إذ يصف الصالحي أن هذا يعد من أكثر الأسباب شيوعا وراء السرقة عند الأطفال، فشعور الطفل بنقص عاطفي من الوالدين يجعله بحاجة إلى مزيد من الاهتمام، ففقدان الإشباع العاطفي والتعبير عن مشاعره يشعر من الداخل بفراغ، ويلجأ إلى ملء هذا الفراغ بارتكاب السلوكيات السيئة، ومن بينها السرقة.
وتأكيداً لمخاوف بعض الأمهات من أقران السوء، يؤكد الصالحي أن هذا يعد من الأسباب الشائعة كذلك لارتكاب الأطفال للسرقة، فالأصدقاء الذين يرتبط بهم الطفل يؤثرون في حياته وتصرفاته بشكل كبير.
"الحل يكمن في معرفة السبب"، يقول الصالحي، وذلك يكون عن طريق التحدث مع الطفل بهدوء وعدم المبالغة في ردود الفعل، وعدم وصفه بالسارق أو اللص لأنه قد لا يكون واعيا لهذه الحالة، وإشعاره بالأمان وطمأنته خلال الحديث معه، لأنه في حال تم توبيخه أو عقابه سيقوم بإخفاء المعلومات وعدم الاعتراف بالخطأ "لا تعاقبوه على صدقه"، يقول الصالحي.
ويضيف، أن الحديث مع الطفل يكون محاولة لتحسين سلوك وتوجيهه للصواب، وتبيان أن ما يقوم به هو عمل خاطئ وسلوك غير مقبول من أكثر من جانب، وتبيان العواقب التي يمكن أن تحدث له عندما يتصرف مرة أخرى الخطأ ذاته، والابتعاد عن أسلوب المحاضرات والتلقين، واستغلال الطرق الأخرى لتبيان الخطأ مثل الأفلام التوعوية والقصص البسيطة التي تعزز قيم الأخلاق والصدق والأمانة.
وينوه الصالحي، إلى ضرورة الطلب من الطفل أن يعيد ما أخذه من الآخرين لأنها ليست ملكه، مع بعض الحزم في ذلك، بوجود أحد والديه لتقديم تبرير، بحيث لا يسيء ذلك لصورته أمام الآخرين، أما في حال لم تنجح تلك الخطوات، فينبغي أن تكون هناك عقوبات أكثر حزما، قد يصل بعضها إلى الاستعانة بمختصين.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير