"مقتل ميسي في برشلونة".. اقرأ تفاصيل الجريمة الكاملة!
ميسي.. سجِّل، اِصنع، اِبدأ الهجمة، وأنهها، كُن حلقة وسط بين الوسط والهجوم، وكن أنت الهجوم، والجناح، و"إذا سمحت لا تتوقف أبدًا"
يقدِّم ليونيل ميسي واحدة من أفضل مواسمه على الإطلاق، فبخلاف تسجيله 31 هدفا، وتمريره 13 أخرى، يظهر دوره في التحكم برتم اللعب وقيادته خط الوسط، ومساهمته في بناء اللعب وفي الربط بين كل الخطوط.. وهنا كارثة لها توابع.
كانت مشكلة برشلونة الأساسية والتي خرج بسببها خالي الوفاض الموسم الفارط هي خط الوسط –بغض النظر عن الاختراعات العجيبة للمدرب لويس إنريكي- وعلى هذا الأساس تزايدت التقارير حول استقدام الإيطالي ماركو فيراتي خلال ميركاتو الصيف، وهي فكرة منطقية نظرًا إلى تقدم إنييستا في العمر، وتراجع أداء راكيتيش وعدم قدرة سيرجيو بوسكيتس على التقدم للأمام أو المساهمة في المد الهجومي والتوغل من الخلف –وهو غير مطالب بذلك من الأساس-.
كان بديهيًا ومنتظرًا أن يتعاقد برشلونة مع لاعبين اثنين في خط الوسط على أقل تقدير، وكان من المفترض أن يصنعا الفارق وأن يمتلكا جودة عالية في التمرير والقدرة على الاحتفاظ بالكرة، لمساعدة الثلاثي الهجومي (ميسي- سواريز- نيمار) على النجاح بعد أن فشلوا في الفوز بأي شيء –تقريبا- في الموسم الأخير رغم أرقامهم المذهلة سويًا ودرجة الانسجام التي وصلوا إليها.
انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان كان كالصفعة على وجه إدارة البلوغرانا، وكرد فعل "ساذج" تُدافع به ضد الهجمات الإعلامية الشرسة حاولت جلب اسم رنّان ففشلت بداية في التعاقد مع كوتينيو ثم دفعت أكبر رقم في تاريخ النادي لجلب جناح لم ينضج بعد ويلعب في مركز بعيد عن متطلبات الفريق!
وجد المدرب الجديد ارنيستو فالفيردي نفسه في موقف صعب، هو يمتلك تشكيلة الموسم السابق بإضافة لاعب قوي بدنيا وفقير فنيا وقادم من الدوري الصيني بدلا عن نيمار.. فما كان عليه أن يفعل؟
دون تردد اتجه إلى من لا يمكن أن يخيَّبه، فأصبح ليونيل ميسي مسؤولا عن أدوار متعددة؛ التسجيل، ثم التمرير إلى مهاجم وحيد عاش فترة عصيبة من التراجع، وفي نفس الوقت لا غنى عن عودته إلى منتصف الملعب في الكثير من الأوقات للمساهمة في عملية البناء الهجومي خاصة بغياب أندريس إنييستا أو تراجع لياقته البدنية، وعدم القدرة على إيجاد لاعب بنصف إمكانات تشافي هيرنانديز.
تغيير طريقة اللعب.. وميسي الكل في الكل
من 4-3-3 إلى طريقة لم يعتد أن يلعبها برشلونة لكنها تمنح الكثير من التوازن في وسط الملعب 4-4-2، أصبح ليونيل ميسي هو فريق برشلونة.. ليس تقليلا من عمل البقية بداية من الحارس المتألق أندريه تيرشتيغن ومرورا بصامويل أومتيتي وجوردي ألبا، ثم سيرجيو بوسكيتس وانتهاء بلويس سواريز، لكنه قراءة لما أصبح عليه الوضع خاصة في الجانب الهجومي للبلوغرانا.
ميسي هو المطالب بالتسجيل، ميسي هو المطالب بالتمرير، ميسي مطالب ببدء الهجمة، ميسي مطالب بالضغط على مدافعي الخصم لمنعهم من التقدم بهدوء، وميسي مطالب بالتوغل بسرعة هائلة ليصبح رأس حربة ثانٍ حين يمرر هو الكرة إلى ألبا على الرواق الأيسر، ثم ميسي مطالب بالعودة إلى مشارف منطقة جزاء فريقه أحيانا لو فشل بوسكيتس في الربط بين الوسط والدفاع، وميسي مطالب كثيرا بتأدية أدوار لاعب "البوكس تو بوكس" في ظل عدم قدرة البرازيلي باولينيو على تأدية هذا الدور بسبب سوء تمريراته رغم قوته البدنية، وميسي لا غنى عنه في مركز رقم 10 حيث يمد لويس سواريز بالكرات طوال المباراة.
جهود غير عادية.. وعنف متكرر
هذا ممتع كثيرا بالنسبة إلى أي مشاهد، فمن النادر أن يتحمل لاعب واحد جميع المسؤوليات في فريق بحجم برشلونة، خاصة أنه غالبا ما ينجح في فعل كل ذلك بطريقة مبهرة وبتلقائية مثيرة للدهشة.. ولكن.
في فترات سابقة كان برشلونة يبدأ الهجمة بشكل منظم وبطريقة لا يسهل السيطرة عليها، من بوسكيتس إلى تشافي أحد عباقرة خط الوسط في تهدئة أو تسريع رتم المباراة، وواحد من أفضل من أنجبت إسبانيا في التمرير القصير، وهناك تبدأ محطة مهمة للتحول من الدفاع إلى الهجوم.. داني ألفيس يصعد كجناح.. أندريس إنييستا يقترب عدة خطوات من تشافي متيحا له زوايا التمرير.. الجناح الأيسر يتجهز لتمريرة مخادعة خلف الدفاع.. وليونيل ميسي يتسرب من المراقبة في الثلث الأمامي من الملعب.
كل هذا تم اختصاره في ليونيل ميسي، لا تشافي موجودًا.. لا إنييستا في كامل لياقته.. وبوسكيتس يجد بجواره اثنين ليس لديهما أي قدرة تذكر على الاحتفاظ بالكرة أو بناء اللعب بشكل صحيح وهما باولينيو وأندريه غوميز.. فيضطر إلى التحسر على تشافي والبحث عن حل آخر يكون غالبا ميسي الذي يبدأ كل شيء وينهيه إن استطاع!
الميركاتو المثالي لبرشلونة، هو استقدام لاعبين اثنين، أحدهما "لاعب وسط متحرك ومهاري، والآخر ذكي ويستطيع التحكم في الرتم ونقل الفريق بسلاسة لتوفير جهد ميسي.. وليس التفكير في غريزمان مثلا".
برشلونة بحاجة ماسّة إلى لاعب بقيمة وقدرات كيفين دي بروين -مثلا- للمساهمة في التحول من الدفاع للهجوم، وبحاجة إلى معوض لإنييستا –ولا يمكن أن يكون كوتينيو الذي يجيد تسلم الكرة في المناطق الأمامية وعلى الأطراف ويلعب بطريقة رأسية غالبًا-. مع عدم نسيان أن بوسكيتس بلغ الثلاثين، والبحث عن بديل له لن يكون سهلا لكنه أمر لا غنى عنه.
ميسي أفضل لاعب في العالم.. هذا واضح.. يمكنه أن يفعل كل شيء في الملعب لمباراة، أو اثنتين، أو عشر.. وربما يمكن -مع تقسيط جهده- أن يقّدم موسما كاملا على هذا المنوال العنيف بدنيا.. لكن عواقب ما تفعله إدارة برشلونة سيكون وخيمًا.
البرغوث بلغ الثلاثين من عمره، يحتاج إلى تقليل جهده واقتصار عمله في الثلث الأمامي من الملعب وليس تأدية كل الأدوار، هذا ضروري لإطالة أيامه في الملاعب.. هو يجيد كل شيء، صحيح، لكنه -بالمناسبة- بشر وليس آلة لا تعطب.